في فِراق شهر الصيام

عُمَرُ اليَافـي:

قطبُ الدينِ أبو الوفاءِ عمرُ بنُ محمدِ البَكْرِيُّ اليافي، شاعرٌ وأديبٌ، فقيهٌ حَنفيٌّ، أصلُهُ من دمياط بمصر، ولد عام ثلاثةٍ وسبعينَ ومئةٍ وألفٍ للهجرة (1173هـ/ 1759م) في يافا بفلسطين، ثم تُوُفِّيَ سنة ثلاثٍ وثلاثينَ ومئتينِ وألفٍ للهجرة (1233هـ/ 1818م) في دمشق، كان خَلْوَتِيَّ الطريقةِ، من مؤلفاته: رسالةٌ في باءِ البسملةِ، رسالةٌ في النَّهْيِ عَنِ اسْتخدامِ غيرِ المسلمينَ في الأعمالِ، وله ديوانٌ من الشعرِ… قال من الطويل:

عَلى فَقْدِ شهرِ الصومِ تَجْري المَدامِعُ  وَتَنْدُبُهُ عندَ الفِراقِ الجَوامِعُ
وتُصْبحُ منهُ الأرضُ مُقْفَرَّةَ الرُّبَى  وكَمْ جادَها غيثٌ منَ الفضلِ هامِعُ
فكَمْ هُوَ أَحْيا دارِسًا مِنْ قلوبِنا  وكَمْ أَرْبَعَتْ – مُذْ حَلَّ فيها المَرابِعُ
وكمْ خَفَقَتْ – مُذْ جاءَ – أَلْوِيَةُ الهُدَى   وكَمْ أَعْيُنٍ قَرَّتْ، ولَذَّتْ مَسامِعُ
أَيا رَمَضانُ الزائرُ الراحِلُ الذي  تُوَدِّعُنا بالبَيْنِ، هل أنتَ راجِعُ؟
تذوبُ قُلوبٌ حَسْرةً وتَأَسُّفًا  لِفَقْدِكَ، لكِنْ نورُ فضلِكَ ساطِعُ
فسامِحْ ذَوي التَّقْصِيرِ، واصفحْ تَكَرُّمًا  فَمِنْكَ لِنَجْمِ العَفْوِ فينا مَواقِعُ
عليكَ سلامُ اللهِ، ما لاحَ بارقٌ  لأَبْصارِنا، من حَضْرَةِ القُدْسِ لامِعُ
وَصَلِّ – إِلهي – كلَّ حينٍ، مُسَلِّمًا  على خيرِ مَنْ فِينا لِصَوْمِكَ شَارِعُ
وَآلٍ، وَصَحْبٍ، عن سِوى الحَقِّ صَوْمُهُمْ  بِهِمْ مِسْكُ خَتْمِ الصِّدْقِ في الكَوْنِ ضايِعُ