الوردة المجنونة

جميلة مناظر الشرفات المكللة بالأزاهير المختلفة الألوان.. ذلك الجمال نشهده ينتشر فوق أبواب المنازل والطرقات… حيث تتسلَّق وردة المجنونة بكل رقة ولطف، تعرِّش مشكلة لوحة فنية رائعة فريدة من نوعها بما تحمله من ألوان وبهاء ومتعة..

تعتبر (المجنونة) واحدة من أكثر النباتات انتشارًا في العالم وأكثرها زراعة وأقلها متطلبات من حيث العناية وتوفير ما يلزم لبقائها، فهي مقاومة للجفاف، وخالية تقريبًا من الأمراض، ولا يوجد لها أعداء بين الحشرات. متوفرة في كل مكان. فنراها متعددة الألوان بأوراقها الخضراء البهية اللامعة على مدار العام.

ومن الأسماء الغريبة التي تعرف بها اسم بوغنْڤيلية وذلك نسبة إلى مكتشفها (بوغنْڤيل) الفرنسي، وكذلك اسم الجهنمية أيضًا. فهل لإثارة ألوانها الباهرة الزاهية سبب في هذه التسميات المختلفة؟ أليس جنون بحد ذاته ذلك الألق الذي تنثره النبتة حولها؟ ألا تعطي أزهارها الأرجوانية إشعاعات، وكأنها نيران ملتهبة؟ مهما تعددت التسميات، ومهما اختلفت فإنها تصب جميعها في خانة واحدة وهي بهاء روعة هذه النبتة وفوضوية جمالها.

ما يثير الانتباه تلك الألوان البهية التي تتلوَّن بها، وهي الأكثر شيوعًا منها: الأرجواني، البنفسجي، الوردي والأحمر والأبيض والأصفر.

واللافت أنه لا أزهار لها بل نجد تلك الألوان تنبثق عن أوراقها المتواضعة خاصة في رؤوس الأغصان على وجه التحديد. والغريب أنها عديمة الرائحة، لكنها تعطي منظرًا غاية في الروعة والجمال.

المجنونة شُجيرة دائمة الخضرة تزهر باستمرار طيلة السنة إذا توفرت لها عوامل العناية المطلوبة. ويمكن أن تنمو بمختلف الأحجام. إما على شكل شُجيرة متسلقة لتغطية الجدران، أو كنبتة مفترشة. فهي كثيرة التفرُّع سريعة النمو.

تحتاج للتعرض لضوء الشمس المباشر لمدة أربع ساعات يوميًّا على الأقل، وإذا لم تتوفر تلك الظروف فإن أغلب الأصناف تدخل في فترة السكون في الخريف والشتاء.أما في حالة الأماكن المظللة فإن الجهنمية لا تزهر فيها.

وتتميز هذه النبتة بأن أوراقها خضراء غير مفصصة وتحمل أشواكًا على سيقانها ليستعين بها النبات في التسلق، فكثيرًا ما تستخدم هذه النباتات كمتسلقات على الأسوار والمداخل والأقواس، وتزرع أيضًا عند قواعد الأشجار لتغطية مظهرها وشكلها غير الجيد، وتزرع كمغطيات للتربة في المساحات الكبيرة.

يرجع أصلها إلي شواطئ البرازيل في أمريكا الجنوبية، حيث تنتشر بشكل كبير. كما تنمو في الطرق والمتنزهات والحدائق وشرفات المنازل.

المجنونة تضفي لمسة فريدة على واجهات الشرفات، تشعر بالمتعة إذا داعب أي فرع غصن طري وجهك وأنت تمرُّ بالقرب منها.

تأخذك ألوانها الزاهية وأوراقها الخضراء اللامعة في رحلة استرخاء، تشعر وأنت بالقرب منها وكأنك تلقي بكل همومك جانبًا. وتتجدد بتجدد نضارتها ورِقَّة أوراقها. فإذا حاولت أن تداعبها توخذك أشواكها الناعمة، فتدمي يديك، لهذا سموها المجنونة، وربما سميِّت بهذه الاسم لأنها سريعة النمو وجنون ألوانها لا حد له.

وهناك أشخاص يعانون من الاكتئاب النفسي والتوتر العصبي، ويراجعون الأطباء النفسانيين، ولكن دون فائدة أو جدوى من العلاج، وما أن يشاهدوا الورود الطبيعية وألوانها الجذابة وأشكالها الخلابة حتى يستسلموا للاسترخاء والراحة والسكينة.

وأنت تمرُّ بالقرب من الشرفات المكللة بالمجنونة يأخذك بهاء لونها إلى عوالم المتعة، فتشعر وكأنك تسير في غابة من الجمال، كما تشعرك بمسحات نسيم رطبة، وإذا لمست أوراقها تتحسس تلك البرودة المنعشة تتخلل مسامات يدك.

إنه لمجرد النظر إلى ألوان الزهور ومداعبة أوراقها الندية الرقيقة فسوف يمنحك ذلك الانتعاش الروحي الذي يسيطر على أعصابك ويعمل على ارتخائها ومن ثم الشعور بشيء جميل يتسلل إلى مشاعرك…  

وتبقى الورود ونباتات الزينة لغة تخاطب كل البشر تمتع نواظرهم وتريح أنفسهم وأعصابهم، وتفتح لمرهفي الحس والشعراء الطريقة ممهدة لقول أعذب الكلام وأحلاه.

في هذه الأوقات من السنة وخاصة في فصل الربيع تشتعل رؤوس أغصان المجنونة على الشرفات بأبهى الألوان، فنجدها على شرفات المنازل في الكثير من المدن التي تقع خاصة على حوض البحر المتوسط وكأنها ترسل رسائل شفهية معلنة وجودها الأزلي البهي.