كنت منتشيًا مسرورًا، أقلّب صفحات “بذور الرشد” في شبكة العنكبوت بنشوة العابد وروح الجندي، أصوغ “أسئلة وإشكالات” تارة، وأستنبط “القواعد الكلية” تارة، ثم أصِل الفكرة بالواقع “تشغيلاً وتفعيلاً” تارة أخرى؛ كأني في الحضرة القدسية أستمع وأنصت لسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وهو يترنم بالقرآن غضًّا طريًّا، ينساب زُلالاً سلسبيلاً من شفتيه المباركتين، جميع ما حولي ومن حولي في عداد اللاشعور… لم يبق من “الوجود” في أعماق “وجداني” إلا “كلام الله الحكيم”، بل ما بقي شيء يُذكر إلا “هو” سبحانه: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ)(القصص:88)، (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)(الرحمن:27).
مع بدايات سورة طه جلستُ صُبحًا، أحفِر حفرًا خفيفًا رفيقًا، منقِّبًا عن “القواعد الكلية” لفقه الحضارة المصاغة في “القرآن الكريم”، مما يعالج “سؤال الأزمة” المحورِي في “نموذج الرشد”: “حركية الفكر والفعل”؛ وانتهيت في الآيات والسطور الأولى من السورة الطيبة إلى قوله جل شأنه: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)(طه:8).
جمدت أوصالي، اغرورقت عيني، تباطأ تنفسي، تشنَّج مخِّي، سرت قشعريرة في عروقي… ثم سألت نفسي متعلِّمًا لا مجادلاً، ولقد كان صوت الأذان العثماني يصدح من كل مكان حولي: “أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله… لا إله إلا الله”، سألت هذه النفس بين جنبيَّ:
هل هذه قاعدة كلية؟ وبأي اعتبار أسجّلها على أنها كذلك؟ لعلَّها من قبيل المسلَّمات والبديهيات العقلية؟ أو لعلَّها تصنَّف ضمن المبادئ والعقائد؟ أو أن لها اسمًا وتصنيفًا آخر غير الذي اعتدناه في سياق الدرس الحضاري؟
“ولا إله إلا الله” تلخّص صفات الله الكمالية صفة صفة، وتنفي عنه ما لا يجوز في حقّه، وتعلو بالذكر إلى مقام “الإجابة” ثمرة لمقام “الاستجابة”
أسئلة تنزل عليّ متلاحقة كأنها الغيث وابلاً، غير أنها قبل أن تجد الجواب العقلي المعرفي الإدراكي، اقتحمت صور القلب والروح والوجدان، فعملت عمل المبيد لكل الشوائب النفسية، ثم عملت عمل المعطّر لجنبات الدار غرفة غرفة، مترًا مترًا، شبرًا شبرًا. فلم تغادر هذه النفحات سويداء قلبي، وما كان لها أن تغادر إلا وقد أفاضت عليّ من “عوارف المعارف” ما لا يقدر اللسان ولا القلم على وصفه، بله تفسيره وشرحه.
ثم جاء دور العقل ليبحث عن “العلاقة” بين “لا إله إلا الله” والوجودِ من حوله، بل و”الوجودِ” في مخيِّلته وذهنه وجهة الأزل من هنالك، نحو الأبد إلى هنالك، ثم انتقل منها إلى سبر حقيقة “العلاقة” بين “لا إله إلا الله” و”المعرفة” بجميع أنواعها وأشكالها، ومواضيعها ومناهجها، البارحة واليوم وغدًا، من يوم أشغل آدم عليه السلام عقله إلى يوم تموت فيه آخر “فكرة” في عقل إنسان: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * مَا يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ)(يس:48-50).
غير أن بداية المشوار كانت مع القرآن الكريم نفسه، باعتباره “وجودًا ومعرفة”، أو إن شئت فقل “هو وجود بلباس المعرفة” و”هي معرفة بروح الوجود”. فتتبَّعت “لا إله إلا الله” “لفظًا ومعنى” في آياته المباركات، ولم أتل آية واحدة من فاتحة كلام الله إلى خاتمته، خلت من علاقة بـ”لا إله الله”: “تصريحًا” أو “تلميحًا”، “استلزامًا” أو “اقتضاء”، “علاقة سببية” أو “شرطية” أو “تراتبية” أو “تلازمية” إلى غيرها من العلاقات التي لا حصر لها، وهي تتجاوز حدود المنظَّر له في “منطق اللغة” وفي “لغة المنطق”، إلى “ما لا يدرك” من “منطق الوجود والحقيقة”.
