صَفِيُّ الدين الحِلِّيُّ:
عبدُالعزيزِ بنُ سرايا بنِ عليِّ بن أبي القاسم السَّنْبَسِيُّ الطَّائِيُّ، ولد عام خمسةٍ وسبعين وستِّمئةٍ للهجرة (675هـ/ 1276م)، ونشأ في الحِلَّةِ بينَ الكوفةِ وبغدادَ، واشتغلَ بالتجارة، فكان يرحلُ إلى الشامِ ومصرَ… وغيرهما، مادحًا الملوكَ والأمراءَ، حتى ماتَ سنة خمسين وسبعِمئةٍ للهجرة (750هـ/ 1349م)، من كتبِه: العاطِلُ الحِالِي رسالةٌ في الزَّجَلِ والمَوالي، الأَغْلاطِي: معجمٌ للأغلاطِ اللغوية، دُرَرُ النُّحور، قصائدُ الأَرْتَقِيَّاتِ، صفوةُ الشعراءِ وخُلاصَةُ البُلَغاءِ.
قال من الخفيف:
دَقَّ شَوَّالُ في قَفا رَمَضانِ | وَأَتى الفِطرُ مُؤْذِنًا بِالتَّهاني |
فَجَعَلْنا داعِي الصَّبوحِ لَدَينا | بَدَلاً مِنْ سَحُورِهِ وَالأَذانِ |
وَعَزَلْنا الإِدامَ فيهِ، وَلُذْنا | بِقَنانٍ مَصفوفَةٍ، وَقِيانِ |
وَنَحَرْنا فيهِ نُحورَ زِقاقٍ | وَضَرَبْنا بِهِ رِقابَ دِنانِ |
وَاسْتَرَحْنا مِنَ التَّراويحِ | وَاِعتَضْنَا بِخَفْقِ الجُنُوكِ، وَالعِيدانِ |
فَالمَزاميرُ في دُجاهُ زُمورٌ | وَالمَثاني مَثالِثٌ، وَمَثاني |
كُلَّ يَومٍ أَروحُ فيهِ، وَأَغدو | بَيْنَ حورِ الجِنانِ، وَالوِلدانِ |
لا تَراني، إِذا رَأَيتَ نَقِيَّ الخَدِّ | أُثْنِي طَرْفِي إِلى لِحْياني |
مَنظَرُ الصَومِ مَعْ تَوَخِّيهِ عِندي | مَنظَرُ الشَّيْبِ في عُيونِ الغَواني |
ما أَتاني شَعبانُ مِن قَبلُ إِلا | وَفُؤادي مِن خَوفِهِ شَعبانِي |
كَيفَ أَستَشعِرُ السُرورَ بِشَهرٍ | زَعَمَ الطِّبُّ أَنَّهُ مَرَضانِ |
لا تَتِمُّ الأَفراحُ إِلّا إِذا | عادَ سَنا بَدْرِهِ إِلى نُقصانِ |
فيهِ هَجرُ اللَّذَّاتِ حَتمٌ، وَفيهِ | غَيرُ مُستَحسَنٍ وِصالُ الغَواني |
وَقَبيحٌ فيهِ التَنَسُّكُ إِلا | بَعْدَ سِتِّينَ حِجَّةً وَثَماني |
فَتَهَنَّ بِالعيدِ السَعيدِ وَإِن | كانَ لِكُلِّ الأَنامِ مِنهُ التَهاني |
لَيسَ لي في صِفاتِ مَجدِكَ فَخرٌ | هِيَ أَبدَت لَنا بَديعَ المَعاني |
كُلَّما أَبدَعَت سَجاياكَ مَعنى | نَظَمَتْ فِكرَتي وَخَطَّ بَناني |
لا تَسُمْني بِالشِّعرِ شُكرَ أَياديكَ | فَما لي بِشُكرِهِنَّ يَدانِ |
لَو نَظَمتُ النُّجومَ شِعرًا | لَما كافَيتُ عَنْ بَعضِ ذَلِكَ الإِحسانِ |