التدخين الإلكتروني وصحة الإنسان 

السجائر الإلكترونية أسلوب جديد للتدخين، يستخدم التقنية الحديثة للحصول على النيكوتين، فهو أحد مخرجات الثورة التكنولوجية الجديدة، بما حملت من طفرات علمية كبيرة، حيث استطاعت جذب الملايين من البشر إليها خاصة من الأطفال والمراهقين الذين عداها الكثير منهم نوعًا من الوجاهة الاجتماعية، لكن الأبحاث الطبية جاءت لتؤكد بالأدلة والبراهين القاطعة على أن السجائر الإلكترونية، أصبحت تمثل أزمة صحية جديدة أمام إنسان هذا العصر عامة، وأن التدخين الإلكتروني، لا يقل خطرًا على صحة الإنسان من التدخين التقليدي، هذا ما سوف نتعرف عليه عبر هذه السطور.

بداية ظهور السيجارة الإلكترونية

عرف العالم تدخين السيجارة الإلكترونية، منذ أكثر من عقد من الزمان، وبالتحديد فى عام 2003م، حينما اخترع الكيميائي الصيني، “هون ليك” السيجارة الإلكترونية، حيث قدم فكرة تبخير محلول “البروبيلين جليكول” بأستخدام الموجات فوق الصوتية المنتجة عن طريق جهاز “كهروضغطي”، ثم حصل على براءة اختراع عالمية في عام 2007م، حيث طرحت أول سيجارة إلكترونية مصحوبة بسيل من الدعاية المنظمة، على أنها البديل الرئيسى للسيجارة التقليدية الضارة التي تسبب السرطان، ومنذ ذلك التاريخ، انتشرت هذه السيجارة في العالم، وأقبل عليها الكثير من المدخنين وغير المدخنين بعضهم رغبة فى ترك السيجارة التقليدية، وبعضهم رغبة في التدخين حيث وجد فيها البديل الذي يقول في الدعايات إنها غير ضارة، خاصة أنه أضيفت إليها مواد معطرة ونكهات مختلفة كي يتلذذ بها المدخن، حيث تقول المصادر إن هناك أكثر من 7000 نكهة مختلفة من هذه الإضافات، بهدف جذب أكبر عدد من الناس، وأصبحت تجارة رائجة تدر على شركات التدخين أرباحًا هائلة.

ما هي السيحارة الإلكترونية؟

والسيجارة الإلكترونية عبارة عن أجهزة تعمل ببطارية تسخن سائلاً، وعادة ما تحتوي على النيكوتين، ولكن ليس دائمًا، محولة إياه إلى بخار يمكن استنشاقه، وأحيانًا يطلق عليها المرذاذ الإلكتروني، أو أنظمة توصيل النيكوتين الإلكترونية، وبالإنجليزية تسمى عملية تدخين السجائر الإلكترونية أحيانًا “Vaping” وتعني التبخر، وتشبه بعض الأنواع منها السيجارة التقليدية أو السيجار أو الغليون، ويشبه بعضها الآخر الأقلام أو أجهزة الذاكرة الوميضية، أو يكون تصميمها مختلفًا تامًا، وقد تكون السجائر الإلكترونية قابلة لإعادة الإستخدام أو إعادة التعبئة، حيث يحتوي معظم السجائر الإلكترونية على عبوات أحيانا تسمى العبوات آحادي الأستخدام بالإنجليزية “Pods” أي قوارير،  أو تحتوى على خزان يمكن إعادة تعبئته بسائل، والذى يطلق عليه أيضاً السائل الإلكتروني أو العصير الإلكتروني، ويحتوي السائل عادة على النيكوتين والمنكهات والبروبيلين غليكول والجلسرين النباتي.

مخاطر وأضرار

تعتمد السيجارة الإلكترونية في الأساس على النيكوتين ومواد ضبابية، بحيث تعطي المدخن شعورًا بالتدخين، ومواد منهكة للسيجارة وجميعها مذابة في سائل قادر على إذابة جميع المكونات بتناسق، حيث أثبتت الأبحاث الطبية، أن لهذه المواد آثارًا سيئة على صحة الإنسان، ويمكن لنا أن نوجز هذه الآثار فيما يلي.

خطر على صحة القلب

إن النيكوتين الذي يعد في الأساس من مكونات السيجارة الإلكترونية، له تأثيرات ضارة على القلب والدورة الدموية، من خلال تضييق الأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم وضيق الأوعية الدموية التي ترسل الدم إلى القلب، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ألم في الصدر، ويزيد من خطر احتشاء عضلة القلب أو نوبة قلبية، مما يسبب زيادة الناتج القلبي، لأنه بمنزلة عامل “كرونوتروبي”، وهذا يعني أنه يزيد من معدل ضربات القلب، ويزيد من الناتج القلبي، وهو كمية الدم التي يتم ضخها إلى الجسم كل دقيقة، كما يسبب عدم انتظام ضربات القلب، إضافة إلى التأثير المنبه له على القلب، وبسبب هذا فإن الأشخاص الذين يستهلكون النيكوتين معرضون لخطر الإصابة بالخفقان، ومعدل ضربات القلب السريع، وزيادة في معدل التنفس.

أضرار المواد المرطبة

أما بالنسبة للمواد المرطبة التي تستخدم في السيجارة الإلكترونية والتي يأتي في مقدمتها الجلسرين، والذي يستخدم في خليط السيجارة الإلكترونية بنسب تتراوح بين 30% إلى 50%، بهدف المحافظة على ديمومة ترطيب مكونات السيجارة مع  المساعدة على إذابة بعض المكونات الكيميائية، فقد رصدت بعض الدراسات العلمية، بعض الأعراض السيئة التي تتمثل في جفاف الفم والحلق، وهي ناتجة عن قدرته على امتصاص الماء من تلك المناطق، كما تشير الدراسات أن تعرض الجلسرين للاحتراق أو لحرارة عالية يمكن أن يتحول إلى مواد مسرطنة.

