يعتبر من الفواكه ذات القيمة الغذائية والعلاجية الجيدة… وهو فاكهة قديمة قدم التاريخ نفسه، ورد ذكره في التوراة والأساطير والقرآن الكريم وفي كثير من حكايات الأولين، كما نسجت حوله الحقائق والأوهام منذ بداية التاريخ، ويوجد بألوان عدة منها الأبيض، والأخضر والأسود والأحمر. يتميز باحتوائه على نسبة جيدة من المواد السكرية سريعة الامتصاص وسهلة الهضم حيث يتركز سكر الجلوكوز وسكر الفركتوز بشكل كبير ويتميز كذلك بغنائه بالفيتامينات مثل فيتامين (ج) وكذلك فيتامين (ب) كما يحتوي على نسبة جيدة من العناصر المعدنية كالبوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم، كذلك يوجد فيه بعض الأحماض التي لها دور في الوقاية من تراكم الجذور الحرة وبالتالي يعتبر مضادًا جيدًا للسرطان.

يحتوي على مضادات أكسدة قوية تعرف باسم البوليفينول، ويعتقد أن هذه الخصائص المضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة، والتي تساعد في الحد من نمو الأورام في أنحاء الجسم المختلفة سواء في الكبد والمعدة والثدي والقولون وسرطان الجلد وسرطان الدم… هل عرفت عن ماذا نتحدث عزيزي القارئ… إنه (العنب) هذا الدواء المعجزة بحق كما سنرى في السطور القادمة..

يؤكد الدكتور مصطفى عبد الرزاق نوفل -أستاذ ورئيس قسم علوم وتكنولوجيا الأغذية في جامعة الأزهر- أن البحث العلمي بدأ يعيد إلقاء الضوء على الأهمية الصحية والعلاجية للعنب ومنتجاته، وهي التي أثارت انتباه العلماء منذ سنوات طويلة ليصبح العنب وبخاصة أنواعه الملونة من بين قائمة الأغذية الفعالة ذات الفوائد الصحية المتعددة، فقد لاحظ الباحثون منذ عام 1936 وجود مركبات ذات أهمية علاجية للجسم في العنب، والآن تؤكد الدراسات الحديثة فوائد العنب والتي منها تأثيراته المفيدة المضادة لبعض الأورام والمضادة للالتهابات. وتزداد الأهمية الصحية للعنب لأن مكوناته الطبيعية المضادة للأكسدة تعتبر من أكثر النظم أهمية في منع أو تأخير معظم أمراض الشيخوخة بما فيها أمراض القلب والأورام والكتاركتا وضعف الإدراك وغيرها.

الدواء المعجزة… والسرطان

إذا أردنا أن نختار فاكهةً ما على أنها الدواء الأفضل المضاد للسرطان، فليس بمقدورنا إلا أن نقول إن العنب هو تلك الفاكهة بامتياز.

تشير الإحصائيات الميدانية إلى أن البلدان التي تكثر فيها زراعة إنتاج العنب تتراجع فيها أمراض السرطان، وذلك بالطبع له تفسيرٌ علمي، فالعنب يحتوي على عناصر عديدة تبيَّن أنها تأتي في مقدِّمة الأدوية المضادة للسرطان مثل البروانثوسياندين، والفلافونويدات، وأهمها الكيرسيتين الموجود بوفرة في العنب، والريسفيراترول، بالإضافة إلى احتوائه على الفيتامينات الأساسية المختلفة التي تساعد على مكافحة مرض السرطان والوقاية منه، وأهمها الفيتامين أ الموجود في العنب على صورة رتينول وبيتاكاروتين.

ويُستخدم العنب أو عصير العنب في عددٍ من المصحات الأوروبية وبخاصةً في ألمانيا كعلاج فعّال لمرض السرطان، وتقوم هذه المصحّات بإعطاء مرضى السرطان العنب أو عصير العنب حصريًّا وذلك بمقدار كيلوغرام واحدٍ إلى كيلوغرام ونصف وذلك بشكل يومي على دفعاتٍ طوال اليوم. وتستمر هذه الفترة العلاجية لمدة أسابيع أو حتى لأشهرٍ من دون تناول أيّ غذاءٍ آخر إلا الماء فقط.

وهناك عددٌ غير قليل من الأطباء الكبار في أوروبا ممن يستخدمون هذه الطريقة العلاجية الطبيعية ويفضِّلونها على سُبُل العلاج التقليدية بالأدوية الكيميائية أو الأشعة أو كليهما، وخاصةً عندما تكون الحالة ميؤوسًا منها طبيًّا، فقد أدت إلى شفاء حالاتٍ عدة لم يكن هناك أملٌ في شفائها.

ويُعتبر عصير العنب الأحمر أهم وأغنى المصادر الغذائية بالريسفيراترول، هذا الدواء المعجزة، الذي أثبتت الدراسات الحديثة أنّه أحد أفضل الأدوية المستخدمة في علاج ومنع تفشّي مرض السرطان في الجسم، والأهم من ذلك الوقاية من حدوث هذا المرض الخطير، وقد ركّزت هذه الأبحاث على الريسفيراترول الموجود في العنب بوفرة، وكذلك على البروانثوسياندين والفلافونويدات، والعنب هو أغنى المصادر بهذه المواد.

