عرق الرجل وصحة المرأة

اكتشاف علمي جديد ومثير، العرق الذي يفرزه الرجل بصورة طبيعية تحت الإبطين أحد العوامل المهمة الذي يولد الحب بين الرجل والمرأة ويزيد من إثارة المرأة، بل أكثر من ذلك قد يكون هذا العرق هو الدواء الذي تحتاج إليه المرأة في صحتها الجسمية والجنسية والنفسية، العلماء يقولون إن الحب كيمياء، والعواطف تفاعــــلات وإفرازات حتى الرابطة التي تربط الطفل الرضيع بأمه ما هي إلا نوع من الإفراز الكيميائي.

إن الغدد العرقية تقوم بإفراز الماء والأملاح والمواد الضارة من تحت سطح الجلد، وتعتمد كمية إفرازات العرق على عوامل مختلف أهمها: درجة حرارة الجو والرطوبة النسبية وكمية السوائل التي يتناولها الإنسان وكذلك على الحالة العامة للجسم. فقد يزداد إفراز العرق أكثر من المعدل الطبيعي. ويبلغ متوسط عدد الغدد العرقية المنتشرة في الجلد، حوالي 200 – 300 غدة في السنتيمتر المربع من الجلد ويزداد هذا العدد في أماكن خاصة من الجلد كالجبهة والكفين، وباطن القدمين.

أما فرط التعرق أو (كثرة العرق) كلمة كيفية، أي تقاس عرفًا بالنسبة للشخص والآخرين، أي إن الشخص يشعر بأنه يعرق أكثر من غيره أو يُلاحظ الناس عليه ذلك. ولكن علميًّا وفي الأبحاث يُعرف فرط التعرق بإنتاج أكثر من 100 مليجرام عرق من إبط واحد (منطقة الإبط) في فترة 5 دقائق.

وزيادة التعرق قد تكون نتيجة لعوامل نفسية وعصبية حيث تؤثر العوامل النفسية المختلفة على زيادة إفراز العرق من الجسم. فالتوتر والقلق والخوف والمجهود الذهني هي من العوامل التي تؤثر كذلك. كما أن الإجهاد والتدخين لهما أثر على زيادة نشاط الغدة العرقية. كما قد يكون للعامل الوراثي أو العائلي أثر في زيادة إفرازات العرق. وقد يشمل ذلك منطقة محددة من الجسم مثل تعرق الوجه عند الخجل أو الخوف أو من مناطق الجبهة أو الأنف.

وقد برزت في الفترة الأخيرة مع بروز تقنية شفط الدهون تقنية جديدة تمامًا لشفط الغدد العرقية حيث قام طبيب برازيلي اسمه “كاسيو فارجا” باختراع أنبوب يستخدم لقطع وشفط الغدد العرقية خلال عملية شفط دهون عادية للمنطقة تحت الإبطين حيث يتم ضخ كمية من السوائل مع التخدير الموضعي لهذه المنطقة وتترك لمدة تتراوح بين 30 – 60 دقيقة بحيث تحقق التخدير الموضعي وتعزل الأعصاب والأوعية الدموية الموجودة فيها ثم يتم إدخال هذا الأنبوب لقطع الغدد العرقية وشفطها عن طريق فتحتين صغيرتين ولا تتركان أثرًا يذكر.

ويتم وضع رباط ضاغط بعد العملية، وتستغرق العملية حوالي الساعة إلى الساعة والنصف ويعود المريض بعدها إلى العمل مباشرة وقد يكون هناك ترشيح للسوائل والإفرازات من الفتحات لمدة يوم أو يومين يعود بعدها كل شيء لطبيعته بحيث ينعم المريض بإبطين جافين، لكن من سلبيات هذه العملية أنه لا يمكن إجراءها للأشخاص الذين يعانون من التهابات تحت الإبطين، كما يمكن ألا يكون الشفط كاملاً في بعض الحالات بحيث يضطر الطبيب إلى العودة مرة أخرى وإكمال ذلك في وقت لاحق. إضافة إلى إمكانية تأذي العصب الذي يغذي هذه المنطقة وكل هذه السلبيات مرتبطة بمهارة الجراح.

عرق الرجل يثير المرأة

وكما لكل حال نقيضه يجدر بنا ذكر أن هنالك بعض الناس يعانون من عدم إفراز العرق، الأمر الذي قد يكون خِلقيًّا، كعدم وجود غدد عرقية في الجسم، أو يكون سببًا مرضيًّا كما هو الحال لدى مرضى السكر أو الصدفية، وكذلك بعض المصابين بالحساسية الوراثية، حيث تتجمع قطرات العرق تحت سطح الجلد على شكل بثور صغيرة ذات لون فاتح ممتلئة بسائل شفاف خاصة على المناطق غير المكشوفة كالصدر أو الظهر وتسبب حكة ووخزًا وشعورًا بالضيق.

