العنصرية النائمة في سلوكنا

(قصة أحد الأوروبيين الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا)

دخل المسجد شاب وسيم أشقر، بأدب جم وخطوات ثابتة، توجه نحو المحراب، سأل بفرنسية أرستقراطية عن الإمام..

سي عبد الرزاق، إمام مغاربي طيب القلب. قدم إلى هنا قبيل سنة. حسن الخلق والخلق، بالكاد يفقه لغة الفرنسيين..

ليس له أي مؤهل جامعي في العلم الشرعي، حفظ القرآن الكريم في كتاب قريته، وحفظ بعض المتون على إمام المسجد هناك في قريته..

ابتسم في وجه الشاب: مرحبًا بك. هل من خدمة؟

أجاب الشاب: أريد أن أعلن إسلامي..

ما شاء الله تبارك الله ما شاء الله تبارك الله، هلل وكبر جماعة المتقاعدين المرابطين من رواد المسجد والذين كانوا بجانب المحراب..

انتظر حتى يحين وقت الصلاة، كي يشهد هذا الموقف العظيم إخوانك من المؤمنين..

لكن لو سمحت لي يا بني: كيف اهتديت إلى الإسلام! لو سمحت طبعاً..

ابتسم الشاب وقال: لا لا مرحبًا، بكل فرح..

لقد اطلعت على تجربة رينيه جينون وموريس بوكاي، قرأت ترجمات إيفا دو فيتري، وكنت قد زرت بعض الدول العربية والإسلامية حين كنت أحضر أطروحتي في الدكتوراه حول تاريخ الأديان والثقافات الروحية..

نظر إليه الجميع في ذهول، طبعًا لم يفقهوا ما قاله، ولم يعرفوا أي اسم من الأسماء التي ذكرها..

فجأة قال له عبدو وهو مهاجر غير شرعي من أحد دول أفريقيا الوسطى: هل ممكن آخذ معك سيلفي وأضعه على حسابي في الإنستغرام..

بصراحة أخي العزيز، وددت لو جئت معي يومًا إلى وطني كي يراك الناس، بلونك وشكلك ولغتك، كي يعرفوا أكثر عظمة هذا الدين..

نظر إليه الشاب وقال مستغربًا: ماذا لو كنت أسود البشرة مثلك يا صديقي!؟

هل قومك تهمهم الرسالة المحمدية وأثرها في قلبي وروحي وسلوكي!! أم لغتي وأصلي ولون بشرتي، أعتقد أن هذه أمور ثانوية جدًّا…

راقبت المشهد كله عن قرب، لم أتفاعل، بقيت متأملاً.. لله في خلقه شؤون، قد حان وقت الصلاة..