(مُدَارَسَاتٌ فِي رسَالاَتِ الهُدَى المِنْهَاجِي للقُرْآنِ الكَرِيم مِنَ التلَقِّي إلِى البَلاَغِ)
أولاً: بيانات الكتاب
عنوان الكتاب: “مَجَالِسُ القُرْآن” “مُدَارَسَاتٌ فِي رسَالاَتِ الهُدَى المِنْهَاجِي للقُرْآنِ الكَرِيم مِنَ التلَقِّي إلِى البَلاَغِ”
اسم الكاتب: فريد الأنصاري.
أجزاء الكتاب: مجلد واحد.
عدد الصفحات: 749 صفحة.
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة، لصاحبها عبد القادر محمود البكار.
رقم الطبعة: الطبعة الثالثة: 1437ه / 2016م.
ثانيا: نبذة عن المؤلف[1]
هو الدكتور فريد الأنصاري: ولد بإقليم الرشيدية بجنوب شرق المغرب سنة (1380ه / 1960م). حاصل على دكتوراه الدولة في الدراسات الإسلامية، تخصص أصول الفقه، من جامعة الحسن الثاني. كلية الآداب المحمدية. المغرب. كان عضوًا بالعديد من المؤسسات العلمية وأستاذًا جامعيًّا بمؤسسات جامعية بالمغرب.[2]
من أعماله العلمية: [3]
-المصطلح الأصولي عند الشاطبي (أطروحة دكتوراه) دار السلام، القاهرة. الطبعة الأولى (2010م).
-الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب: دراسة في التدافع الاجتماعي، منشورات الفرقان، الدار البيضاء، ط. الأولى (2000م).
-مجالس القرآن: مدارسات في رسالات الهدى المنهاجي للقرآن الكريم من التلقي على البلاغ (ج1). دار السلام، القاهرة، ط. الأولى (2009م).
كما له أعمال علمية وأدبية أخرى،[4]نذكر منها: ديوان القصائد: شعر، دار السلام، القاهرة، ط. الأولى (2011م).
ثالثا: مقدمة
ارتبط مشروع مجالس القرآن، بالصيغة التي وردت في متن هذا الكتاب، ارتباطًا وثيقًا بالعلامة فريد الأنصاري، والكتاب الذي بين أيدينا حلقة من حلقات هذا المشروع. فبعد الجزء الأول والثاني من المدارسات القرآنية لبعض السور القرآنية، يأتي الجزء الثالث استكمالا ولبنة خاتمة لما يسر الله للراحل خطه من كلمات وهدايات قرآنية مستنبطة من آيات القرآن الكريم.
فما هي أهم محتويات الكتاب؟ وما هدفه ومنهجه؟ وما هي بعض مميزاته؟ وما الملحوظات التي يمكن إبداؤها حوله؟
رابعًا: محتوى الكتاب
يتضمن الكتاب مقدمة، وتقديمًا، ومدارسة قرآنية في سورتي البقرة وآل عمران، وسيرة ذاتية للمؤلف، وإصدارات دار السلام.
أشار الأستاذ محمد المودني في التقديم [5]إلى أن مجموعة من التفاصيل ذات العلاقة بالكتاب بين فيها مسألة مهمة، وهي العزم القوي الذي كان الشيخ فريد الانصاري قد عقده على نفسه والمتمثل في إتمام مدارسة القرآن سورة، إلا أن أجل الله أخذه قبل تحقيقه هذه الأمنية، وتناول مسار الراحل مشروع مجالس القرآن وتلك الرحلة الهامة في سبيل الوصول إلى بر القرآن الكريم وكذا منهجية عمله في هذا المشروع الدعوي الواعد، كما قدم صاحب التقديم تعريفًا خاصًّا للهدى المنهاجي عند الأنصاري.
