شَهْرُ الصِّيَامِ رَمَى خَلْفًا بِهِ الفَلَكُ

محمد البيضاوي الشنقيطي:

محمدُ البيضاويُّ بنُ عبدِالله بنِ محمدِ بنِ أمانةِ الله بن الأمين الشنقيطي، عَلَّامةٌ أديب، رمزٌ مميزٌ في الشعر المَغْربي زمنَ الحمايةِ، ومَعْلَمًا من مَعالِمها البارزين، وُلدَ في بلدة جوك، منطقة تِكانْت، جنوب شِنقيطٍ (موريتانيا)، وينتهي نسبه إلى جاكان جدِّ قبيلة تِجْكانت، حفظَ القرآنَ، وتعلم اللغةَ والتاريخَ على أُمِّه خديجة بنت البيضاوي وهو ابنُ إحدى عشرةَ سنةً، ثم جاورَ الشيخَ ماءَ العينينِ في السَّمَارةِ، ثم رحلَ إلى مَرَّاكش عامَ ستةٍ وعشرينَ وثلاثِمئةٍ وألفٍ للهجرة (1326هـ)، وإلى فاس، وتنقَّلَ بين مصرَ والحجاز، وكان جريئًا مقدامًا كريمًا محبًّا للطربِ، مشاركًا في العلوم، وتوفي في مَرَّاكش سنة خمسٍ وستينَ وثلاثِمئةٍ وألفٍ للهجرة (1365هـ/ 1945م)…

قال من البحر البسيط:

شَهْرُ الصِّيَامِ رَمَى خَلْفًا بِهِ الفَلَكُ       فَقَهْقَهَ الفطرُ، واسْتهوَى بِهِ الضَّحِكُ
وإِذْ تراءَت جُيُوشُ العيدِ زاحِفَةً         تَقهقَرَ النَّومُ، والإمسَاكُ، والنُّسُكُ
واستنَّتِ الجِنُّ بينَ النَّاسِ مُطلَقَةً        فالخَلقُ أجمَعُ في اللَّذَّات مُشتَرِكُ
ما أحسَنَ المُسلِمِينَ الصَّائِمِينَ، وَمَا       أبدَوْهُ لَمَّا انجَلَى عَن صُبحِهِ الحَلَكُ
قامُوا وصامُوا، وبالعيدِ ازدَهَوْا فرَحًا        للهِ، للهِ، ما جاؤُوا، وما تَرَكُوا
تَجَمْهَرُوا لِلْمُصلَّى؛ يشكُرونَ علَى          فَضلِ المهَيمِنِ، والتَّكبِيرُ مُنسَفِكُ
أَدَّوْا صلاتَهُمُ المُثلَى، كأنَّهُمُ         وَهُمْ صُفُوفٌ وراءَ القارِئِ – المَلَكُ
وَهَلهَلَ الحَبْرُ، يُلقِي مِن مواعِظِهِ         فاستغرَقُوا فِي البُكا للهِ، وانهَمَكُوا
وَأَقْبَلُوا يتهادَوْنَ التَّهانِئَ والوُجُوهُ تُشرِقُ، والرَّاحاتُ تَشْتَبِكُ
والمِسْكُ يعبَقُ مِن بيضِ الثَّيَابِ وَأَينَ مِن سجَايَاهُمُ: الرَّيْحانُ والمِسَكُ
عيدٌ يعُودُ عَلَى البُلدَانِ رافِلَةً    يَحُوطُها فِي حِماهُ يُوسُفُ المَلِكُ