أن تكون سعيدًا هو ما يتطلع له كل منا، ويتمثل لنا أنه أسمى شعور يمكن للفرد أن يبلغه، بهذا يكون الهدف المنشود كأنه الحقيقة بحد ذاتها، لكن الحقيقة أن هذه الفكرة مجرد خدعة أنشأناها وصدقناها بأنفسنا، وأبسط عثرة في تحدي الحياة تجعل منا كومة من الحزن، بالرغم من بلوغنا هدفنا الذي نعتبره السبب في شعورنا بالسعادة، كأن نعتبر نجاحنا في تحصيل قدر معتبر من المال،أو حصولنا على علاقة مع الجنس الأخر إلى ذلك من الأمور السعادة ذاتها، وفي الأخير نبدو خالين من الشعور بمعناها الذي يؤدي الى الراحة النفسية.
بعد كل ذلك الجهد المبذول في سبيل تحقيق السعادة وكنتيجة لذلك يعتري الفرد شعور بالفراغ الداخلي، وهو ما يعتبر عكس الشعور بالإنجاز المبذول، وما يجعل الفرد يبحث عن سبيل للخروج من الموقف بأي سبيل ممكن، إما باستبدال التأمل الداخلي بحثًا عن المعنى،إلى التجول في تجارب الأخرين قصد الاستلهام منها ولو دليل ينير به طريقه المظلم، لكن دون أدنى نتيجة.
ببساطة الأمر، لا تنتقل المشاعر عبر الأثير وترسخ في الطرف الأخر من الإدراك؛ إلا إذا سبقها تجربة فعلية ومحايثة، وكون أننا عادة إما نخطى في القرارات أو نتسرع في اتخاذها بشكل لا يتناسب والموقف المعاش، ونظرتنا للموقف هي من تحدد النتيجة كمثال هل سيكون الغد أفضل؟ فإذا ركزنا على الجانب المشرق من الأمر سيكون أفضل،أما إذا فكرنا في مدى سوئه سيكون سيئًا، و باعتقادي يكمن الخلل في أن الفرد عادة ما يخطئ في إسناد الفعل إلى الشيء الخطأ، أو بمعنى آخر بدل أن نعتبر الأشياء هي الغاية التي تمثل الشعور بالرضى، يكفي أن نغير وجهة النظر قليلاًإلى أبعد حد، ونعتبرها المنفذ إلى الشعور الذي يعتبر الغاية والأشياء هي مجرد وسائل تخدم الهدف الأسمى، وهو الشعور بالرضى عن الذات.