إن أهم ما جاء في المقدمة[6]، وقوف المؤلف على الهدف من مشروع مجالس القرآن، مع إهداء كلمات إلى أصناف من الناس ممن ذكرهم في المقدمة، ثم كرر التذكير بأهمية القرآن في حياة الإنسان. فالقرآن كان ولا يزال هو محرك الإنسان وصانعه صنعًا عمرانيًّا، وأعاد طرح السؤال حول: ماذا تغير الآن إذا كان القرآن هو القرآن الذي نزل والإنسان هو نفسه الإنسان؟ ثم بين أن الجواب يكمن في منهج التعامل مع القرآن وتلك هي القضية الأساسية في مشروع المجالس، ووقف المؤلف عند تحليل عناصر عنوان الكتاب مبرزًا أن المجالس القرآنية هي الركن الركين لهذا المشروع الدعوي الواعد، وما تضمنه من السور القرآنية ـ”موضوع التدارس” ـ
مجالس القرآن: [7]وفيها مدارسة لسورتي البقرة وآل عمران وفق منهجية مجالس القرآن التي وضعها الأنصاري والتي عرفت عند الأنصاري بالخطوات الآتية؛ التقديم للسورة، كلمات الابتلاء، البيان العام، الهدى المنهاجي، مسلك التخلق، وأخيرًا خاتمة السورة.
وبعد ذلك يجد القارئ للكتاب في آخره سيرة ذاتية للمؤلف وإصدارات دار السلام.
خامسًا: هدف الكتاب ومنهجه
أ-هدف الكتاب
مشروع مجالس القرآن لصاحبه فريد الأنصاري، له هدف موحد، وهو ما أشير إليه في مقدمة الكتاب الذي بين أيدينا، من أن مشروع” مجالس القرآن” بصورته العلمية، يرجى له أن يجعل المؤمن يندمج في فضاء القرآن، ويتلقى آياته كلمة كلمة، تلاوة وتزكية وتعلمًا، وهي لذلك تمثل صلب المنهاج الفطري الذي يدعو إليه المؤلف، كما بينه مفصلاً في كتابه ” الفطرية”.[8]
ب-منهج الكتاب
بالنظر والتأمل في الكتاب، تجد المنهج المتبع نفسه ما سار عليه المؤلف وإجمالاً فإن الكتاب تضمن منهجية بحثية تقوم على المناهج البحثية كالآتي:
-المنهج التوثيقي[9] : بنظرة في مضمون الكتاب يظهر أن العلامة فريد الأنصاري -رحمه الله تعالى- جمع مادة الكتاب من كتب تفسير أخرى وعمل على إعادة تركيبها تركيبًا متناسقًا، بما ينسجم وتحقيق أهداف الكاتب من إبداع هذا المؤلف.
-المنهج التحليلي الوصفي: إذا كان الداعية العالم فريد الأنصاري ممن أسهموا في التأسيس لأبجديات البحث في العلوم الشرعية والحديث عن مناهج البحث، فإنه لم يغفل التحقق بها في كتابه هذا، بحيث يجد القارئ حضورًا قويًّا للمنهج الوصفي التحليلي في الكتاب، وبعد عرضه للمادة العلمية يظهر أن المؤلف بذل جهدًا كبيرًا في تحليلها وتفكيكها، حتى إن القارئ يكاد يصل إلى خلاصة مفادها أن أغلب مادة الكتاب صيغت بلغة الكاتب تحليلاً ومناقشة. يضاف لذلك النقد الواضح خصوصًا عندما تحدث الكاتب منتقدًا نفسه بخصوص علاقته مع القرآن وكيف غابت عن كنوزه منذ زمن ليس باليسير فلم يذق حقيقته ورسالاته إلا بعد جهد في الاقتراب منه أكثر.
سادسا: مزايا الكتاب
إن تجديد الدين سنة كونية ومطلب شرعي، فالأمم التي لا تتجدد تتبدد، ومن التجديد، والناظر في الكتاب موضوع القراءة يلمح البعد التجديدي، والنفس الاجتهادي الإبداعي، ذلك أن المؤلف بذل جهدًا للتحقق بالتوجيه النبوي الداعي إلى تجديد الدين على رأس كل مائة، فقدم مدارسة للقرآن الكريم ذات منهجية جديدة مختلفة عما هو عليه الأمر عند كثير من الباحثين والدارسين والمهتمين بالنظر في القرآن الكريم، وما يُجَلي هذه الحقيقة، هو مجموع المراحل التي وضعها العلامة فريد الأنصاري في عرضه لرسالات القرآن، وهو ما عبر عنه سلفا بطريقة عرض الرسالات.
