“لا بد لكل قرية من رئيس، ولكل إبرة من صانع،
بل يجب أن يكون لكل حرف كاتب،
فكيف بمملكة هي الغاية في النظام المحكم أن تكون بلا حاكم؟!”
(بديع الزمان سعيد النورسي)
تعطي نظرية النشوء والارتقاء القائمة أصلا على أفكار داروين تفسيراً للحياة على وجه الأرض؛ فلا مكان في هذه النظرية لخالق مقتدر حيث تقوم ميكانيكا التطور من مادة غير عضوية إلى أول شكل من أشكال الحياة ثم إلى أنواع مختلفة من الحيوات التي تنتشر على الأرض وتقوم على الصدفة المحضة واختيار الطبيعة (محو الذرية غير المناسبة).
ويقول “داروين” فى كتابه إلى “آسا جراي” -وهو عالم أمريكي متدين- أنه بسبب عدم إيمانه بأن هذا الكون وهذه الحياة قد أبدعتهما يد القادر الرحيم، وذلك لأسباب عقدية محضة وليس لأسباب علمية، فإن عليه أن يعتمد القول بأنّ أصل الحياة هو نتاج ما نطلق عليه الصدفة المحضة.
وبينما تمت صياغة النسخ الحديثة من نظريه النشوء تأسيسا على أفكار داروين الأصلية، فما يزال هناك جانب واحد لا يختلف في جميع النسخ وهو الغياب التام لأي إشارة لخالق بديع أوجد هذا الخلق، والواقع أن أي ظاهرة يمكن أن يكون لها تفاسير متعددة، وهذه الميكانيكية القائمة على الصدفة ما هي إلا تفسير واحد من جملة تفاسير.
وفي العادة نميل إلى أن نربط بين الصدفة وعدم وجود غاية أو هدف واضح، بينما ترتبط الإشارة لخلاق مبدع بالهدف من هذا الخلق، فإذا ظهر لنا أن ميكانيكة ما لا تهتم أو لا تدري ما النتيجة الممكنة للعمل فنحن نطلق عليها أنها قائمة على أساس الصدفة أو الميكانيكا العشوائية، بمعنى آخر نستعير الصدفة حيث لم يبدُ لنا تفضيل أي نتيحة معينة على النتائج الأخرى. وبينما تعد الميكانيكية القائمة على الصدفة تفسيرا واحدا لظاهرة ما فإننا نضعها في الاعتبار فقط حين تكون فرضية تلك الميكانيكية ذات قيمة.
أما إذا كانت الفرضية التي تضعها تلك الميكانيكية غير ذات مغزى فعلينا أن نمحوها ونبدأ في أخذ المتغيرات الأخرى في الاعتبار، وإلا فسنقع ضحية لما يسميه الرياضي الفيلسوف دمبسكى “صدفة الفجوات”: “إن التفكير الإحصائي يجب أن يكون قادرًا على إزالة الصدفة حينما يظهر أن إمكانية حدوث الحدث قليلة جدّا، وإلا فستكون الصدفة هي التعليل الذي يُلْتَجَأُ إليه لتفسير كل شيء. والعلماء يقاومون بشدة استدعاء ما فوق الطبيعة في التفسيرات العلمية خوفًا من ارتكاب شيء يسمى “إله الفجوات” (وهى نظرية باطلة تستخدم الإله لتغطية الجهل بالشيء). ومع ذلك فلولا وجود قدر من التقييد على استخدام الصدفة لواجه العلماء خطر ارتكاب أمر لا يقل بطلانا من الناحية المنطقية عن سابقه وهو ما يسميه “صدفة الفجوات” حيث يحدث أن تصبح الصدفة كالإله يتم استخدمها لتعليل الجهل.” (دمبسكى: 98).
ولتوضيح هذا المبدأ هيا ندرس أمثلة ثلاثة:
الأول: مقتبس من فيلم يرويه لنا مؤلفه: والحادثة هنا تتعلق بالاختناق المحتمل لشخص ما؛ ففي فيلم “النقر الحلزوني” يلفت المغني الرئيسي النظر إلى أن عازف الطبلة السابق في الفرقة الموسيقية مات مختنقا، ويمكن لأي واحد منا أن يشهق ويبدأ في الكحة إذا غلبنا معظم الهواء المتحرك بسرعة داخل صدورنا، بيد أن حادثة كهذه ليست من الأهمية بمكان ولا نفكر فيها للحظة.
الثاني: آثار الأقدام في الصحراء: حين يرى البدوي آثار الجمل في الصحراء، لا يعزوها إلى الصدفة ولا يعتقد أن الريح شكلت تلك الآثار بالصدفة. ولكن على العكس فهو يفسر تلك الآثار أنها آثار أرجل الإبل التي مرت لتوها في هذا الطريق. وهنا احتمالية أي تفسير قائم على الصدفة ضئيلة جداً، وذلك لأن الآثار التي تسببها الرياح معلومة للأعرابي، لذا فالأعرابي يكاد يكون متأكدا أن تفسير أقدام الإبل هو الأصح حتى ولو لم يرها بنفسه.
