يُعدّ البُعد الثالث أساس النهوض الاقتصادي المتسارع. و”الصين” و”الهند” جسّدتا ذلك بقاعدة علمية ربَت على 2.5 مليون دارس للرياضيات والفيزياء، هضموا “البُعد الثالث” الأكثر اختزالاً للطاقات الطبيعية والمُولَّدة على السواء، ما مكّن القاعدة العلمية الصينية من تحقيق نمو اقتصادي بلغ 23% في عام 2023م، بفضل شيئين:
1- استجلاب الطاقتين الكهرومغناطيسية والنووية بـالفيزياء الجزيئية
ويعني ذلك خرطًا معينًا للشرائح الإلكترونية في أجهزة الهاي تك وقلوب المفاعلات النووية، ما مكّنهم من استجلاب 25% من الطاقة الكهرومغناطيسية داخل الغلاف الجوي للأرض، وتكوين الإطار الأكثر وفرة في العالم لتشغيل خطوط الإنتاج المعتمدة على التشغيل بالكهرومغناطيسية بنسبة 60% في “الصين” حاليًا.
2- فهم ما يعنيه البُعد الثالث طبيًّا
ما مكّنهم من تطعيم الأطفال بين 8 و14 سنة بـ12 مصلاً، أدت جميعها إلى انضباط ضغط الدم لدى البالغين فوق المعدل العالمي بـ70%، ما أدى إلى زيادة الطاقة الإنتاجية للصينيين أربعة أضعاف المعدل العالمي. وتم ذلك بتخطي الآلية الطبيعية لعمل الشريانين التاجي والأورطي، واللذين يضخان معًا نصف لتر دم/دقيقة، ولكن تلك الأمصال ضاعفت ضخ الدماء للبالغين ستة أضعاف، ما أدى لمضاعفة النشاط الذهني والبدني، بشكل يتجاوز قدرة سمك كلا الشريانين على احتمالية ضخ الدم مرتين على الأقل، ما عُدَّ بُعدًا ثالثًا يتعلق بقدرة الدورة الدموية أيضًا على تجنّب الأكسدة السريعة للغذاء، وبالتالي الوقاية من 12 مرضًا وبائيًا، أدناها الإنفلونزا، وأشدّها التهاب الكبد الوبائي، ما رفع متوسط الأعمار في “الصين” إلى 75، بعد أن كان 53 عامًا عام 1965م.
نتجت “ثورة المعادن” بنجاح البُعد الثالث في تعظيم الاستفادة من ثلاثة منها: الحديد، والفضة، والكوبالت. ولمناسبة تساوي الاحتياطي العالمي من الفضة والكوبالت عند 200 ألف طن في عام 2024م، فإن المعدنين يتماثلان في درجة الصلابة، لتماثل كثافتهما حيث عددهما الكتلي متساوٍ. ما أدى إلى إدخالهما في تركيب 130 آلة تتعلق باستجلاب الطاقة الكهرومغناطيسية، والتي شغّلت “كيتشن ماشين” جرى ابتكارُه في الهند بفضل البُعد الثالث، حيث 3000 معادلة جبرية من الدرجة الرابعة، أنتجت خرط 16 شريحة فولاذ + شريحة كوبالت + شريحة فضة، قُطرها جميعًا 2 سم بسمك 2 مم. ما أدى إلى نشوء رقمنة المطبخ، حيث يطبخ 12 طباخًا طعام 5000 عامل في مصانع الأسمدة والنسيج العملاقة في الهند خلال ساعتين فقط، بذلك الـ”كيتشن ماشين” طاقة 4500 وات، ولا يتعدى حجمه 2 متر. يطبخ وحده الأرز والمرق بالخضار، والسلطة، وعصير البرتقال ببذور الريحان، لخصيصة كشف عنها البُعد الثالث، وهي أن صبغة الجلوتومين الرباعية المعدنية المُشكِّلة لـ2% من تركيب جزيء الكوبالت باتحادها مع خاصية استشعار الفضة للموجات الحرارية، إذا ما وُصِّلت بالكهرباء، يُنتجان بُعدًا ثالثًا لا يتوفّر أبدًا لأيّ عنصر منهما منفردًا، وهو إمكانية جذب وإطلاق 5000 موجة كهرومغناطيسية/ثانية، ما يؤدي لتشغيل تلك الآلة ذات ناقل السرعة، يؤدي 17 حركة وينقل من حركة لأخرى خلال 0.7 ثانية، طاقته وحده 2100 وات، وهي طاقة هائلة لم تنبعث قط بهذا التغيّر السلس في الحركة من أي ماكينة كهربائية.
