العدسات اللاصقة بين الضرر والضرورة

تُفضِّل الكثيرات من النساء ارتداء العدسات اللاصقة الملونة (اللينسيز) لتغيير لون قزحية العين للحصول على إطلالة أكثر جاذبية وجمالاً، لكن عليهن الحذر تمامًا، فالعدسات الملونة ليست لعبة أو رتوش جمالية لمظهرك فقط لأن مخاطرها قد تؤدي إلى مضاعفات مؤذية لعينيك بصورة أكثر مما تتوقعين.

العدسات اللاصقة بالتأكيد آمنة ما دام ارتدائها بالقياس المناسب والنوع المناسب الذي يحدده طبيب العيون المختص، لكن بلا شك أن ارتداء أنواع تجميلية غير موثوق مصدرها أو الخامة المصنعة منها أو حتى قياساتها غير المناسبة للعين قد يصيب الشخص بمخاطر لا حصر لها.

كما أن الأشخاص الذين يعانون من جفاف العين ليس مناسبًا لهم ارتداء العدسات اللاصقة، وخاصة المرضى الذين يعانون من جفاف شديد في العين، وكذلك المرضى الذين يعانون من متلازمة العين الجافة لديهم وظيفة إفراز الدموع غير طبيعية، مما سيؤدي إلى تدمير الفيلم المسيل للدموع على سطح مقلة العين، وتفاقم تبخر الدموع ونقص الأكسجة في القرنية، وسيكون أكثر عرضة للجفاف وأعراض الانزعاج الأخرى بسبب امتصاص العدسة نفسها، إذا اقترن ذلك بعملية غير لائقة للعناية بالعدسة، فقد يكون هناك التهاب القرنية أو أمراض العيون الأخرى.

لتجنب الأضرار غير الضرورية للعيون، يجب على الجميع الذهاب إلى طبيب العيون قبل شراء العدسات اللاصقة لفحص مفصل للعين، واستبعاد الحالة غير المناسبة لارتداء العدسات اللاصقة، وتحديد الدرجة الأكثر دقة، وذلك لإعداد زوج من العدسات اللاصقة المناسبة لهم.

ليس ذلك فقط، إذا كان الشخص يرتدي العدسات اللاصقة في كثير من الأحيان، لا بد له الذهاب بانتظام إلى طبيب العيون للتحقق من حالة قاع العين.

هناك أبحاث تجرى حاليًا عن مواد بروتينية تفرز من الجسم بشكل طبيعي على سطح العين، حيث يتم عزلها وتركيبها على شكل قطرات عينية موضعية قد تكون قادرة على القضاء على أي إنتان جرثومي، وفطري، وفيروسي أو طفيلي في العين، بالإضافة إلى تأثيرها في تحفيز شفاء الجروح والقرحات القرنية بأقل ضرر بصري ممكن. ميزة هذه المواد أنها من صنع الجسم نفسه، وبالتالي لا وجود للمواد الحافظة السامة، وكذلك نسبة مقاومة البكتيريا لها شبه معدومة.

إن إنتانات القرنية وعلاجها وعلاقتها باستخدام العدسات اللاصقة والجديد في علاج هذه الإنتانات أصبح من الممكن علاجها دوائيًّا وجراحيًّا. فالآثار السلبية لعدم الاهتمام بتعقيم وشروط سلامة استخدام العدسات اللاصقة، له خطورته الكبيرة على العين.

إن العدسات اللاصقة تقسم بشكل أساسي إلى قسمين: العدسات القاسية، وهي توصف بشكل أساسي لمرضى سوء الانكسار من الدرجات العالية ولمرضى القرنية المخروطية، والعدسات الطرية، وهي الأكثر استخداما بين الأشخاص العاديين كبديل عن النظارات أو لأسباب تجميلية.

بشكل عام، فإن عدم اتباع القواعد السليمة لارتداء العدسات اللاصقة العينية قد يؤدي إلى العديد من الأمراض العينية مثل إنتانات القرنية الجرثومية والطفيلية، والتهابات القرنية المناعية، والتهابات الملتحمة والقرنية السمية، بسبب المواد الحافظة وجفاف الدمع، وهنا يجب التوضيح أننا عندما نتكلم عن القواعد السليمة لاستعمال العدسات فإننا نشمل العناية بالنظافة الشخصية، وعدم استخدام الأيدي الملوثة في وضع ونزع العدسات، وعدم استخدام ماء الصنبور العادي لتنظيف العدسات، واستخدام المواد الحافظة والمعقمة للعدسة حسب التعليمات المرفقة وأخيراً نزع العدسات قبل النوم.