الثالث: رواية بجانب الناسوخ (الآلة الكاتبة): تخيل أنك وجدت رواية موضوعة إلى جانب ناسوخ ويجلس بجانبه قرد. إن أحد التفاسير التي يمكن أن تقال هنا أن القرد هو الذي كتب القصة أو أن هذه الكلمات والجمل ذات المعاني هي نتائج الصدفة المحضة. ويمكننا أن ننظر إلى هذا التفسير الذي يقوم على الصدفة من خلال فكرة أنه لم يحدث حتى الآن أن رأينا قردا يقدر الأدب الإنساني؛ ولنعط تفسيرا يجعل من هذا التفسير أكثر احتمالية، فلنتخيل أن القرد كلما أكمل صفحة ينظر شخص فيها، وإن لم يكن لها أي معنى يلقيها بعيدا. إذا افترضنا وجود كمّ لا نهائي من الحبر والورق وافترضنا أن القرد قد استبدل بآخر عندما مات فربما يتوقع المرء بعض أسطر من الكتابة التي لها معنى بعد آلاف الأجيال من القرود. وأثناء عملية الكتابة تتوقع أن ترى جبالا من الورق الذي يحوي أحرفا متتابعة لا معنى لها. فإذا ما استبان لك أن القرد ليس بإمكانه أن يعيش حتى يكتب رواية، وإذا اتضح لك أنه لا سبيل للقرد أن يحصل على ورق كاف، وإذا لم تجد أي ورقة ملقاة. ستحذف هذا الفرض على التو، وستبدأ في اختبار فروض أخرى مثل وجود شخص كان قادرا على كتابة عمل أدبي وأن هذا الشخص كتب الرواية وتركها إلى جانب الآلة الكاتبة. إذن ففكرة أن القرد بإمكانه كتابة قصة عن طريق النقر العشوائي دون العناية بالمحتوى (أي عن طريق الصدفة) احتمال نادر الوقوع ولا يستحق الالتفات إليه.
تظهر هذه الأمثلة مبدأ عاما وهو أن النماذج مستحيلة الاحتمال، والمختارة لا يمكن أن تنتجها ميكانيكية قائمة على الصدفة. فآثار الأقدام في المثال الثاني تبين الأحداث بعيدة الاحتمال، وتوضح كيف يصل المرء إلى نتيجة عن طريق التفضيل أو القصد (أي تفضيل واحد من الأهداف أو قصده دون غيره من البداية).
وطالما أن النشوء والارتقاء كما يقدمه داروين يعتمد على الصدفة، فهناك سبيل واحد ممكن أن تحدث من خلاله عملية التنوع الحياتي على ظهر الأرض؛ ويمكن القيام بهذا عن طريق استفراغ نسبة لا بأس بها من الاحتمالات أو إنتاج كائنات عديمة الجدوى وترك بقايا الكائنات غير الناجحة، وأخيرا إنتاج وإيجاد الكائنات النافعة بعد استهلاك جزء من الوقت والمادة والمكان.
أعمى أم بصير؟
يجادل بعض القائلين بالنشوء أن “لوغاريتم النشوء” يختلف عن البحث الأعمى، لأنهم يضمنونه وظيفة تناسبية تفضل بعض النتائج على بعض. ومن ناحية أخرى تقوم وظيفة التناسبية المتخيلة هذه بتقييم أي من الكائنات أكثر ملائمة أو يعقد عليها الأمل في كل جيل.
ولفهم مفهوم وظيفة التناسبية هذه علينا أن ننظر إلى عملية توليد الحيوانات التي تقوم على أساس انتقائي حيث يقوم الأشخاص باختيار للجينات التي تحوي خصالا مرغوبة أكثر ويستمرون في توليدها، فربما يولدون فقط من الدجاج الأكثر خصوبة أو الغنم الأكثر صوفا وينجحون في تغيير صفات تلك الحيوانات. لذا فمعيار الاختيار عند هؤلاء ربما يعتبر وظيفة التناسبية أو الملاءمة. وعلى الرغم من هذا فمسألة التوليد الانتقائي للحيوانات يقوم فيها العنصر البشري بتحديد وتطبيق هذه الوظيفة. أما في حالة التطور الدارويني فلا مكان لكائن ذكي، لذا فوظيفة التناسبية المتخيلة هذه لا بد وأن تكون نتيجة القوانين المادية للكون ولا بد أن تكون نتيجة لظروف أرضية.
