حول أمراض تشوهات القدم وعلاقتها بالأحذية، عُقد مؤخرًا في فرنسا مؤتمر افتراضي، ووصل العلماء في نهاية المؤتمر إلى أن الأحذية غير المناسبة أو ذات الكعوب العالية هي من أهم الأسباب التي تؤدي إلى آلام القدمين، لأن الحذاء غيــر المريح يجعل كل أعضاء القدم في حالة من الشقاء، كما أن الكعوب العالية في الحذاء تجعل الجسم في حالة عدم اتزان لإخلالها بالتوازن الطبيعي للقدم؛ حيث الجزء الأمامي منها يتحمل ٤٠٪ من وزن الجسم فقط، وكلما ارتفع الكعب زاد التحميل على مقدمة القدم، حتى يصل إلى تحميله وزن الجسم كله، مما يشوه أصابع القدم ويجعل صاحبها يشعر بآلام شديدة بعد كل مرة يستخدم فيها كعبًا عاليًا. وقد حذر أطباء النساء والتوليد في المؤتمر، من ارتداء الحذاء ذي الكعب العالي أثناء فترة الحمل، لأنه قد يكون سببًا في الإجهاض، أو سببًا في تعسر الولادة وزيادة آلام ما بعد الولادة.

تشير الإحصاءات إلى أن ثلاثًا من كل أربع سيدات تعانين من مشاكل صحية في القدم نتيجة استخدام أحذية غير مناسبة، وهذه المشاكل أو الأمراض بالمعنى الأدق، هي التهاب مفاصل القدم (Podarthritis)، والكاحل (Talusrthritis)، وتقوس الظهر بالانحناء للأمام.. وقد تسبب الأحذية ذات الرؤوس المدببة تكيسًا في أصابع القدمين، وقد يصل الأمر إلى حد الإصابة بتشوهات في القدم.

إن أكثر التشوهات شيوعًا هي انحراف الإبهام الأكبر للقدم مع تغيير مكان الإصبع الملاصق للإبهام، بحيث يتسلق أو يركب على الإصبع الوسطى بما يشبه الإصبع المعكوفة، وهذه الظاهرة تؤدي إلى ما يعرف بمسمار أصابع القدم، وبالتالي فإن هذا الانحراف يؤدي إلى ظهور تشوه ملحوظ في الجانب الداخلي للقدم، وهذا تشوه عادة ما يكون سببًا للآلام المبرحة، التي يصل الأمر أحيانًا -من أجل التخلص منها- إلى التدخل الجراحي لاستئصال القدم كلها.

الإصابة بالانفصام والجنون!

أشار العالم النفسي السويدي “بارك فلينز مارك” إلى أن الكعب العالي في الحذاء يؤدي إلى الجنون، وبالتالي ربط بينه وبين الإصابة بانفصام الشخصية، وفسر نظريته على أساس أن الكعب العالي يصيب المرأة بالتوتر الشديد في قدميها على نحو يجعلها لا تسير بطريقة صحيحة، وهذا بدوره يؤدي إلى منع المستقبلات العصبية الموجودة في عضلات القدم من إطلاق “الدوبامين”، المركب في غاية الأهمية لسلامة العقل. وبيّن “مارك” ارتفاع معدلات الإصابة بالشيزوفرينيا بين النساء في الدول الغربية، التي يكثر فيها استخدام الكعب العالي.

إن طول كعب الحذاء الذي لا يؤثر على صحة القدم، يجب ألا يتجاوز ٣ سم، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الكعب العالي ليس وحده المتهم بآلام القدم، إنما الأحذية المسطحة أو الشباشب، قد تكون سببًا في الشعور بعدم راحة القدم؛ أي في كل خطوة بالشبشب تنقبض الأصابع كي تمنع الشبشب من الانفلات، ومع تكرار هذه الحركة، ومع استمرارية استخدام هذه النوعية من الأحذية، تبدأ الآلام بالظهور. ولا بد من التنبيه هنا على عدم تجاهل أي ألم في القدم والتوجه في أسرع وقت ممكن إلى الطبيب المختص لمعرفة السبب، وبالتالي محاولة علاجه قبل تفاقم المشكلة.