يُعرف “البُعد الثالث” بقياس حركة جسمٍ ما، يحدث داخله حركات مختلفة تصيغ حركته العامة. ولكن يظل القياس النهائي مرهونًا بالحركة ذات التأثير الأكبر. وباعتباره بُعدًا ثالثًا، فإن البُعد الأول هو ما يرتَهن بالقياس العادي لطاقةٍ ما، كالمُنبعثة عن حرق لتر من الجازولين داخل محرك له سعة لترية معينة. أما “البُعد الثاني” فهو: توظيف الرياضيات في استجلاب مقدار أكبر من الطاقة، كزيادة السعة اللترية للمحرّك لزيادة سرعته. ويفرِق البُعد الثالث فيزيائيًّا بتكثيفه لتشغيل الرياضيات، وبالذات المعادلات الجبرية من الدرجة الرابعة للوصول لأمثل تركيب لشريحة إلكترونية تدخل في صناعة آلة رقمية، لمضاعفة الطاقة المولَّدة من مصدر متجدد أضعافًا مضاعفة، ما يؤدي لمضاعفة الناتج الإجمالي. ما جعل الصين والهند تستحوذان حاليًا على 50% من اقتصاديات العالم، و40% من الناتج العالمي، حيث المناخ الصيني المعتدل، والمداري الهندي الشديد الحرارة، يعنيان تعامد أشعة الشمس فتراتٍ كافية لتوليد الطاقة الشمسية بنظام الشرائح النحاسية العاكسة، والتي تعتمد خرط شرائح النحاس بطريقة “تيان شيان” المولِّدة لطاقة تُعادل 2 طن سولار من شريحة نحاسية مستطيلة قطرها 40 سم، يكفي أن تتعامد أشعة الشمس عليها ساعتين فقط يوميًّا.
وتُنسب “تيان شيان” لمهندس صيني من فلاسفة البُعد الثالث، أدرك خاصية استجلاب النحاس الأحمر للأشعة فوق البنفسجية للشمس 6 أضعاف أيّ معدن آخر. والمعروف أن شرائح مولدات الطاقة الشمسية تُصنَع إما من الحديد الزهر، أو النحاس الأحمر الخالص، أو سبيكة الحديد والكوبالت، بنسبة كوبالت لا تتعدى 3%، لتوليد الطاقة الشمسية المشغّلة وحدها لمصانع الحديد والصلب حاليًا في الدولتين. وأيضًا فـالطائرة الأسرع من الصوت 12 مرة، وضوء الليزر الأسرع من الضوء العادي 6 مرات، جميعها مستحدثات عكست ما يعنيه “البُعد الثالث” الذي يُحوّل الخيال العلمي إلى حقيقة حوّلت اتجاه البشرية نحو منحنى تصاعدي منكسر يكسر فيزياء الطبيعة.
