الشاعر: محمدٌ الهلاليُّ (1235 – 1311هـ/ 1820 – 1894م)

محمدُ بنُ محمدٍ بنِ هلالِ بنِ محمودِ بن مصطفى بن إسماعيلِ مُلَّا زادَهْ الهِلاليُّ، شاعرٌ حَمَوِيٌّ من الأدباءِ الندماءِ، مشهورٌ بالأمادحِ والأهاجي والتواشيحِ واللطائفِ، ولدَ عامَ خمسةٍ وثلاثينَ ومئتينِ وألفٍ للهجرة (1235هـ/ 1820م)، وتعلَّم في حَماةَ بِسورية، وكان خفيفَ النفسِ، لا كبرٌ ولا عجبٌ، وسكنَ دمشقَ حتى توفي بها سنة إحدى عشرة وثلاثِمئةٍ وألفٍ للهجرة (1311هـ/ 1894م).

القصيدة:

قال من الكامل:

عادَ الصيامُ، فمرحبًا بالعائدِ  وبأَوْبَةِ الأَسْيِ الطبيبِ العائدِ
شهرٌ شهيرُ القدرِ فيه تَنَزَّلَ القرآنُ من ربٍّ رحيمٍ واحدِ
فيه الهنا للصائمين نهارُه حقًّا عن الشهواتِ صومَ الزاهدِ
لو تَنْظُرُ النسَّاكَ ليلًا فيهِ، كَمْ  من قائمٍ يدعو وآخرَ ساجدِ
وعلى السماءِ الأرضُ فائقةٌ، وَقَدْ  ضاءَتْ مساجدُها كضوءِ فراقدِ
شهرٌ على كلِّ الشهورِ مقدَّمٌ   بالفضلِ والخيرِ العميمِ الزائدِ
رَمَضانُ حقًّا للبريَّةِ رَحْمةٌ  مِنْ مُوجِدِ الأَشْياءِ أرحَمِ واجدِ
واللَهَ أَرْجُوهُ القبولَ؛ فإنه المقصودُ منْهُ بالرِّضَى للقاصدِ

 وقال أيضًا من الكامل:

وَافى الصيامُ مبشرًا بإيابِهِ  لِذَوِي الوَفا، والصِّدْقُ في آدابِهِ
أَعْظِمْ به شهرًا شهيرَ الفضلِ؛ إذ   فيه مِن الباري نزولُ كتابِهِ
يا طالبًا منه الرِّضى، بادِرْ فقد  عادَتْ عوائدُه على طلابِهِ
صُمْ عن سِوى حُبِّ الإلهِ به، ولا  تَذْكُرْ، ولا تَشْكُرْ سِوى أحبابِهِ
مُسْتمنِحًا إحسانَ آلِ محمدٍ   مترضِّيًا عنهم، وعن أصحابِهِ
مُستجدِيًا بحرَ الندى مستمطرًا  من أولياءِ اللهِ سَحَّ سَحابِهِ
نورٌ على نورٍ، فكن مستجلِيًا   مستحدِيًا منه جَدى وَهَّابِهِ
فاللهُ يهدي من يشاءُ لنوره  وأولو الولاء الأَوْليا أَولى بِهِ
الراشدونَ المُرْشِدونَ مُرِيدَهم  جذبًا إلى سبلِ الهُدى وصوابِهِ
السائرونَ المرتقونَ على ذُرَى  جبلٍ أعالي العرشِ دونِ هِضابِهِ
ما زلتَ بالطاعاتِ أبهجَ رافِلٍ  مِن أَحْسَنِ الرِّضوانِ في جِلبابِهِ
ولكلِّ عامٍ دُمْ وَصُمْ رمضانَهُ  ما دامَ للإسلامِ حسنُ مَآبِهِ