تعاني العلوم الإسلامية جملة من المشكلات كالاجترار والتقليد والجمود، كما أقر ذلك بعض الباحثين[10]، ولعل الكتاب المدروس محاولة لتجاوز البعض منها، يدل على ذلك ما قدمه من رؤية ومنهجية جديدة للنظر والتعامل مع كتاب الله تعالى، ومنه يعد ما قدمه العلامة فريد عملاً نوعيًّا وإجابة فريدة تسهم في تجديد علم من العلوم الإسلامية وهو علم التفسير، بما هو نظر في كتاب الله عز وجل.
-شهد تاريخ المغرب ضعفًا في الإنتاجات العلمية الخادمة للقرآن الكريم[11]، ولا شك بأن هذا الكتاب لبنة من لبنات إثراء حركة النظر في كتاب الله العزيز، مضافًا إلى جهود مغربية سابقة تألقت في إغناء الرصيد العلمي للمكتبة المغربية. أمثال الشيخ المكي الناصري وعبد الله كنون وغيرهم من العلماء العاملين.
-وجدير أن ثمة قراءات عديدة للقرآن الكريم، منها ما يمكن تسميته بالاتجاهات القرآنية التي تزعم الاستغناء عن السنة النبوية وأحاديث النبي عليه السلام لفهم كتاب الله تعالى، فلسان حالهم يقول إنه لا حاجة للسنة لكمال التعامل مع القرآن، إلا أن العلامة الأنصاري لم يكن من هذا التيار القرآني، بل جعل من السنة مصدرًا أساسيًّا في مشروع مجالس القرآن، ويكفي للتأكيد على هذه الحقيقة الرجوع إلى متن الكتاب، ففيه استحضار واستثمار واستشهاد في مواطن كثيرة منه بأحاديث النبي عليه السلام [12]بما يقطع الشك باليقين في أن السنة ليس بالسهلة لمن رام النظر في القرآن الكريم.
-حرص المؤلف على تسمية الكتاب بـــــــــ “مجالس القرآن” دونما إشارة إلى اسم المؤلف في العنوان خاصة، فإذا كان مألوفًا تسمية بعض تفاسير القرآن الكريم باسم أصحابها مجازًا مثل: “تفسير فخر الدين الرازي” “مفاتيح الغيب”[13]، بخلاف مجالس القرآن.
-يتميز الكتاب بالسلاسة والسلامة اللغوية والأسلوبية، الشيء الذي يجعله في متناول فئة عريضة من القراء والمهتمين بالدراسات القرآنية.
-الحضور القوي للمؤلف في جميع صفحات الكتاب، بحيث يمكن للقارئ التوصل إلى فكرة مهمة في هذا الصدد، وهي أن أغلب مادة الكتاب صناعة المؤلف ومن بناة أفكاره. الأمر الذي يختلف عن دراسات وأبحاث كثيرة ذات طبيعة تجميعية وصفية للحقائق والمعارف أكثر منها تحليلية نقدية.
-التفاعل القوي بين الكاتب وكلماته، بحيث تمكن المؤلف من جعل أفئدة الباحثين تهوي إليه، دراسة وبحثًا، حتى إن المتتبع يكاد يحصي كثيرًا من المبادرات التي سارت على منواله ـ رحمه الله ـ في منهجية مدارسة السور القرآنية[14].
سابعا: ملحوظات حول الكتاب
لكل شيء إذا ما تم نقصان، فقد سجل المقال جملة من المزايا التي تعد معبرة عن قيمة المؤلف وصاحبه، ومع هذا كله تبقى هناك ملاحظات حوله، نذكر منها:
-غياب خاتمة الكتاب، وكما هو معلوم أن الخاتمة من تقنيات البحث العلمي، كما أقر ذلك فضيلة العلامة فريد الأنصاري رحمه الله[15]. إلا أن الأجل المحتوم ـ كما تقدم في تقديم الكتاب ـ حال بين المؤلف وبين كتابة خاتمة الكتاب.