بمعنى أنه يقرّب الرياضيات البحتة التي اختص باكتشافها “الخوارزمي”، وأدرك أسرارها فيمن أدرك “ليوناردو دافنشي”، الذي حدّد شفرته الشهيرة في لوحة “العشاء الأخير”، من واقع اللعب بـ”البُعد الثالث” هندسيًّا، بمعنى إيهام من يُعاين تلك الصورة الجدارية لأول وهلة بتباعد بين المسيح والحواريين من جانب، ويهوذا الإسخريوطي من الجانب الآخر. ولكن رياضيًّا فرنسيًّا تأمل اللوحة عام 1845م، اكتشف عكس ذلك تمامًا، وهو التقارب بين المسيح ويهوذا أكثر من بقية الحواريين، حينما وقف بزاوية ميل 45 درجة على بُعد مترين من اللوحة، ما خلق انطباعًا مقلقًا بالإيهام والتمويه شاب تصميم “دافنشي” للبديعة القديمة. أي أن الرسام العبقري أراد إيصال رسالة جدلية بالبُعد الثالث، الذي يُوهِمُكَ بوقوف شخصٍ خلف الآخر في لوحةٍ مستوية إذا ما نظرت للوحة وأنت واقفٌ بطرفها، وهي نفس تقنية الطائرات الشبحية الخادعة للرادارات، والتي أجنحتها تتحرك سريعًا بمحركات خاصة بها حركة تُخالف حركة جسم الطائرة، ما يُشتّت الموجات الرادارية ويمنع رصد الطائرة، حيث الحساب الدقيق لتفاوت الحركات بين الجسم والأجنحة، وبالتالي تحديد كيفية اتّزان الطائرة مع كل تلك الحركات المتفاوتة في اتجاهاتها وسرعاتها، ما يتطلب بنية حاسوبية تتحكّم بقوى الطبيعة، التي توفّر تقنياتها 80% من احتياجاتنا من توليد الكهرباء.
كما وأن مضاعفة القيمة الاقتصادية والتسويقية للحديد 16 ضعفًا، والتيتانيوم 54 ضعفًا، ولدائن البلاستيك الداخلة مؤخرًا في تصنيع الرقائق الإلكترونية 70 ضعفًا، تعتمد على البُعد الثالث. حيث لدائن البلاستيك المستعملة في صناعة الأدوات المنزلية يتضاعف سعرها من 10 دولارات للمتر العياري إلى 700 دولار، وفقًا لإحصاء أُجري عام 2023م، إذا ما فُعّل البُعد الثالث في سبك نفس المتر العياري من البلاستيك المصنوع من المطاط الاستوائي مع 30 من الرقائق الزجاجية المصنوعة من الرمال السوداء، يزن الخام منها نصف كجم.
حيث تنتج الخصائص الجديدة للـ”فايبر جلاس” المستخدم في تقوية الشبكة العنكبوتية، وتتمثل الخصائص الجديدة في: الاحتمالية العالية للفايبر جلاس، حيث لا ينصهر إلا عند 650 مئوية، وصلابة شرائحه التي تُقارب صلابة هياكل السيارات، واستشعاره العالي للموجات الكهرومغناطيسية حيث يعكس 7000 موجة/دقيقة، ما يستحيل تواجده في البلاستيك اللدن والزجاج. ويعتمد ذلك على تقريب الخصائص، وهو مصطلح مُترجم عن الألمانية يعني عدم ترك البلاستيك يبرد تمامًا عند صناعته من خام المطاط، وإنما إضافة مسحوق الرقائق الزجاجية له بنسبة 6% قبل تمام صلابته، مع استمرار إيصالِه لخصائص الفايبر جلاس تدريجيًّا بصهر هذا الخليط وإعادة صهره قبل تمام البرودة لـ14 مرة.
ولمناسبة الثورة الفسيولوجية للبُعد الثالث، فإنّه سبب إطالة متوسط الأعمار في الـ15 دولة الأكثر تطوّرًا في العالم. وبشرحٍ بسيط، فإنّ توظيفه للحماية من تصلّب الشرايين جرى بالحقن بمَصل (فيبراجيل 500)، والمؤدي لتغيير تام في وظيفة الشريان الأورطي مع تقدّم العمر. والمعروف أنّ تصلّب الشرايين نتيجة طبيعية لتناقص صبغة الكولاجين الجلدية مع العمر، حيث نسبتها لمن تتراوح أعمارهم بين 18 و35 هي 7% من تكوين الجلد، وتتناقص حتمًا إلى 2% بدءًا من عمر 50، ما يُحتّم الإصابة بتصلّب الشرايين لـ70% من المُسنين عالميًا لجفاف الجلد وديمومة تعرضه للعوامل الخارجية.