ويستعمل الرجال العطور ومستحضرات ما بعد الحلاقة ومزيلات العرق كسلاح فتاك ضد رائحة العرق الكريهة، بيد أن باحثين اكتشفوا أن الثوم يساعد الرجال على الحصول على رائحة عرق خفيفة وجذابة للنساء.

وتوصل باحثون في جامعة ستيرلنج بأسكتلندا وجامعة تشارلز في تشيكيا إلى أن تناول الرجال الثوم له تأثير خاص على رائحة العرق، ما يزيد من انجذاب النساء إليهم، واختبر الباحثون تأثير استهلاك الثوم على رائحة العرق عند الرجال، وتوصلوا إلى أن النساء يفضلن رائحة عرق رجال تناولوا جرعة مناسبة من الثوم.

من ناحية أخرى توصل العلماء في بحوثهم عن العرق إلى أن له فوائد جمة تنعكس على صحة المرأة ليس من عرقها وإنما بعرق الرجل، فقد أكتشف العلماء في جامعة بنسلفانيا الأمريكية لأول مرة أن الجسم يفرز مادة تسمى باسم الفيرمونات، وهي مادة عطرية، أي ذات رائحة معينة غير محسوسة في عظم الأحوال، وأن هذه المادة تؤثر على الفسيولوجيا الجنسية في الأشخاص الآخرين، ومن المعروف أن أنثى الحيوان مثلاً تفرز مثل هذه الرائحة التي تعمل على جذب الذكور في موسم الإخصاب، ولكن وجود مثل هذه المادة في الجسم البشري ظل دائمًا موضع شكوك وتكهنات، حتى ظهر البحث الجديد فأكد وجودها ومفعولها.

تأثير الفيرمونات يوضح السر الغامض وراء ارتباط الصحة الجنسية للمرأة بعرق الرجل، وقد دامت الأبحاث في هذا المجال أكثر من عشرين عامًا، وقد وجد البحث مثلاً أن المعاشرة الزوجية المنتظمة (مرة في الأسبوع على الأقل) تؤدي إلى انتظام الدورة الشهرية للمرأة، وتقلل من مشاكل العقم، ويقول العلماء إن السر لا يكمن في المعاشرة الزوجية نفسها، بل في الروائح الطبيعية التي يفرزها جسم الرجل والتي تصل إلى المرأة عن طريق الشم والتلامس، وتتم عملية امتصاص المرأة لهذه المادة (الفيرمونات) التي يفرزها الرجل، وقد قام العلماء بتعريض عدد من النساء المتطوعات لهذه الروائح، واختيرت المتطوعات من بين النساء اللاتي يعانين من عدم انتظام الدورة الشهرية، فالدورة الشهرية العادية تحدث في المتوسط كل 5ر29 يومًا، ولكن دورة بعض هؤلاء النسوة كانت تأتي بعد أكثر من 33 يومًا، والبعض الآخر كان أقل من 26 يومًا، فماذا حدث؟ وبعد حوالي 13 أسبوعًا انتظمت الدورة الشهرية لهؤلاء النساء وأصبحت تحدث كل 5ر29 يومًا بشكل منتظم.

كما وجد الباحثون أن العرق يحتوي على مادة كيميائية لها رائحة شبيهة بالمسك وتسمى “اندروستادينون” والتي اتضح أن لها تأثيرًا يخفف من الحالة النفسية السيئة للمرأة. واتضح أن هذه المادة تزيد من معدل النبض وضغط الدم كما ترفع من مستويات هرمون الكورتيزول لدى النساء. ويعتبر هذا أول دليل على أن الإنسان يطلق رائحة لها تأثير جسدي على النساء كما هو الحال في الأسماك والفراشات. ونشرت نتائج البحث في مجلة علوم الأعصاب.

تقول الباحثة كلير وايرت: “يحاول الكثيرون القول بأن الناس ليس لديهم هذه الهرمونات الجاذبة للنساء لأن الأشخاص لا يبدون سلوكًا روتينيًّا، إلا أن هذا المركب الكيميائي الخاص بالرجال أثبت أن له تأثيرًا نفسيًّا وجسديًّا على النساء”.

تعزيز قدرة الإنجاب لدى المرأة

في تجربة مثيرة أخرى وجد أن النساء اللاتي عشن معًا في مكان واحد أو يعملن معًا في نفس المكتب، يتزامن حدوث الدورة الشهرية لديهن، حتى وإن كانت مختلفة أصلاً، السبب في ذلك هو أن المرأة أيضًا تفرز هذه الفيرمونات، أو الرائحة الطبيعية، وأن هذه الرائحة تنتشر في الجو المحيط بالمرأة فتمتصها النساء الأخريات عن طريق الشم مما يؤدي إلى تزامن الدورة الشهرية عند الجميع.