خُذ أيَّ آية تريد وأيَّ سورة تشاء وأيَّ مقطع تقترح، ثم اسأل: ما “علاقة” ما أنا بصدده بـ”لا إله إلا الله؟” تجد أمامك جيشًا من الحقائق التي لا تخطئها إلا العين المصرَّة على العمى، والأذن المصمِّمة على الصّمم، والعقل الذي توقّف عن أداء مهمّته الفطرية، والقلب الذي لا يفقه به صاحبه شيئًا.
ولقد تتبعت ما ورد لفظًا وعبارة بصيغة “لا إله إلا الله” في كتاب الله العزيز، فوجدت أنه يفسّر العلم والعمل، ويحرّك الفكر والفعل؛ ولقد ارتبط بجميع سياقات الخلق والوجود، من الأزل إلى الأبد، عالم الشهادة وعالم الغيب:
• ارتبط بصفات الله سبحانه الإلهِ الواحد، الرحمن الرحيم: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)(البقرة:163).
• وبحياة الله تعالى الذاتية، وبقيوميته ومُلكه وعلمه جل مقامه: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)(البقرة:255).
• وبالتصوير في الأرحام وأسباب الخلق، وطلاقة مشيئته وإرادته تعالى، ثم بعزته وحكمه وحكمته سبحانه: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي اْلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(آل عمران:6).
• وبحقيقة شهادة الله عن نفسه وهو العليم، وشهادة ملائكته على إثره، ثم شهادة أولي العلم الذين لم يغلفوا أسماعهم وقلوبهم بغشاوة الظلم والغرور: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(آل عمران:18).
• و”لا إله إلا الله” هي التفسير الوحيد لشرعية القيامة، ذلك أنه تعالى هو أصدق الصادقين، وكلامه أصدق الكلام: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا)(النساء:87). ولو أن خبر القيامة ورد من غير هذا السبيل، لما كان أهلاً أن يلتفت إليه، ولكن أنى ذلك؟
• و”لا إله إلا الله” تهديد مباشر لمن أنكرها وتعلّق بالتثليث، وفيها توعّد لمن تمادى في الكفر وقول الزور: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)(المائدة:73).
• وإذا ما سألت: “من خلق الخلق؟”، ثم سألت: “من هو أهل لأن يُعبد؟”، ثم سألت: “من الوكيل على أشياء الوجود كلّها إنسها وجنّها، حيوانها ونباتها ومادتها وكل ما يعلمه العقل أو لا يعلمه من الأعراض والجواهر؟”. إن أنت سألت هذه الأسئلة في صفاء ذهن، بنيّة الإيمان والعمل الصالح لا لغرض الحفظ المجرد أو المماراة والمباهاة، إن سألت فستجد الجواب في: (ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(الأنعام102).
• ولقد يخصّ الخطاب سيّد المرسلين محمد عليه الصلاة والسلام، ثم يعمَّم على من اقتفى أثره واتبع نهجه، فتأتي “لا إله إلا الله” مثبّتة على الحق، داعمة في مواجهة الشرك والإعراض عن المشركين: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)(الأنعام106).
• وإذا ما تحيّر الناس في صدق الوحي، وفي أحقيّة النبوّة والنبي، وفي البحث عن مساحة رسالة النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ، أهي لقومه وبني جلدته وكفى؟ أم هي للناس كافة وللبشر جميعًا؟ وإذا ما تفنّنوا في الاستدلال على صدق الرسالة بصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وابتغوا إيمانهم تبعًا لإيمانه، فإن الآية تأتي ناصعة صداحة: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(الأعراف:158).
• ولقد يُعرض الكثيرون، وقد يتولَّون عن الإنصات لداعي التوحيد والهداية، هنا يأتي دور الاحتساب والتوكل على الله وحده: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)(التوبة:129).
• ومن عجائب تاريخ الأمم والنبوَّات، وتاريخ المترَفين والطُّغاة، أن الواحد منهم إذا تحقَّق من الهلاك ورآه رأي العين، عاد إلى المرتكز، وفهم ساعتها معنى الوجود ومعنى الحياة بعد فواة الأوان؛ فهذا فرعون قالها ناقصة غير مكتملة، قالها فلم تنفعه، لأنه لم يتلفظ بها مؤمنًا وإنما مخادعًا جاحدًا كعادته: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(يونس:90). ولقد أجيب بصريح العبارة: (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)(يونس:91).