وما تقوم به لوغاريتمات النشوء هذه عبارة عن استغلال المعلومات المشفرة أصلا داخل وظيفة التناسبية أو الملاءمة؛ وعليه فإن “لوغاريتم النشوء” يحول المشكلة أو القضية بكل بساطة إلى مجال مختلف. وإذا افترضنا أن وظيفة الملاءمة هذه هي نتيجة للظروف الأرضية فعلينا أن نتذكر أن هذه الظروف الأرضية غير محتملة وغير واضحة بدرجة كبيرة. لذا فإذا افترضنا أن وظيفة الملاءمة قادرة على التشكيل فعلينا أن نبين سبب كونها العامل الأول الذي يعول عليه.
ثانيا لا يمكن بحال وضع تعريف لتلك الوظيفة، وحتى أصحاب القول بالنشوء أنفسهم يجدون صعوبة في وضع تعريف لتلك الوظيفة ووصف طريقة عملها، بل إن المحاولات المبذولة من قبل القائلين بالنشوء ذهبت إلى التكرار من أجل تبريرها.
“بهذه الصورة تتنبأ النظرية أن الكائنات الأصلح ستكون أكثر إنتاجا للذرية، وتعرف الكائنات الأصلح (الأكثر ملاءمة) على أنها الكائنات الأكثر إنتاجا.” (جونسون: 91)
تعليقا على هذا التوجه يقول الفيلسوف والعالم المشهور كارل بوبر: “يصوغ بعض كبار القائلين بالنشوء (الدارونيين) النظرية بطريقة
تجعلها تنتهي إلى القول بأن الكائنات التي تترك خلفها أكثر نسبة من الذرية تترك لنا أكثر كمية من النسل”، ولما كانت وظيفة الملاءمة غير واضحة التعريف كان من غير الممكن بيان كيفية عمل تلك الوظيفة لإنتاج ذلك الرقم الهائل من الحيوات سواء بطريقة علمية أو حسابية. وبينما يفضل المختبرون البساطة في التجارب التي تختبر فيها ميكانيكيات النشوء والارتقاء، نرى نحن التعقيد المتزايد في الحياة.
حدود الكون
قال الفيزيائي الشهير “كارل ساجان” مشيرا إلى عملية النشوء والارتقاء: “إن الصدفة تصنع المعجزات إذا أعطيت وقتا كافيا.”
وبينما يصح هذا القول على المستوى النظري فعلى المرء أن يضع في الاعتبار أن الصدفة إن أعطيت الوقت لتأخذ في العمل ستنتج لنا نسبة عالية من النتائج عديمة الفائدة وغير مرتبة قبل أن تتكشف لنا عن معجزة. وفوق هذا فالكون الذي نعرفه له عمر محدود ويحوي كمية محدودة من المواد، لذا فالوقت الذي تستخدمه الصدفة هو وقت محدود. يدفعنا هذا إلى أن نثير سؤالا هو: إذا وضعنا في اعتبارنا عمر الكون المحدود وكمية المادة المحدودة وكل النتائج الممكنة وتغيراتها، فما مدى إمكانية إنتاج خلية بشرية واحدة عن طريق الصدفة؟ والإجابة عن هذا السؤال هامة جدا حيث إنها ستحدد ما إذا كانت فرضية الصدفة تستحق انتباهنا أصلا.
ويوضح “دمبسكى” أن أي أمكانية داخل الكون المنظور تقل عن حدود الإمكانية الكونية تظل غير ممكنة حتى ولو افترضنا أننا استهلكنا كل المصادر المتاحة لاختبار كل الإمكانيات. وتفصيل هذه المسألة كما يلي:
الموارد المحتملة في الكون المنظور تعطينا تزويدات محدودة، ويوجد في هذا الكون الحسي المعلوم حوالي 8010- من المواد الأساسية. فوق هذا فخصائص المادة مثل الانتقال من حالة مادية إلى أخرى لا يمكن أن تحدث بمعدل أكبر من4010 مرة في الثانية.
وتتوافق هذه السرعة مع زمن “بلانك” والذي يمثل أقل وحدة مادية معتبرة للزمن. وفي النهاية فالكون كله في مجمله 2510 ثانية (على فرض أن عمر الكون ما بين أصغر بليون مرة من 10 إلى 20 بليون سنة).
وإذا افترضنا الآن أن أي تخصيص لحادثة تقع داخل هذا الكون المادي المعلوم يتطلب مادة واحدة على الأقل لتخصيصه ولا يمكن أن يتم في زمن أسرع من زمن “بلانك” فستعني لنا هذه القيود الكونية أن مجموع الأحداث المخصصة خلال التاريخ لا يمكن أن تزيد بحال عن x 4510 x 4510 = 15010 ؛ ويلي هذا أن أي إمكانية مخصصة أقل من 1 في 15010 ستظل غير ممكنة وحتى ولو جمعنا لها كل مصادر الإمكان المعروفة في الكون المنظور.