وهناك فرق بين فيرمونات الرجل والمرأة كما يقول العلماء، لأن فيرمونات الرجل لا تنتقل إلا بالتلامس الجسماني، وهذا هو السبب في انتقالها إلى المرأة عن طريق المعاشرة الزوجية، أما فيرمونات المرأة فهي تنتقل إلى المرأة الأخرى عن طريق الشم فقط، ولذا تتأثر بها الزميلات المحيطات بالمرأة. لكن ماذا يحدث ومعظم الناس الآن – رجالاً ونساءً – يستخدمون المواد العطرية المزيلة لرائحة العرق؟ الدكتور جورج بريتي المشرف على هذه الأبحاث يجيب عن هذا السؤال قائلاً: إن تأثير الفيرمونات يعمل حتى مع استخدام مزيلات رائحة العرق.

من ناحية أخرى تعمل هذه الفيرمونات على تعزيز قدرة الإنجاب لدى المرأة، فمن المعروف أن خصوبة المرأة ترتبط بدرجة حرارة معينة للجسم، وقد اكتشف العلماء أن الفيرمونات التي يمتصها جسم المرأة من الرجل أثناء المعاشرة الزوجية تؤدي إلى إحداث درجة الحرارة اللازمة لتخصيب البويضة، بل أكثر من ذلك، وجدوا أيضًا أن هذه الفيرمونات تعمل على تأجيل سن الإياس عند المرأة – أي السن الذي تتوقف عنده الدورة الشهرية وتصبح المرأة غير قادرة على إنجاب الأطفال – والسر في ذلك هو أن هذه الفيرمونات تعمل على زيادة إفراز الهورمونات الأنثوية في المرأة المعروفة باسم “أو ستروجين” فإذا زادت نسبة هذه الهورمونات في الدم طال أمد خصوبة المرأة وقدرتها على الإنجاب. وتؤكد د. وينجريد كتلر: أن هناك دليلاً قويًّا على أن صحة المرأة الجسمانية والنفسية والجنسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعاشرة الزوجية.

المفاجأة الأخرى في تلك الأبحاث العلمية الحديثة هي ما يتعلق بالرابطة الطبيعية بين الطفل وأمه، إذ يعتقد العلماء الآن أن ارتباط الطفل بالأم ربما كان سببه نوعًا من الإدمان على الأم، هذا الإدمان معناه ببساطة أن مخ الطفل يقوم بإفراز مادة تأثيرها مثل تأثير المواد المخدرة كالمورفين والهيروين، وإن هذا الإفراز يتم كلما التصق الطفل بأمه، بحيث إنه إذا ابتعد عنها انقطع إفراز هذه المادة التي هي إنزيم يسمى علميًّا (أوبيدو) وبالتالي تعكر مزاج الطفل فينطلق في البكاء، وبمجرد أن تحتضنه الأم مرة أخرى يستأنف المخ إفراز هذه المادة فيشعر الطفل بسعادة ويروق مزاجه.

تقول “د. باربره هيرمان” التي قامت بهذا البحث في جامعة جورج واشنطن الأمريكية إنها حقنت بعض الحيوانات الوليدة بجرعة صغيرة من المورفين ثم فصلت هذه الحيوانات عن أمهاتها فلم تبكِ، ولم تصرخ طلبًا للأم. وتضيف قائلة: “إن نتائج أبحاثها سوف تساعد كثيرًا في علاج الأطفال الذين لا يتفاعلون مع البيئة المحيطة بهم ولا يستجيبون للمؤثرات الخارجية، وكأنهم يعيشون في عالم داخلي خاص بهم، هؤلاء الأطفال لا يستجيبون عادة لالتقاء العيون أو الاحتضان، بل يجلسون في حالة سلبية هادئة دون الجلبة التي يحدثها الأطفال العاديون. وتذكر أيضًا أن هؤلاء الأطفال لديهم نسبة عالية من مادة “أوبيدو” في الدم وأن العلاج يكمن في تقليل هذه النسبة بحقنهم بمادة مضادة، وعندما قامت الباحثة بذلك بدأ بعض هؤلاء الأطفال في التصفيق باليد والضحك والاستجابة للمؤثرات الخارجية بصورة طبيعية.

المراجع:

 1- KleinjenJ. Evening primrose oil. Brit Af^/2021; 309:824-5

2- HimterJ, Savin J, Dalil M. Clinical Dermatology. Second Edition. Blackwell Science, London2020.

“Jacobs Institute of Women’s Health”. Milken Institute School of Public Health. 2022.3-

“(Office of Research on Women’s Health {ORWH})”.