هذه القدرة العجيبة الشافية والواقية في مواجهة مرض السرطان تعود إلى عوامل عِدَّة لعلّ أهمها أنه أحد أهم مضادات التأكسد وذلك بسبب محتواه من هذه العناصر الفعّالة التي سبق ذكرها. من هنا، فإن العنب يساعد على تنقية الجسم من الجذور الحُرّة الضارة وإزالة السموم الهدامة أو منع تأثيرها، ومنها سموم النمو السرطاني الخبيث، ومن هذه السموم ال (دي أن آي بوليميراز) و(أورنيثين دي كربوكسيلاز) وكلاهما يساعد على تطوّر النمو السرطاني وتغذيته.

 ويُعتبر الريسفيراترول من أهم الأدوية التي تحارب هذه السموم وتمنع تأثيرها الهدّام على الخلايا. وهو ما يؤدي بالتالي إلى إذابة هذا الوجود الخبيث وتفكيك أنسجته وتحويل جُزيّئاته إلى مجرى الدم حيث يتخلّص منها الجسم ويدفعها خارجًا عن طريق البول والبراز والعرق. وقد أثبتت الأبحاث أنّ للريسفيراترول الأثر الإيجابي الأكيد في محاربة نشوء وبدء مرض السرطان علاوة على منع تطوّره وامتداده في الجسم إلى حدٍّ كبير.

يقول الدكتور أيمن الحسيني -أخصائي الأمراض الباطنية- في كتابه (قصتي مع العلاج بالعنب) “إن العنب يحتوي على كل العناصر الغذائية والفيتامينات والسكريات التي تجعله غنيًّا بالطاقة التي يحتاجها الجسم لأداء وظائفه الحيوية المختلفة، وقد عرف العلاج بالعنب منذ مئات السنين ويطلق عليه في ألمانيا “ملك الفاكهة”، ولا يزال في الوقت الحالي يلقى اهتمام الكثيرين من الأطباء ورواد الطب الطبيعي، أما المدهش حقًّا فهو وجود مصحات خاصة تنتشر في وسط أوروبا للعلاج بالعنب، حيث يعتمد عليه تمامًا من خلال أنظمة غذائية دقيقة في علاج بعض الأمراض ومنها السرطانات”.

ويؤكد الدكتور أيمن الحسيني في كتابه السالف الذكر إمكان معالجة الكثير من الحالات المرضية المستعصية بالعنب، كحالة السيدة الأمريكية جوهانا براندت التي أصيبت بسرطان المعدة، حيث تقول: “كان إيماني بالله عظيمًا، وكنت من أشد المؤيدين لوسائل العلاج الطبيعي، فكنت أرى أن الإنسان قد خلق من تراب الأرض، وأن نباتات الأرض هي الأقدر على شفائه”. وتقول هذه السيدة إنّها شفيت تمامًا من مرضها بعد أن خضعت لتجربة الصيام والاعتماد على العنب كغذاء رئيسي مع الامتناع عن تناول اللحوم والتوابل، حيث عادت إليها صحتها وحيويتها ونضارتها، وزادت قوة حواسها وتخلصت من الإحساس الكئيب بالمرض. كما ساعدت السيدة براندت سيدتين أمريكيتين على التخلص من المرض، كانت إحداهن مصابة بسرطان المعدة والأخرى بسرطان الثدي.

ومع العلاج بالعنب شفيت سيدة من سرطان الأمعاء، بعدما فشلت في ذلك ست عمليات جراحية، كما شفيت سيدة من سرطان المعدة بعدما وصلت إلى أسوأ حالاتها كما شفيت سيدة من سرطان الثدي وزال الورم، بفضل ما وضعه الله في العنب من أسرار وفوائد علاجية.

وقد أعلن علماء من جامعة ولاية كاليفورنيا أن “العنب يخفض خطر نمو وتطور الأورام الخبيثة في المعدة” لأنه يحتوي على مركب الريسفيراترول. وقد اكتشف الباحثون خلال تجاربهم المخبرية أن مركب الريسيفيراترول يحجب المستقبلات الداخلية للخلايا التي يمكنها اختراق الغشاء البلازمي لخلايا المعدة والمساهمة في عملية تحولها إلى خبيثة. ووفقًا لحسابات العلماء فإن “الجرعة اليومية من مركب ريسفيراتول توجد في ثلاثة عناقيد عنب. كما يمكن الحصول على هذه الكمية بتناول 120 غم من عصير العنب المركز”. وتجدر الإشارة إلى أن علماء من أستراليا أثبتوا أن بذور العنب (النوى) لها تأثير فعال في مكافحة السرطان، لذلك ينصحون بإضافتها إلى الوجبات الغذائية اليومية لعلاج الأمراض السرطانية والوقاية منها.

كما أن علماء جامعة كولورادو الأمريكية أثبتوا أن مستخلص بذور العنب فعال جدًّا في علاج الأورام السرطانية في الرأس والرقبة، لأنه يحجب العمليات الحيوية الضرورية لنمو الخلايا السرطانية.

 ورغم هذا كله فإن العلماء لم يتوصلوا إلى مادة معينة في العنب يمكن أن يقال إنها تعالج السرطان، ففعاليته المدهشة في علاج السرطان ما زالت سرًّا مغلقًا… فسبحان عالم الأسرار.

مصادر يمكن الرجوع اليها:

-انظر كتاب-  موسوعة علاج السرطان بالطب البديل- د محمد السقا عيد- إصدار دار اليقين للطبع والنشر والتوزيع-جمهورية مصر العربية.

– كتاب ” قوة الشفاء في الفاكهة” -للدكتورة أماني سعد ياسين (الدار العربية للعلوم- ناشرون ش.م.ل. ل).            

-كتاب ” قصتي مع العلاج بالعنب”- تأليف د أيمن الحسيني.

– الشبكة العنكبوتية – مواقع متعددة.