عرف استخدام بعض أصناف الخضروات والفواكه في معالجة الأمراض عبر التاريخ، حيث كان يعتقد أن لها دورا في معالجة هذه الأمراض والوقاية منها، ابتداء بالصداع وانتهاء بأمراض القلب والشرايين. ومع تطور العلم، وتطور البحوث المتعلقة بأمراض السرطان، فقد وجد أن 70% من حالات الإصابة بأنواع السرطان المختلفة تعزى بشكل رئيسي إلى الغذاء الذي يتناوله الإنسان في حياته اليومية، وقد وضعت العديد من الفرضيات العلمية التي تهدف إلى إيجاد العلاقة ما بين تناول بعض الأغذية وظهور أنواع من السرطان.
- الخضروات والفواكه الصفراء
تحتوي الخضروات والفواكه الصفراء مثل الجزر والبطاطا الحلوة والقرع واليقطين والمانجو والبابايا والشمام، على كميات وافرة من مادة البيتا كاروتين التي تعمل كمضادات للتأكسد، كما تحمي الخلايا من التأثير الضار الذي تحدثه الجذور الحرة، كما أن قابلية البيتا كاروتين للتحول إلى فيتامين “أ” أكسبها قدرة إضافية على الحد من النمو السرطاني، لما يقوم به فيتامين “أ” من دور في عمليات الانقسام والتمايز للخلايا الطلائية، ذلك أن الخلايا السرطانية تتميز باضطراب في هذه الانقسامات واختلالها. وبالإضافة إلى ذلك فإن الخضروات الصفراء تحتوي على كميات من الفا كاروتين والتي تقوم بدور مماثل للبيتا كاروتين، ولكن بكفاءة أقل.
وتعد الخضروات الورقية مصادر غنية بحامض الفوليك، وهو فيتامين ضروري لتصنيع الأحماض النووية والمادة الوراثية في الخلية، حيث يؤدي نقص هذا الحامض إلى تحطيم الكروموسومات في المواقع التي يعتقد أنها محل للنمو السرطاني. أيضًا تحتوي هذه الخضروات على مركبات الليوتين، وهي مركبات كاروتينية تعمل كمانعة للتأكسد ولها القدرة على ربط الجذور الحرة التي تتسبب في النمو السرطاني.
- فاعلية الطماطم في الوقاية من السرطان
أثبتت الأبحاث الحديثة أن تناول الطماطم يقلل الإصابة بمرض السرطان بنسبة تصل إلى 70 % لغناها بمادة الليكوبين، المضادة الطبيعية للأكسدة والقوية المفعول، التي تخفض النمو السرطاني بنسبة 77 %، حيث تحمي من سرطانات القناة الهضمية وعنق الرحم والثدي والرئة بالإضافة إلى أنها تقلل من احتمالات الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 21%، كذلك فإن عملية طهي الطماطم تزيد من فعالية هذه المادة وقدرة الجسم على امتصاصها.
- عصير البرتقال ومكافحة السرطان
تبين أحدث الدراسات والأبحاث التي أجريت على عصير البرتقال، أن مادة الفلافونويد الموجودة في عصير البرتقال وبقية عصائر الفاكهة الحمضية لا تعطي النكهة والطعم واللون المميز للثمار فحسب، بل تساعد أيضًا في مكافحة السرطان. وأوضحت هذه الدراسات أن هذه المركبات مواد قوية مضادة للأكسدة وأثبتت فعاليتها في القضاء على الخلايا السرطانية من خلال إعاقتها لأنزيمات سايتو كروم P450 التي تحول دخان السجائر والمبيدات الحشرية وغيرها من المواد السامة إلى أشكال خطيرة تشجع نمو السرطان.