-بإعمال الملاحظة في الإحالات المختلفة التي اعتمدها الكتاب، يلاحظ أن الكتاب غني بالمصادر والمراجع التي ينطلق منها المؤلف ويجعلها عمدته في مجالس القرآن، ومع ذلك فإنك تجد الكتاب أغفل الإشارة إليها في آخر صفحات هذا العمل العلمي المفيد، كما هو معهود في البحوث والدراسات العلمية.
ثامنا: خاتمة
صفوة القول، لئن كان الله كتب للدكتور فريد الأنصاري ومنحه من القوة والعزيمة لتقديم وتطبيق منهجية جديدة لتدارس القرآن الكريم، فكانت نتيجة ذلك خروج عمله في ثلاثة أجزاء نافعة مفيدة لكل ناظر متأمل في كتاب الله العزيز، فإن الحاجة ماسة في وقتنا هذا لطائفة تنفر للتفقه في الفرقان وتستخرج باقة كنوزه العطرة مما لم يكتب للأنصاري إكماله، ولا شك أن ذلك من خدمة كتاب الله وأعظم بها من خدمة تقدم له، وهو خدمة لروح الفقيد إذ محبة أهل العلم تقتضي فيما تقتضيه إتمام ما بدؤوه من المجهودات الحسنة عساهم ينالوا أجر آثارها فيكون ذلك في ميزان حسناتهم.
المراجع والمصادر:
[1]ـ فريد الأنصاري ” مَجَالِسُ القُرْآن ” مُدَارَسَاتٌ فِي رسَالاَتِ الهُدَى المِنْهَاجِي للقُرْآنِ الكَرِيم مِنَ التلَقِّي إلِى البَلاَغِ” الجزء الثالث، ص 743.
[2] ـ نفسه، ص 743ـ 744.
[3] ـ نفسه، ص 744ـ745.
[4] ـ نفسه، ص 744ـ745.
[5]ـ نفسه، 13 وما بعدها.
[6]ـ نفسه، ص 19 وما بعدها.
[7]ـ نفسه، ص29.
[8]ـ نفسه، ص 19.
[9]ـ أبجديات البحث في العلوم الشرعية (محاولة في التأصيل المنهجي) ضوابط ـ مناهج ـ تقنيات ـ آفاق، أ.د. فريد الأنصاري، رحمه الله، دار الكلمة المنصورة مصر، الطبعة الأولى 1423ه /2002م، ص 75 وما بعدها.
[10] ـ من الباحثين الذين تحدثوا عن مشكلات العلوم الإسلامية، الدكتور سعيد شبار في كتابه ” الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية. صادر عن مركز دراسات المعرفة والحضارة.
[11] ـ تجد الإشارة إلى ندرة التأليف في تفسير القرآن عند المغاربة في مرحلة تاريخية معينة، في كتاب تفسير سور المفصل من القرآن الكريم، العلامة عبد الله كنون الحسني ـ رحمه الله. الناشر: حركة التوحيد والإصلاح بشراكة مع مؤسسة عبد الله كنون للثقافة والبحث العلمي، ص 7.
[12] ـ ينظر على سبيل المثال لا الحصر مجالس القرآن، ج 3، ص 38.
[13] ـ مباحث في علوم القرآن، مناع القطان، الطبعة الثالثة، 1421ه/2002م، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ص 377.
[14] ـ هناك جهود مشكورة لمؤسسة فريد الأنصاري للدراسات والأبحاث بالمغرب، قدمت فيها مجموعة من المدارسات لبعض السور القرآنية على شاكلة مجالس القرآن عند الشيخ فريد الأنصاري بدرجة قد تكون متفاوتة في تحصيل المطلوب.
[15]ـ أبجديات البحث في العلوم الشرعية (محاولة في التأصيل المنهجي) ضوابط ـ مناهج ـ تقنيات ـ آفاق، ص 122.