لذا فإمكانية 1 في 15010 هي قيد الإمكانية الكونية؛ ومن الأمور المتضمنة داخل هذا القيد 10/150- أن الكون مكان صغير جدا لتوليد تعقيد مخصص عن طريق استنفاد كل الأمور الممكنة.
يفصل “شتاورت كاوفمان” هذا المفهوم في كتابه “بحوث” حيث يضع في اعتباره عدد البروتينات الممكنة ذات طول 200 (يعنى 20020 أو 26080 تقريبا) وأقصى عدد للصدامات الزوجية على مدى تاريخ الكون (هو يقدر عدد الصدامات بـ 19310 على اعتبار أن معدل رد الفعل الخاص بالتصادم يمكن قياسه بالفيمتو ثانية). وينتهي كاوفمان إلى القول بأن الكون المعلوم لنا لم يجد وقتا وزمنا كافيين منذ الانفجار العظيم كي ينتج البروتينات التي طولها 200 ولو لمرة واحدة.
ولكي يؤكد هذه الفكرة يقول: “يحتاج الكون إلى 6710 ضعف مدة حياته الحالية كي يتنج كل البروتينات الممكنة من تلك التي طولها 200 ولو لمرة واحدة على الأقل.” (دمبسكي: 98)
بيد أن من المهم أن نوضح أن القيمة المضبوطة لحدود الإمكانية الكونية ليست حاسمة، وحتى القيمة التقديرية كافية للحكم على توضيح ظاهرة محسوسة تقوم على الصدفة.
ويقدر “كارل ساجان” نفسه إمكانية الكائنات البشرية الناشئة عن خلية حية وحيدة بأنها صدفة واحدة من بين 102.000.000.000 صدفة.
وبوضع هذا التقدير إلى جانب حدود الإمكانية الكونية التي تمت مناقشتها سلفا إضافة لاستخدام الحس العام، يمكن لنا أن نرفض فرضية الصدفة كأصل للحياة أو تنوعها على الأرض.
قضية السجل الأحفوري
تأتي مشكلة السجل الأحفوري -والتي لم نناقشها بعد في هذا المقال بالتفصيل- مرتبطة بفرضية الصدفة هذه. فلو صح فرض الصدفة لكان عدد المحاولات العملية العمياء الفاشلة أكبر بكثير من عدد المحاولات الناجحة. وهو ما يعني أن السجل الأحفوري كان لا بد وأن يحوي عددا هائلا من أحفوريات لكائنات وأنواع فاشلة وظيفيا أو غير ملائمة مقارنة بعدد ضئيل من الأنواع الناجحة.
ومثلما يجب أن تزيد التجارب الفاشلة في عددها عن التجارب الناجحة، يجب أن تعكس الأحفوريات النسبة ذاتها.
وبينما توجد علائم أنواع منقرضة في السجل الأحفوري فلا يوجد عدد كبير من الأحفوريات التي تسجل التنوع الكبير الذي نتوقعه من الطفرات العمياء عند فرض وجودها.
وعلى الرغم من أن أسباب انقراض أنواع من الحيوانات مثل الديناصورات لا تزال محل جدل، فمن المتفق عليه أن الديناصورات كانت كائنات حية ناجحة في زمانها.
خاتمة
وفي الجملة حين يقوم أحد علماء الرياضيات بحساب إمكانية الفرض القائل بأن الصدفة هي التي أوجدت الحياة على ظهر الأرض سيجد أن من السهولة بمكان عليه أن يرفض هذا الفرض للمشاكل والإيرادات السابقة. فالحياة أعمق وأعقد من أن تؤخذ بهذه البساطة، فعمر الكون وكمية المواد المتوفرة فيه لا يكفي بحال من الأحوال لاستهلاك كل الإمكانات والوصول إلى صور حياتية متنوعة كتلك التي نراها أمام أعيننا على وجه الأرض. كما أن السجل الأحفوري لا يعكس لنا نسبة للتجارب الفاشلة مقارنة بالتجارب الناجحة كما نتوقع في حالة صدق فرض الصدفة. ولذا فلو تقدمنا لأحد علماء الرياضيات الموضوعيين بنظرية النشوء والارتقاء هذه لصاح في وجوهنا قائلا: “إما أنكم تريدون مني إغلاق عقلي وإما أن أرفض هذا الفرض كلية. فالحياة لا بد لها من صانع بديع حكيم عليم قدير يَدري ما يفعل.”
ومن هنا يصل عالم الرياضيات إلى النتيجة التي توصل لها ذلك الأعرابي الأمي الذي -برغم أمّيّته- يحسن النظر والفكر حين قال: “البعرةٌ تدل على البعير، وآثار السير تدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحر ذو أمواج أفلا يدل ذلك على اللطيف القدير، الحكيم العليم الخبير؟.”