وقد أظهرت الاختبارات أن مادة «هيسبيربتين» وهي أكثر مركبات الفلافونويد الموجودة في عصير البرتقال تمنع الأنزيم المذكور من معالجة المواد السامة، مما يقلل احتمالات تحولها في الجسم إلى مواد متسرطنة. وأشار المختصون إلى أن اكتشاف تأثير هذه المادة على الأنزيم قد يساعد في تطوير بدائل جديدة للعلاج الكيماوي التقليدي المضاد للسرطان.
- العنب يقاوم السرطام
العنب فاكهة الدنيا، وفاكهة أهل الجنة في الآخرة، يحمل الكثير من الأسرار التي تنطق بعظمة الخالق الرازق المبدع، ولا يعرفها الكثير من الناس، وقد لاحظ الباحثون منذ عام 1936 وجود مركبات ذات أهمية علاجية للجسم في العنب، والآن تؤكد الدراسات الحديثة فوائد العنب والتي منها تأثيراته المفيدة المضادة لبعض الأورام والمضادة للالتهابات ولسموم الكبد، والبكتيريا والفيروسات والمضادة لبعض حالات الحساسية وتجلط الدم وعمليات الأكسدة الضارة بصحة وسلامة الجسم، وتؤكد دراسة حديثة أن عصير العنب يعتبر أحسن غذاء لمرضى التهاب الكلى والكبد والنقرس وفقر الدم كما أنه يقاوم السل والسرطان.
يقول الدكتور مصطفى عبد الرزاق نوفل -أستاذ ورئيس قسم علوم وتكنولوجيا الأغذية في جامعة الأزهر-: إن الدراسات الحديثة أكدت أن منتجات العنب تلعب دورًا مهمًّا في منع أو تأخير بداية الأمراض بما فيها بعض الأورام وأمراض القلب، وتحمي الجسم من عمليات الأكسدة الضارة للصحة وتستخدم من أجل أغراض علاجية متعددة مضادة لبعض الالتهابات والقرحة، وتوفر الحماية للجسم ضد تأثير الأشعة فوق البنفسجية وتحمي الجسم من خطر التعرض للإصابة بالجلطة وتحقق الحماية من التعرض للإصابة بتصلب الشرايين.
يقول الدكتور أيمن الحسيني – أخصائي الأمراض الباطنية-: إن العنب يحتوي على كل العناصر الغذائية والفيتامينات والسكريات التي تجعله غنيًّا بالطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية المختلفة، وقد عرف العلاج بالعنب منذ مئات السنين ويطلق عليه في ألمانيا “ملك الفاكهة”، ولا يزال في الوقت الحالي يلقى اهتمام الكثيرين من الأطباء رواد الطب الطبيعي، أما المدهش حقًّا فهو وجود مصحات خاصة تنتشر في وسط أوروبا للعلاج بالعنب، حيث يعتمد عليه تمامًا من خلال أنظمة غذائية دقيقة في علاج بعض الأمراض ومنها السرطانات.
ويضرب د. الحسيني أمثلة لحالات أعراض سرطانية كانت حالاتها متأخرة وقد أدى التداوي بالعنب إلى علاجها، ففي عام 1920 أصيبت سيدة بمرض سرطان المعدة بعد أبيها وأمها ولم يكن يوجد أي علاج يقضي على النمو السرطاني، واستمرت معاناتها تسع سنوات وكان المرض في أشد مراحله وبدأ يتسرب إلى القلب والرئة اليسرى، وقرأت كتابًا عن التداوي بالصيام وقررت خوض هذه التجربة وجربت أنواعًا مختلفة من النبات حتى توقفت عند العنب واتخذت منه غذاءها الدائم لأسابيع عدة بعدها شُفيت تمامًا من المرض. وقامت هذه السيدة بعد ذلك بتطبيق تجربتها على عدد من المرضى اليائسين ممن زاروها طلبًا للنصيحة وكانت النتائج مذهلة.
