نَبْكِي لِفَقْدِ سَنَاكَ يَا رَمَضَانُ 

ابنُ زاكورِ الفَاسِي:

أبو عبدِالله محمدُ بنُ قاسِمِ بنِ محمد بن عبدالواحد ابن زَاكُورِ الفاسي، أديبُ فاسٍ في عصرِهِ، ولدَ عام خمسةٍ وسبعينَ وألفٍ للهجرة (1075هـ/ 1664م)، وماتَ بها سنةَ عشرينَ ومئةٍ وألفٍ للهجرة (1120هـ/ 1708م)، من كُتُبِهِ: المُعْرِبُ المُبينُ بما تَضَمَّنَهُ الأَنِيسُ المُطْرِبُ ورَوْضَةُ النِّسْرِينِ، وإيضاحُ المُبْهَمِ مِنْ لاميةِ العَجَمِ، وعُنوانُ النَّفاسَةِ في شرحِ ديوانِ الحَماسَةِ لأبي تمام، وديوانُه الكبيرُ بعُنوانِ: الرَّوْضُ الأَرِيضُ…

قال من البحر الكامل يبكي رحيل رمضان وانقضاء فريضة الصيام:

نَبْكِي لِفَقْدِ سَنَاكَ، يَا رَمَضَانُ  إِذْ حَفَّنَا لِفِرَاقِهِ أَشْجَانُ
نَبْكِي لِبَيْنِ حُلاَكَ، يَا زَيْنَ الْحُلَى   إِنَّ الْبُكَاءَ لِبَيْنِهَا إِيمَانُ
نَبْكِي، وَحُقَّ لَنَا، وَقَلَّ لَهَا الْبُكَا  لَوْ كَانَ يُسْعِدُنَا جَدًى هَتَّانُ
نَبْكِي الصِّيَامَ، وَفَضْلَهُ، وَثَوَابَهُ  وَيُعِينُنَا التَّسْبِيحُ وَالْقُرْآنُ
نَبْكِي التَّشَبُّهَ بِالْمَلاَئِكِ فِيكَ، يا  أَزْكَى الشُّهُورِ، كَمَا بَكَتْ صِبْيَانُ
نَبْكِي الرِّيَاضَةَ، وَالنَّشَاطَ، وَفَرْحَةَ  الإِفْطَارِ، إِنْ يَنْبِضْ لَهُ شَرْيَانُ
نَبْكِي، وَنُبْكِي لِلتَّرَاوِيحِ، التيِ  هِيَ لِلْقُلُوبِ اللَّتْ زَكَتْ رَيْحَانُ
وَقِيَامَنَا سَحَرًا، وَقَدْ وَشَتِ الرُّبَى  أَسْرَارَهَا، فَوَشَى بِهَا النَّسَمَانُ
وَالشُّهْبُ كَالَأصْدَافِ فِي بحْرِ الدُّجَى  يَرْقَى لَهَا غُوَّاصُهَا الْإِنْسَانُ
أَوْ كَالَّلآلِئِ، غَالَهَا عُبْدَانُ  يَبْهُو السَّوَادُ بِهِنَّ، وَالَّلمَعَانُ
أوْ كَالْكُؤُوسِ، تُدِيرُهَا إِخْوَانُ  أَوْ كَالأَزَاهِرِ؛ إِذْ زَهَا الْبُسْتَانُ
أَوْ كَالْجِمَارِ، يَحُفُّهُنَّ دُخَّانُ  أَوْ كَالْمُنَى، قَدْ حَاطَهُ حِرْمَانُ
نَبْكِيكَ، حَتَّى تَمْرَهَ الأَجْفَانُ  يَا حِلْيَةَ الأَزْمَانِ، يَا رَمَضَانُ
لِمَ لاَ؟ وَفِيكَ تَنَزَّلَ الْقُرْآنُ   لِمَ لاَ؟ وَفِيكَ تَعَاظَمَ الإِحْسَانُ
لِمَ لاَ؟ وَفِيكَ تَصَفَّدَ الشَّيْطَانُ  لِمَ لاَ؟ وَفِيكَ تَصَعَّدَ الْعُدْوَانُ
لِمَ لا؟ وَفِيكَ تَجَاوَزَ الرَّحْمَانُ  عَمَّنْ جَنَى، وَتَضَاعَفَ الْغُفْرَانُ
فَلَقَدْ بَكَاكَ الدِّينُ حَقَّ بُكَائِهِ  لِمَ لا؟ وَأَنْتَ لِعَيْنِهِ إِنْسَانُ