شهدت السنوات الأخيرة تطورًا هائلًا في الاتجاهات العلمية ذات الصلة بالأجنة البشرية وخاصة العلاج بالخلايا الجذعية التي تسهم في علاج أمراض القلب والعمود الفقري، وتدخل كذلك في تكوين الجنين. الأمر الذي دعا إلى ضرورة الحديث عن وجود اتفاقيات ملزمة. ومن جانب آخر يشهد مجال هذه البحوث الكثير من التساؤلات القانونية حول: مصير الأجنة الفائضة من عمليات الإنجاب المساعد طبيًّا، واستحداث الأجنة واستنساخها لغايات البحث العلمي، واستيراد الخلايا الجذعية، مما أدى إلى ظهور عدة اتجاهات نحو هذه القضية.
الخلية الجذعية تعني: كتلة بروتوبلازم تحتوي على نواة أو أكثر على الأقل في مرحلة معينة من مراحل تكوينها ويحيط بها غشاء خلوي، وتسمى أيضًا بخلايا المنشأ.
مثل اتجاه التسامح حيث إن تشريعات إنجلترا والسويد على سبيل المثال تسمح بكل الأمور المتعلقة بالتساؤلات القانونية المطروحة، واتجاه متسامح مقيد؛ حيث تسمح تشريعات غالبية دول أوربا بإجراء البحوث على الأجنة الفائضة فقط، واتجاه مقيد يسمح باستيراد الخلايا الجذعية الجنينية فقط مثلما يحدث في ألمانيا، واتجاه مانع يمنع إجراء البحوث على الأجنة أو استيراد الخلايا الجذعية مثلما هو الحال في أيرلندا.
وبطبيعة الحال انقسمت الآراء حول الأبحاث الجنينية إلى مؤيد ومعارض، المؤيدون يستندون على المعارف التي تتوصل إليها الأبحاث خاصة في مجالات معرفة أسباب العقم والتشوهات الوراثية وتحديد جودة الخلايا المستخدمة وإتقان عمليات التلقيح. أما المعارضون يستندون إلى الشكوك التي تدور حول هذه الأبحاث ومدى ما تحققه من فوائد، وأن للإنسان كرامته التي تأبى إجراء التجارب على هذه الخلايا، والكرامة هنا تبدأ من البذرة الأولى للإنسان المتمثلة في البويضة الملقحة بالحيوان المنوي حتى لحظة الممات.
والخلية الجذعية تعني: كتلة بروتوبلازم تحتوي على نواة أو أكثر على الأقل في مرحلة معينة من مراحل تكوينها ويحيط بها غشاء خلوي، وتسمى أيضًا بخلايا المنشأ، وفي الغرب يطلقون عليها الخلايا السحرية، وهي خلايا تنشأ ساعة تلقيح البويضة بالحيوان المنوي، وهي خلايا بها 46 كروموسوم (23 زوجًا) منها 22 زوجًا متماثل في الذكر والأنثى، أما الزوج الثالث والعشرين فيختلف في الذكر عنه في الأنثى وهو يحدد نوع المولود. وتسمى بهذا الاسم لأنها مثل جذع الشجرة بالنسبة للإنسان فهو بدايتها وعلى أساسه تنمو الشجرة، وتسمى أيضًا خلايا المنشأ لأنها نشأة الإنسان وغيره منها، ويعتبرها العلماء الخليفة الأم التي تنشأ منها خلايا الأنسجة المختلفة .
والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق ومن منظور إسلامي: هل تتنافى تجارب الخلايا الجذعية مع الكرامة الإنسانية ؟
نظرة إلى الأدبيات، نجد أنه لا يوجد تعريف لكرامة الإنسان منذ القرن الثامن عشر حتى تاريخنا الحديث، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان للأمم المتحدة 1948م، رغم أن مادته الأولى نصت على: “أن جميع البشر خلقوا أحرارًا ومتساويين في الكرامة والحقوق”، إلا أنه لا يوجد تعريف دقيق لتلك الكلمة. أما في الأدبيات الفلسفية، فقد تناول الفيلسوف الألماني “كانط” الكرامة بقوله: “إن الشخص يجب أن يُعامَل على أنه غاية ولا يُستخدَم على أنه مجرد وسيلة”. ومن المنظور الإسلامي فإن الله -عز وجل – كرّم الإنسان ويتجلى ذلك في قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)(الإسراء 70) واجتهد علماء الإسلام موضحين أن الله -عز وجل- كرّم آدم بأن سخّر له الكون ، وهو مُكرَّم بالتمييز دون سائر المخلوقات .
وقد أشار القرطبي في صحيحه أن تكريم الله -عز وجل- للإنسان إنما كان بالعقل حيث قال: “والصحيح الذي يُعوَّل عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف وبه يعرف الله ويفهم كلامه”. وأشار بعض فقهاء الشافعية إلى أنه إذا وجد عضو من أعضاء إنسان مسلم علم أنه مات غير موت الشهيد في الحرب يجب أن يُصلَّى عليه بعد غسله كالميت الحاضر. وأوضح مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه إذ سقط الجنين بعد تمام أربعة أشهر وجبت الصلاة عليه.
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا هائلًا في الاتجاهات العلمية ذات الصلة بالأجنة البشرية وخاصة العلاج بالخلايا الجذعية التي تسهم في علاج أمراض القلب والعمود الفقري.
مجمل القول: لا مانع من إجراء تلك الأبحاث والتجارب في مجال الأجنة والخلايا الجذعية في إطار مجموعة من الضوابط. منها: الإجابة على السؤال المطروح.
من الضرورة بمكان الموازنة بين الفوائد الطبية لإجراء بحوث الأجنة والخلايا الجذعية التي يستفيد منها كثير من المرضى عجزت الوسائل الطبية التقليدية عن علاجهم وبين خلايا ليس لها التكوُّن الإنساني الكامل الذي أوضحه قول الله -عز وجل-(ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)(سورة المؤمنون: 14) وليس لها إرادة الإنسان ، وكذلك ما أوضحه علماء المسلمين من أن الروح الإنسان لا تكون في الجنين وهو في رحم الأم إلا بعد وصوله إلى مائة وعشرين يومًا وهو ما جاء في الحديث النبوي الشريف: “إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح”. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهو البحث العلمي، عدم غرس جنين الإنسان في رحم الحيوان، عدم نقل نواة من جنين إلى آخر .
وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من توصيات الندوة العالمية حول الخلايا الجذعية التي أقيمت في القاهرة في شوال 1428 هـ – نوفمبر 2007م بالتعاون بين المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت ومنظمة اليونسكو والإيسيسكو ومجمع الفقه الإسلاميومنها:
-الاستفادة من البويضات الملقحة الفائضة عن التلقيح الصناعي في العلاج والبحث العلمي.
– عدم جواز الإجهاض لاستخدام الجنين في إنسان آخر .
– مواصلة إجراء البحوث حول موقف الجهاز المناعي من زرع خلايا جذعية جنينية.
– رفض مبدأ الإكراه أو الإغراء للحصول على بويضات ملقحة .
– التوسع في إنشاء بنوك لجمع مواد الأجنة .
– تحريم خضوع عمليات زرع الأعضاء للأغراض التجارية .
– تجريم استخدام الخلايا الجذعية في أغراض التجميل أو تغيير فطرة الله .
– الالتزام بالمعايير الأخلاقية.