ومع العلاج بالعنب شفيت سيدة من سرطان الأمعاء، بعدما فشلت في ذلك ست عمليات جراحية، كما شفيت سيدة من سرطان المعدة بعدما وصلت إلى أسوأ حالاتها كما شفيت سيدة من سرطان الثدي وزال الورم، بفضل ما وضعه الله في العنب من أسرار وفوائد علاجية، ورغم هذا كله فإن العلماء لم يتوصلوا إلى مادة معينة في العنب يمكن أن يقال إنها تعالج السرطان فسبحان عالم الأسرار.
- البطيخ ومحاربة السرطان
كشفت دراسة نشرت حديثًا في واشنطن أن البطيخ فعال في محاربة الأورام السرطانية كالطماطم تمامًا بسبب احتوائه على مواد طبيعية مضادة للأكسدة تثبط عمل الجزيئات الضارة وتمنع تحول الخلايا السليمة إلى خبيثة وأوضح الباحثون أن مادة “لايكوبين” المضادة للأكسدة والمتوافرة في الطماطم والجريبفروت الوردي والجوافة وتعطيها لونها الأحمر موجودة في البطيخ أيضًا، فقد وجد هؤلاء بعد متابعة 23 رجلاً وامرأة أن مستويات اللايكوبين في الدم كانت بنفس الارتفاع بين المتطوعين الذين شربوا ثلاثة أكواب من عصير البطيخ والذين شربوا كوبًا واحدًا من عصير الطماطم حيث زاد استهلاك البطيخ من مستويات اللايكوبين تمامًا كعصير الطماطم المعالج إلى صلصات وبالتالي فإن مضاعفة الجرعة المتناولة منه لم ترفع تلك المستويات إلى أعلى مما هي عليه في حال شرب ثلاثة أكواب يوميًّا وأشار الخبراء في مجلة “التغذية المتخصصة” إلى أن كوبين إلى ثلاثة أكواب من البطيخ ينتج 20 ملليغرامًا من اللايكوبين ولأن الدهن يساعد في زيادة امتصاص هذه المادة ينصح بتناول البطيخ مع بعض الدهن أو عقب وجبة دسمة مباشرة منوهين إلى أنه كلما كان لون البطيخ أكثر احمرارًا كان أفضل للصحة.
- البروكلي
يتمتع البروكلي باحتوائه على كميات كبيرة من الفيتامينات والمواد المفيدة، فهو يحتوي على عنصر الكالسيوم أكثر من كوب حليب كامل ويحتوي على فيتامين C أكثر من الحمضيات، كما يحتوي على الأنسجة والألياف أكثر من الخبز الأسمر، ليس كل هذا فقط، فالبروكلي يحتوي على بعض المركبات التي تحفز الجسم على إنتاج مادة Sulforaphane والتي بدورها تعمل على تصنيع إنزيمات قوية مكافحة للسرطان.
وقد أظهرت الدراسات التي تم إجراؤها على الحيوانات أن مادة السلفورافان تعمل عمل المضاد الحيوي ضد بكتيريا (H. Pylori) والتي تسبب قرحة والتهاب المعدة وسرطان في المعدة، وقد تم اختبار تلك النتائج على الجنس البشري وكانت النتائج مشجعة جدًّا.
وفي دراسة في اليابان حول تلك النتائج، حيث ارتفاع معدل الإصابة ببكتيريا (H. Pylori)، جاء فريق البحث الدولي ليختار 48 متطوعًا مصابًا بالبكتيريا من اليابان، نصف العدد الأول تم إعطاؤهم براعم نبات البروكلي –والتي تحتوي على المركبات الواقية بمعدل 30 – 50 مرة – وكان ذلك لمدة شهرين. أما النصف الآخر فقد تم إعطاؤهم براعم نبات البرسيم والتي لا تحتوي على مادة السلفورافان، وبعد ثمانية أسابيع من العلاج، تبين أن الفئة التي تناولت براعم البروكلي انخفض عندها مستوى بكتيريا (H. Pylori) انخفاض ملحوظ، أما بالنسبة لمتناولي براعم البرسيم فلم يتضح أي شيء بالنسبة لهم. في الوقت نفسه تم إجراء دراسة على الفئران بخصوص نفس الموضوع، وتم إعطاء الفئران المصابة ببكتيريا (H. Pylori) براعم البروكلي لمدة ثمانية أسابيع وبعدها لوحظ انخفاض ملحوظ في مستوى البكتيريا في بطون الفئران، وقد وُجد أن هناك أكثر من 50% من الإصابة بالبكتيريا قد عولجت.