• وجميعُ الرسل بلا استثناء، من لدن آدم عليه السلام إلى خير البرية محمد عليه الصلاة والسلام، جميعُهم حام حول حمى “لا إله إلا الله”، ودندن حولها، فلم يحدث أن دعا واحد منهم -مهما علا شأنه- إلى نفسه أو إلى مخلوق غيره، كل الأنبياء بلا استثناء: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)(الأنبياء:25).
• ومثال ذلك “ذو النون” يونس عليه السلام، الذي التقمه الحوت وهو مليم، ولولا “لا إله إلا الله” تسبيحًا واستغفارًا للبث في بطنه إلى يوم يبعثون: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)(الأنبياء:87)، ولقد جاءت الاستجابة عاجلة، وجاء معها وعد من الله تعالى -هدية من السماء- أن من قالها مؤمنًا موقنًا محتسبًا، في أيِّ ظلمة كان؛ مادية أو معنوية، ظلمة الجهل، أو ظلمة الشهوة، أو ظلمة الهمّ، أو ظلمة الظلم، أو ظلمة الفتنة… من يقلها بشروطها وأركانها، ينجّيه الله تعالى وعدًا منه والله لا يخلف وعده، غير أن تكرارها باللسان باردة لا يغيّر من الواقع شيئًا: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)(الأنبياء:88).
• “ولا إله إلا الله” تلخّص صفات الله الكمالية صفة صفة، وتنفي عنه ما لا يجوز في حقّه، وتعلو بالذكر إلى مقام “الإجابة” ثمرة لمقام “الاستجابة”: (هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(الحشر:22-23).
• ما دام الأمر ما ذُكر، وما دام الحق مشكاته “لا إله إلا الله”، وما دامت دنيا اليوم تجرع المسلمين كؤوس الذل والهزيمة والخذلان مريرة حنظلاً غُصصًا.. ما دام الحال هكذا، فإن العودة الكاملة بالمنهج الكامل واليقين الحقيق والإيمان الصادق، إلى حصن “لا إله إلا الله”، بات إجراء مستعجلاً عاجلاً، فأيّ تباطؤ أو تلكؤ، سيطيل عمر الأزمة والمحنة إلى أمد: (اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(التغابن:13)؛ (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً)(المزمل:9).
على الله توكلنا، حسبنا الله ونعم الوكيل.
أليست “لا إله إلا الله” بهذه الأبعاد، وبغيرها مما لم يسعه المقال ولن يسعه أي مقال لحقيقة (مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ)(لقمان:27)، أليست هي “أم القواعد الكلية” لفقه الحضارة بل لفقه الوجود، ولفقه المعرفة، ولأي فقه آخر مما نفقه ومما لا نفقه؟ ولذا صح أن نطلق عليها صفة “أم القواعد” دون تخصيص ولا تقييد. فـ”لا إله إلا الله” لا تقتصر على جانب دون آخر من مكونات الحياة ومقدراتها، ولا هي خاصة بفن دون آخر، فلا هي قاعدة عقدية وكفى، ولا هي قاعدة فقهية فقط، ولا هي قاعدة حضارية ليس إلا، إنما هي قاعدة القواعد، وأصل القواعد، وأس القواعد: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ)(محمد:19)، (هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)(الحشر:22).
• ألقيت سمعي برهة وإذا بي أسمع ما حولي يردِّد منشدًا سمفونية “لا إله إلا الله”: تميرات على الطاولة، كأس ماء بما حوى، ساعة اليد حول معصمي، قلمي الأزرق المزركش، أثاث الصالون الأرجواني، أشعّة الشمس المتسللة إلى مقعدي، محمل المصحف الخشبي… أحشائي ودقَّات قلبي… السماء الزرقاء من فوقي، طائر النورس بعيدًا يباهي السحب المفرَّقة اللطيفة.
هو مهرجان للتهليل والتسبيح، لم أشهد له مثيل من قبل، لا حرم الله منه مسلمًا.
فما كان مني إلا أن نويت وسعيت، ثم التحقت بالركب مترنمًا: “لا إله إلا أنت سبحانك، لا إله إلا أنت سبحانك، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين”.
(*) مدير معهد المناهج، الجزائر العاصمة / الجزائر.