ما سبب حدوث إنتانات القرنية بشكل عام؟ وهل يمكن تجنب حدوثها؟ 

إن الله سبحانه وتعالى خلق القرنية السليمة ذات سطح مقاوم لمعظم الجراثيم والطفيليات وبالتالي للإنتان. بشكل مبسط نستطيع القول إن القرنية بحاجة إلى الأكسجين مثلها مثل أي عضو آخر في الجسم، وهي تتنفس هذا الأكسجين من قناة الدمع المغطي لها.

عند استخدام العدسات اللاصقة، يتشكل حاجز ما بين القرنية والدمع، وهذا الحاجز يؤثر بشكل أو بآخر في نسبة الأكسجين الواصلة إلى القرنية، وبالتالي تنقص نسبة الأكسجين المتوافرة للقرنية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن حركة العدسة اللاصقة على سطح القرنية الناتجة عن الرفيف العيني، بالإضافة إلى نزع العدسات ووضعها كل يوم، تسبب حدوث رض قرني بسيط لكنه متكرر.

في حال أخذنا العاملين السابقين بعين الاعتبار نجد أن العدسات اللاصقة تسبب نقص أكسجة ورضًا متكررًا على سطح العين، وهذان العاملان هما الأساس في ضعف مقاومة القرنية لأي جرثوم أو طفيل، وبالتالي حدوث إنتانات القرنية بأشكالها.

أهم ما يجب على المريض أن يعرفه لتجنب الإصابة بالإنتان القرني أو القرحة القرنية هو أن العين بحاجة للتنفس الطبيعي، وهذا لا يتم إلا بنزع العدسات اللاصقة تمامًا -مهما كان نوعها- وقت النوم على الأقل، بالإضافة إلى عدم استخدام ماء الصنبور العادي لتنظيف العدسات اللاصقة، حيث إن الكثير من الطفيليات والجراثيم تعيش في الماء العادي، الذي نشربه ونستحم به، لكن الأمر يختلف مع سطح العين المتعب بسبب وجود العدسات اللاصقة، وهنا احتمال الإصابة بالقرحة القرنية الطفيلية أو الجرثومية يكون في أعلى مستوياته.

العلاج الدوائي تعالج القرحات القرنية الجرثومية بواسطة المضادات الحيوية الموضعية على شكل قطرات عينية، أما القرحات القرنية الطفيلية فهي تعالج بواسطة مواد معقمة مثل معقمات المسابح، لكن بتمديد أكبر، وتركب على شكل قطرات عينية، وتستخدم لأشهر طويلة.

في بعض الأحيان قد لا تفلح العلاجات السابقة، وهنا قد نحتاج لإجراءات بديلة مثل نقل الملتحمة إلى سطح القرنية حتى تحارب الإنتان بالنيابة عن القرنية، وتصليب القرنية بالأشعة فوق البنفسجية أو حتى إجراء طعم قرني للتخلص من الجزء المصاب من القرنية بشكل كامل.

يلاحظ أن أهم الأبحاث، التي يتم إجراؤها حاليًا تتعلق بمواد بروتينية تفرز من الجسم بشكل طبيعي على سطح العين، تسمى “البيبتيدات المضادة للميكروبات”، والفرضية العلمية تقول إن تلك المواد في حال تم عزلها وتركيبها على شكل قطرات عينية موضعية قد تكون قادرة على القضاء على أي إنتان جرثومي، وفطري، وفيروسي أو طفيلي، بالإضافة إلى تأثيرها في تحفيز شفاء الجروح والقرحات القرنية بأقل ضرر بصري ممكن، كما أن ميزة تلك المواد أنها من صنع الجسم نفسه، وبالتالي لا وجود للمواد الحافظة السامة، وكذلك نسبة مقاومة البكتيريا لها شبه معدمة.

الجراحة

جراحة التطعيم القرني أو زرع القرنية في إنتانات القرنية تتم في حالتين: الحالة الأولى: هدفها القضاء على الإنتان وليس الحصول على رؤية مفيدة، وهنا نسبة فشل الطعم عالية، لكن الهدف هو التخلص من البكتيريا المسببة للإنتان، وليس تحسين الرؤية، ففي حالة عدم استجابة الإنتان للعلاج الدوائي يتم استئصال القرنية المصابة واستبدالها بقرنية سليمة من متبرع متوفى.

هنا تحدث المشكلة الأساسية، التي تكمن في نسبة الرفض العالي لمثل هذه الطعوم بسبب وجود الالتهاب السابق، والفكرة الأساسية هنا هي أن القرنية المزروعة ستتم محاربتها من قبل الخلايا المناعية، التي قدمت إلى العين لمحاربة الإنتان، وبالتالي ستزداد نسبة الرفض.