ولكن توصّل باحث صيني في 2022م إلى “تكريس” الكولاجين في طبقة الجلد الخارجية بتسريع ضخّ الدم عبر “الأورطي” 3 أضعاف المعتاد لدى المسنين، أدّى لتسريع تراكم البروتينات داخل طبقة الجلد الخارجية 3 أضعاف المعدل الطبيعي، ما أدّى لحماية أكثر من 70 مليون مسن في الصين وحدها من مضاعفات تصلّب الشرايين، والتي أخفّها الانخفاض المتواصل لضغط الدم، وأخطرها تزايد احتمالات الإصابة بالزهايمر لتواصل هذا الانخفاض.
إن حساب “البُعد الثالث” مسألة رياضية بالغة الشمولية تتم بالهندسة الفراغية، وأيضًا التفاضل والتكامل. وهذا الحساب فيصل الإلكترونيات التي تعتمد تداخل شرائح التيتانيوم أو الفايبر جلاس تداخلاً يُمكّن من تحقيق الجذب الكهرومغناطيسي. كما أنّ الغاز المُسال لم يكن متاحًا سوى بالبُعد الثالث، المتمثل في الفِنطاس الذي يُسال الغاز داخله، حيث يتركّب من “الألومنيوم + 18″، المعقّد في سبكه وتصنيعه، حيث فارق الكتلة بين الفولاذ والنحاس الأصفر المتداخلين بدقة في تركيبه بنسبة فولاذ 80%، ما يؤدي لاحتمالية بالغة لجدار الفنطاس المصنوع من سبكهما، والتي تعادل 6 أضعاف احتمالية نفس فنطاس بنفس السمك والأبعاد مصنوع من الفولاذ فقط، يستطيع تحمّل ضخّ 150 وحدة مترية من الغاز المسال في الثانية، يلزم لإنتاجها 4000 وحدة مترية من الغاز الطبيعي، ما يقتضي سبك الفولاذ بالنسبة السابقة مع النحاس بحساب يؤدي لإنتاج الألومنيوم عالي الصلابة، والمتطلب لصناعة الفولاذ بصهر الحديد على 3 مراحل وليس مرحلة واحدة للوصول للاحمرار، بمعنى تركه يبرد بعد انصهاره لنصف ساعة، ثم استكمال صهره لـ26 دقيقة، وتركه يبرد نفس المدة، ثم صهره لـ13 دقيقة، للوصول إلى درجة متانة عالية للفولاذ بكثافة 3 أضعاف الحديد العادي، ما يُلزم الصانع بتحقيق “تكاثف المعادن” حال انصهارها، والتكاثف هو المنتِج للخصائص الجديدة، أي “البُعد الثالث” المتعلق بـ”علم المعادن”، الذي قال فيه نيقولا تسلا إنه سرّ مضاعفة الفعل البشري 60 ضعفًا، أو أنه تصاعد ذلك الفعل من إطار ما تُنتجه 70 دقّة يدقّها القلب/دقيقة، إلى تأثير العدد الذري للحديد الذي يتضاعف حال انصهاره التام.
ولمناسبة الكوبالت، فإنّه تجسيد للبُعد الثالث في تشغيل المعادن، حيث بسبكه مع الحديد الزهر بنسبة 25% كوبالت يُضاعف العدد الذري لتلك السبيكة ليصير 128، أي يُقارب نصف العدد الذري لليورانيوم، ما يُفيد في حال تفعيل 500 معادلة جبرية من الدرجة الرابعة في تصنيع شرائح إلكترونية تكفي لصناعة مليون حاسب آلي طراز “باور ماكنتوش جي 6” الأحدث عالميًا، والقادر على تنفيذ الانشطار النووي داخل المفاعلات بنسبة أمان تصل إلى 100%، بفضل البُعد الثالث للكوبالت الذي يصل إلى المستوى الاستشعاري للفضة إذا ما خُرط كشريحة إلكترونية.
ومعروف أن الفضة هي الأعلى من بقية المعادن في قدرتها الاستشعارية، بدليل إدخالها في صناعة أجهزة الرادار، حيث لا تنطلق الموجة الرادارية إلا بصناعة الصفائح الخارجية لأجهزة الرادار من الفضة.
المراجع:
– البُعد الثالث في الزخرفة العالمية – أحمد المفتي
– البشر ككائنات ثلاثية الأبعاد – محمود الذوادي