وداعًا شهر الصيام

حسن الطُّوَيْرَانِيُّ:

حسن حسني باشا بن حسين عارف الطُّوَيْرانِيُّ، تُرْكِيُّ الأَصْلِ مُسْتَعْرِبٌ، ولد بالقاهرةِ عامَ سبعةٍ وستينَ ومئتينِ وألفٍ للهجرةِ (1267هـ/ 1850م)، ونَشَأَ فيها، وجالَ في إِفريقيَّةِ وآسية، وماتَ بالقسطنطينيةِ سنةَ خمسَ عشرةَ وثلاثِمئةٍ وألفٍ للهجرة (1315هـ/ 1897م)، كانَ يُجيدُ الشعرَ والإنشاءَ بالعربيةِ والتركيةِ، من كتبِه: ثَمراتُ الحياةِ، النَّشْرُ الزُّهْرِيُّ، رحلةٌ إلى السودانِ، مجلةُ الإنسانِ، بالإضافة إلى ديوانه الشعري… قال من البحر الوافر:

مَضى شهرُ الصيامِ، فَقُلْ: خَليلِي  بقلبٍ خاشعٍ، أو شأنِ دامِ
أَتَيْتَ كزائرٍ وَالى، فَوَلَّى  كأنَّكَ كنتَ طَيْفًا في مَنامِ
رَحَلْتَ مُكَرَّمًا، فعليكَ مِنَّا  سلامٌ، جَلَّ عَنْ مَعْنى السَّلامِ
أَحِبَّتَنا، تَعالَوْا، ما فَعَلْنا  نتوبُ، فَقَدْ مَضى شهرُ الصيامِ
فهلْ قَضَّيْتُموا مِنْ واجِباتٍ  وهَلْ عَظَّمْتُموهُ بِالقِيامِ
فَإنِّي قاصِرٌ عن كلِّ هذا  وَما لِي غيرُ ذَنْبٍ واجْترامِ
ولكنْ آمِلٌ، ظَنِّي جميلٌ  بربِّ العرشِ في حُسْنِ الخِتامِ
لعلَّ – بجاهِ خيرِ الخَلْقِ – أَحْظَى  بما أَمَّلْتُ مِنْ نَيْلِ المَرامِ
إِلهي، كَمْ أَمَرْتَ، فَما امْتَثَلْنَا  وَبَدَّلْنا الهِدايَةَ بِالظلامِ
إلهي، طالَ سَيْري بالمَعاصِي  فَماذا قَدْ يكونُ غدًا مُقامِي
إلهي، الزَّادُ بالتَّقْوى قليلٌ  على طولِ المَراحِلِ والمَرامِي
فَوَا وَيْلاهُ، إِنْ نَشَرُوا كِتابِي  وَما قَدَّمْتُهُ أَضْحَى أَمامي
وَوَا خَجْلاهُ، كيفَ العذرُ عَنْها  إذا ما أَسْفَرَتْ لي عَنْ لِثامِ
إِلهي، بالنَّبِي والآلِ جَمْعًا  وبالأصحابِ والرُّسْلِ الكِرامِ
إلهي، بالمُوالينَ البَواكي  إذا جَنَّ الدُّجَى تحتَ الظلامِ
إلهي، بالسَّكَارى مِنْ جَمالٍ  إلهي، بالحَيارَى في الغَرامِ
أُرَجِّي تَوْبَةً مِنْ قَبْلِ مَوْتِي  وَعَفْوَكَ، فَهْوَ خَيْرُ الاغْتِنامِ
بحقِّ نبيِّكَ المختارِ فينا  شَفيعِ المُذْنِبينَ مِنَ الأَنامِ
عليهِ صلاتُكَ الحُسْنَى دَوامًا  إِلى يَوْمِ القِيامِ مِنَ الرِّجامِ