لذا دائمًا يوصى بفترة هدوء لا تقل عن ستة أشهر إلى سنة بعد شفاء الإنتان قبل إجراء أي زرع قرنية، وهذه الفترة هي الفترة اللازمة لعودة الخلايا المناعية إلى مخازنها في العقد اللمفاوية حتى لا تقوم بمحاربة الطعم القرني المزروع.

ويجب التأكد أيضًا من عدم حدوث انتكاس للإنتان بعد العمل الجراحي في حال بقيت بعض مستعمرات البكتيريا سليمة ولم تستأصل في الجراحة.

الحالة الثانية: هدفها الحصول على رؤية مفيدة للمريض حيث إن نسبة فشل الطعم أقل بكثير، خصوصًا في حال تأجيل العمل الجراحي لمدة كافية بعد هدوء العين وشفاء الإنتان كما ذكر سابقًا، وهنا يتم استبدال القرنية المعتمة والمليئة بالتليف بسبب شفاء القرحة السابقة بقرنية أخرى شفافة من متبرع متوفى.

هل هناك شروط استشفاء خاصة بعد العمل الجراحي؟

عادة عملية التطعيم القرني تأخذ فترة لا تزيد عن الساعة ونصف الساعة إلى ساعتين، تليها فترة مراقبة في المستشفى لمدة يوم واحد، والأدوية الأساسية التي يجب على المريض أن يستعملها هي الستيروئيدات الموضعية والمضادات الحيوية، حيث يتم إيقاف المضادات الحيوية بعد حوالي ثلاثة أسابيع بينما يتابع المريض استخدام الستيروئيدات لفترة لا تقل عن ستة أشهر.

من المهم نصح المرضى في ما يتعلق بالكشف المبكر من خلال: أنه يجب على مستخدم العدسات اللاصقة العينية مراجعة طبيب العيون عند ملاحظة أي ألم أو احمرار في العين، أو الشعور بوجود جسم غريب في العين، أو أي تدنٍّ مفاجئ في القدرة البصرية أو عدم المقدرة على فتح الأجفان بوجود الضوء العادي، تلك الأعراض تمثل ناقوس الخطر المبكر لأي إنتان قرني باكر بحيث إن العلاج الدوائي غالباً ما يكون فعالاً في تلك المرحلة.

هل هناك خطورة من عدم الاستمرار في تناول العلاج والانقطاع عنه بمجرد الشعور بالتحسن؟ 

بالطبع، إن إيقاف العلاج قبل الشفاء الكامل للقرحة القرنية قد يؤدي إلى انتكاس الإنتان والعودة إلى نقطة الصفر من جديد.

من ناحية أخرى يلاحظ أن نسبة مقاومة الجراثيم تزيد بشكل كبير في حال إيقاف العلاج مبكرًا نتيجة قدرة تلك الجراثيم على التعرف على خصائص المضادات الحيوية من دون أن تموت، وبالتالي استخدام هذا التعرف من قبل تلك الجراثيم في حروبها المستقبلية ضد المضادات الحيوية.

هل هناك اختلاطات للعمل الجراحي (التطعيم القرني)؟ وما جديد التقنيات الجراحية؟ 

أهم اختلاطات التطعيم القرني هي الرفض المناعي للقرنية الجديدة ومحاولة الجسم القضاء عليها على اعتبار أنها جسم غريب عنه، وهناك اختلاطات أخرى أيضًا مثل الإنتان ما بعد العمل الجراحي، والحرج البصري الشديد “الانحراف” نتيجة شد القطب القرنية غير المتساوي، وفشل الطعم القرني نتيجة تورم واحتقان القرنية وفشل مضخاتها في إخراج السوائل المتجمعة داخلها، وارتفاع ضغط العين، والمياه البيضاء.

سابقاً، كانت الطريقة الوحيدة لإجراء التطعيم القرني هي نزع كامل القرنية المصابة للمتلقي واستبدالها بقرنية أخرى من متبرع، وفي السنوات الأخيرة أصبح من الممكن نزع الجزء المصاب فقط من القرنية واستبداله بجزء آخر من متبرع أو متوفى، وكمثال على ذلك أذكر أنه في حال كان التليف القرني في الطبقة السطحية فقط فإننا نستطيع استئصال ذلك الجزء واستبداله بجزء موافق بديل دون الحاجة لنزع الطبقة العميقة السليمة من قرنية المتلقي.

هذا يقلل من نسبة الرفض المناعي بشكل كبير (تقريبًا تصبح نسبة الرفض معدمة)، كما أن انتشار الأدوية المثبطة للمناعة، وإمكانية إجراء توافق نسيجي ما بين المتلقي والمتبرع، ساهم بشكل كبير في تقليل نسبة رفض الطعم القرني، وبالتالي الحصول على طعم قرني شفاف مدى الحياة.