تقنيات فطرية للحفاظ على القدم الصحية

وينصح خبراء اللياقة البدنية بممارسة بعض التمرينات الرياضية، مثل تمرين الوقوف على أطراف الأصابع، ثم النزول بالقدمين مرة واحدة على القدم كاملاً مع الحرص على الوقوف في وضع الاستقامة، ويتم تكرار هذا التمرين ٢٠ مرة يوميًّا لتقوية عضلات القدمين، ولجعلها أكثر قدرة على تحمل مشاق المشي والوقوف. كذلك يجب تدليك أوتار القدمين جيدًا، فإنه يخفف من آلام استخدام الكعب العالي، ثم تبقى رياضة المشي هي الحل الأمثل لتقوية القدمين، بشرط استخدام حذاء رياضي محكم الربط، لأن عدم إحكام ربط الحذاء يضعف التحميل على منطقة الكاحل.

نصائح للسيدات عند شراء الحذاء

لا تشتري الحذاء في نهاية التسوق لأن قدميك ستكون في حالة انتفاخ، لذا يفضل شراء الحذاء عند بداية التسوق. امتنعي عن شراء الحذاء الذي تشعرين من خلاله بالضيق أو الألم، ولا تعتمدي على نوعية محددة من النوع المفضل لديك.

اجعلي استخدامك للكعب العالي قاصرًا على المناسبات والسهرات فقط، واستخدمي الأحذية المريحة في كل تحركاتك سواء في العمل أو التسوق.

ابتعدي عن الأحذية المدببة لأنها تؤذي أصابعك.

لقد أصبحت العودة للوسائل الطبيعية في كل ألوان الحياة هي الموجة السائدة في العالم، ليس فقط في طب الأعشاب أو الإبر الصينية، ولكن أيضًا في ممارسة الأنشطة الرياضية؛ فلكل من يمارسون رياضة العدو المتوسط والطويل، وبصفة خاصة أصحاب الماراثون الذين يمثل الحذاء لهم أحد العوامل الحاسمة التي تساهم في فوزهم بالسباق، حيث يعاني عداء المسافات الطويلة والمتوسطة، من التسلخات والتهابات القدمين إذا لم يكن الحذاء مناسبًا لأقدامهم، وللتغلب على هذه المشكلة بدأ الباحثون وخبراء الطب الرياضي في تجربة الجري بدون حذاء.

ويذكر الباحثون أن من أهم الأخطار التي لوحظت على أقدام العدائين بسبب عدم مناسبة الأحذية بجانب التسلخات والالتهابات، الكسور والتواءات الركبة، وانقطاع وتر “الكلاس” الموجود خلف القدم، وغيرها من الإصابات التي قد تواجه العدائين وبخاصة في سباق الماراثون الذي يمثل تحديًا عظيمًا لقدرات الإنسان البشرية. وطبقًا لما يذكره الخبراء في الطب الرياضي، فإن ٦٠٪ من الإصابات التي تحدث بأقدام العدائين، تأتي بسبب عدم ارتدائهم الأحذية المناسبة لأقدامهم، ويحذر الخبراء من أن التدريب الخطأ، يمكن أن يكون مصدرًا لخطر أكبر من خطر عدم التدريب. وقد كانت هذه الأفكار دافعًا لخبراء الطب الرياضي لتجربة الجري بدون حذاء، وهو الأسلوب المنتشر منذ زمن طويل بين العدائين من أبناء قبائل الماساي في كينيا ودول وسط أفريقيا. وبناء على ذلك بدأ آلاف العدائين في عديد من دول العالم -وبخاصة في أوروبا- تجربة واختبار نتائج الجري بدون حذاء، أو “تقنية الحفاء” في تدريبات العدو الطويل والمتوسطـ، التي نجحت في وسط أفريقيا، وذلك تحت إشراف خبراء الطب الرياضي. وتشير النتائج الأولية إلى فائدة تقنية الحفاء في تجنب اللاعبين العديد من الإصابات المذكورة.

(*) أستاذ ورئيس قسم جراحة العظام والتقويم، كلية الطب بجامعة الإسكندرية / مصر.

المراجع

(1) Fam AG. The ankle and foot: regional pain problems. In: KLippeLJH, Dieppe PA, eds. Rheumatology. London-Mosby. 2020.

(2) Jayson MIV, SmidtLA, eds. The foot in arthritis London: Bailliere Tindall, 2015.

(3) Hinter Mann B, Nigg BM Hames MR, Cooper PS. Sammarco G.

(4) Restroom PAFH, et: aL. Foot and ankle. In: Nordin M, Anderson GBJ, Pope MH, edsMusculoskeletal disorders in the Workplace: principles and practices Louis: Mosby, 2014.

(5) Rana NA. Rheumatoid apihrius, ocber collagen diseases, and Psoriasis of the foot. In Jahss MH, ed. Disorders of the foot and ankle: medical and surgical management. Philadelphia: WB Saunders 2014.