أضرار على الجهاز التنفسي

تشير الدراسات الطبية إلى أنه إضافة إلى مكونات السائل الإلكتروني للسيجارة من الجلسرين والبروبيلين جلايكول، فإن هناك مكونًا آخر تم الكشف عنه في بعض سوائل السيجارة الإلكترونية، وهو “إيثيلين جلايكول” وهو يستخدم كمذيب ومنتج للسحابة الضبابية، فقد ثبت علميًّا أن “إيثيلين جلايكول” من المواد المهيجة للجهاز التنفسي، وهو مرتبط بدرجة معقولة بالتسبب في الوقوع بخطر التسممات، وهذه التسممات راجعة بالدرجة الأولى إلى مخلفات الاستقلاب التي يجريها الجسم على الإيثيلين جلايكول، والتي تؤثر سلبًا على الجهاز العصبي والقلب وأوردته الدموية، كما أنه يساعد في  تكوين حصى الكلى.

أضرار النكهات المضافة

أما بالنسبة للمواد المنكهة أو النكهات المضاف، حيث يوجد ما يقارب سبعة آلاف من النكهات المتوافرة للاستخدام في سوائل السيجارة الإلكترونية، حيث أجريت دراسات على هذه النكهات سواءً كانت طبيعية أو نكهات صناعية، فقد أثبتت الدراسات أن العديد من النكهات تعتبر أمنة بشكل كبير إذا ما استخدمت بمستوياتها المحددة في الصناعات الغذائية، فإنها تبقى مواد كيميائية يمكن أن تكون مؤذية وغير آمنة إذا ما دخلت الجسم عن طريق الرئتين كما هي الحال في السيجارة الإلكترونية، حيث إن النكهات قد تحتوي على مواد لها القدرة في التسبب بالتحسس وقد تسمم أو تخرش الجهاز التنفسي وبقية أعضاء الجسم، وكشفت عديد من الدراسات عند تسخين بعض من هذه النكهات  ينتج عنها مادة يطلق عليها “سننامالدهايد” وثبت أنها سامة لخلايا الجنين ولخلايا الرئتين، كما أن هذه المادة تقلل من نمو الخلايا وتؤثر سلبًا على المادة الوراثية D N A حيث إنها تزيد من موت الخلايا.

أخطار صحية أخرى

أظهرت العديد من الدراسات أن السجائر الإلكترونية تبعث مواد كاربونية سامة، ناتجة من تأثير الحرارة المنبعثة نتيجة تسخين السائل الإلكتروني، وجميع هذه المواد تحمل خطورة وتهدد صحة مستنشقيها، مثل مادة فورمالديهايد المصنفة تحت المواد التي تسبب السرطان، وكذلك مادة أسيتالديهايد مادة مسرطنة وغيرها من المواد الأخرى التي تكون مخرشه لبطانة الأنف ومدمرة للخلايا المبطنة لأغشية الرئتين، كما أن هذه المركبات سامة للجهاز القلبي الوعائي.

ضعف مناعة الجسم

كما تؤكد الأبحاث الطبية، أن السجائر الإلكترونية تضعف مناعة الجسم، وتقلل من قدرته على مكافحة الفيروسات ، وخاصة فيروس الإنفلونزا، حيث أجريت دراسة على 47 متطوعًا من المدخنين للسجائر الإلكترونية، وغير المدخنين لها حيث وجد فريق البحث، أن من يدخنون السجائر الإلكترونية بأنواعها المختلفة، قد أنخفضت لديهم أستجابة جهاز المناعة المكافحة للفيروس، الذي أنتشر في أجسادهم، مقارنة مع غيرهم من غير المدخنين، الذين أستطاعت مناعتهم مهاجمة الفيروس والقضاء عليه.

تأثيرات سيئة على البيئة

لا يقتصر خطر السجائر الإلكترونية على التأثيرات الصحية للإنسان، بل إنها تمثل خطرًا كبيرًا على البيئة وتسبب مشكلات كبيرة على كوكب الأرض، حيث إن أهم عنصر بها مكون من البلاستيك غير القابل لإعادة التدوير، والذي يضيف عبئًا كبيرًا جدًّا من المخلفات البلاستيكية، الأمر الذي يزيد من الأزمة الراهنة، وفقًا لما ذكرته صحيفة ديلي ميل البريطانية، فإن هذا العنصر للسجائر الإلكترونية عبارة عن جهاز صغير يحتوي على بطارية ليثيوم بوليمر وأقراص إعادة ملء مصنوعة من البلاستيك، غير القابل لإعادة التدوير، وهناك ما يقدر بنحو مليوني من هذه الأقراص يتم إلقاؤها كل عام، أو ينتهي الأمر بهذه المخلفات في مكبات النفايات العادية، وليس المناطق المخصصة للنفايات الإلكترونية، وهو مايزيد الأمر سوءًا.

المصادر

  • السيجارة الإلكترونية هل تخفي سموماً قاتلة، إبراهيم علي أبو رمان، مجلة العربي، العدد 734، يناير 2020.
  • جريدة الوطن، العدد الصادر بتاريخ 30، أغسطس 2019.
  • جريدة اليوم السابع ، العدد الصادر بتاريخ 3 نوفمبر 2019.
  • جريدة الشرق الأوسط ، العدد رقم 1487.