“لا يتكون كل عمل نافعٍ وكل مبادرةٍ طيبة أو يُكتَب له الدوام، إلا بفضل ورثة يعرفون قيمته، وأجيالٍ تسعى جاهدة لتجعل من الواحد ألفًا، وبدون هذه الكوادر المثالية، فإنه سيجفّ كل عمل ويتهشم وكأنما هبت عليه ريح السموم”.. بهذه العبارات يستهل الأستاذ فتح الله كولن مقاله المتصدر لهذا العدد من حراء، الذي عنونه بـ”رهاب الصقيع”، مشيرًا إلى أن كل المحاسن والقيم التي يتحلى بها الأفراد، ستنعكس على المجتمع أضعافًا مضاعفة، وإن كل ما فيهم من نقص يعتورهم، سيعترض طريق المجتمع على هيئة مأساة وسيشَقُّ فيه جروحًا غائرة. لذا، يوصي “كولن” بالمراقبة الداخلية، والتعمق الأنفسي، واستكشاف الذات، من أجل اجتياز هذه المشاكل المصيرية.

أما “أحمد تمام سليمان” فيتحدث عن “التسامح حول مركزية الدين”، منوهًا بأن الأخوة هي الرابطة التي تجمع بين البشر ليس في الدنيا فقط، بل في الآخرة أيضًا. يقول: “لتتحقق خلافة الله في أرضه لا بد أن تتحقق الأخوة الإنسانية الجامعة والأخوة الإسلامية المائزة.. ففي أرض الأخوة تنبت بذور التسامح لتصير الأرض عُمْرَى بأهلها”. ومن ثم يعتبر التسامح حول مركزية الدين، مفتاحًا هامًّا في بناء العلاقات السلمية وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة.

ومع تطور التكنولوجيا، أصبح للذكاء الاصطناعي دور هام في الأبحاث العلمية. حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الكبيرة وتوليدها بسرعة فائقة، ولكن هذه السرعة والسهولة في تحليل البيانات، بدأت تدفع -لا سيما الطلاب الجامعيين- إلى السلوك السيئ في البحث العلمي. وهذا ما تطرّقت إليه “داليا فهمي السيد” في مقالها الموسوم بـ”الذكاء الاصطناعي والنزاهة العلمية”.

أما “محمد السقا عيد” فيتحدث عن “بريق الابتسامة”؛ معتبرًا أن الابتسامة من أهم تعابير الوجه التي تعكس حالة السعادة والرضا. وقد أثبتت الدراسات العلمية أن الابتسامة لها تأثير إيجابي على صحة الإنسان، حيث تساعد في خفض مستوى التوتر، وزيادة إفراز الهرمونات السعيدة في الجسم، وبالتالي تحسن المزاج وتعزز الدفاعات الجسدية.

وأما “صلاح عبد الستار الشهاوي” فيدور حديثه حول “العلاج بالقراءة في التراث الإسلامي” الذي يعتبر أحد الأساليب المبتكرة في مجال العلاج النفسي. فالقراءة تعدُّ من الأنشطة المهدئة للعقل، التي تساهم في تحسين الصحة النفسية للفرد وتخفيف التوتر والقلق فيه.

“إن الحقائق العلمية التي وردت في آيات الآفاق والأنفس، تعتبر مشتــركًا إنسانيًّا، حيث إن مخرجات هذه الحقائق العلمية يستفيد منها الناس عبر الأزمنة بتنوع أجناسهم وأديانهم وثقافاتهم، وليست حكرًا على أحد”. وذلك ما أشار إليه “يحيى وزيري” في مقاله الشيق “آيات الآفاق والأنفس مشترك إنساني”.

وأما “صابر عبد الفتاح المشرفي” فيتحدث عن الصحة النفسية ودورها الهام في بيئة العمل، مبينًا أن الموظفين الذين يشعرون بالرضا والسعادة في العمل، يكونون أكثر إنتاجية وابتكارًا، بينما الذين يعانون من مشاكل صحية نفسية قد يشعرون بالتوتر والإرهاق، ويكونون أقل إنتاجية في العمل. لذا، يجب أن يتم توفير بيئة عمل صحية وداعمة للموظفين.

هذا إلى جانب مقالات قيمة أخرى، تنير الدرب للقارئ الكريم أثناء عروجه في سماء العلم والمعرفة. والله من وراء القصد.