يقول الدكتور جد فاهي دبليو من جامعة جونز هوبكنز: “إن جرعة واحدة من البروكلي تؤدي إلى زيادة إنزيمات الحماية في الجسم”. وأضاف قائلاً: “ما لا نعرفه أيضًا أن البروكلي سيكون له دورًا هامًّا جدًّا في الوقاية من سرطان المعدة وربما يؤدي ذلك إلى تخفيف احتمالات الإصابة بقرحة المعدة والتهابها” وأضاف أيضًا: “أنه لم يثبت، ولكن النتائج تعتبر مؤشر قوي جدًّا”
- الجزر المطبوخ يقي من السرطان
اكتشفت دراسة جديدة بأنّ الجزرِ الكامل المطبوخ دون تقطيع يحمي ضدّ الإصابة بالسّرطان بحدود 25 بالمائة وفقًا لجامعة نيوكاسل، التي تقوم بتنظيم مؤتمر NutrEvent عن التغذية والصحة، يملك الجزر خصائص مميزة تحمي من الاصابة بالسّرطان أكثر من أي نوع آخر من الخضارِ، شرط ألا يتم تقطيعه قبل الطبخ.
ووفقًا لتقرير وكالة (بي بي سي)، يحتوي الجزر على مركبات مضادة للسرطان بنسبة 25 بالمائة. وهذا ما أثبتته تجربة أجريت على فئران المختبر، حيث تبين أن الأورام تراجعت بعد تناول الجزر المطبوخ.
تقول الدّكتورة كيرستين برانديت، من كلية الزراعة والغذاء والتنمية الريفية في جامعة نيوكاسل: عندما تسلق الجزر كاملاً فأنت تحتفظ بالمغذيات الضرورية، والطعم أيضًا، كما أنك تساهم في حماية جسمك بنسبة 25 بالمائة أكثر من الإصابة بالسرطان.
- الخلاصة:
أثبتت الدراسات العلمية التي وصلت في مجموعها إلى ما يقارب 206 دراسة وبائية استقصائية على الإنسان، واثنتين وعشرين دراسة علمية على الحيوان، أن هناك علاقة عكسية مباشرة بين الاستهلاك العالي من الفواكه والخضراوات، والوقاية من عدة أنواع من السرطان، وخصوصًا تلك التي تصيب المعدة والمريء والرئة والفم والبلعوم، والرحم، والبنكرياس والقولون. ويعود السبب وراء هذا التأثير الوقائي للخضراوات والفواكه إلى احتوائها على مجموعات من المركبات الكيميائية بكميات كافية للحد من نمو الخلايا السرطانية وتطورها.
- المصادر:
انظر كتاب- موسوعة علاج السرطان بالطب البديل-تأليف د محمد السقا عيد -إصدار دار اليقين للطبع والنشر والتوزيع-جمهورية مصر العربية.
مصادر يمكن الرجوع إليها:
– كتاب السرطان للدكتور مالكوم شوارتز – ترجمة عماد أبو سعد- الناشر مؤسسة الرسالة.
– كتاب قصتى مع العلاج بالعنب “الاستشفاء بالعنب وطرق التداوى به- تأليف د أيمن الحسينى – دار الطلائع للنشر .
-مجلة الطب البديل -خالد عبد اللطيف التركي.
– الخضراوات والفواكه تبعد عنك شبح السرطان د. طه عبدا لله قمصاني.
– دور الخضروات والفواكه في الوقاية من أمراض السرطان-معز الإسلام عزت فارس.
– موقع طبيبي.
– موقع معا ضد مرض السرطان.