بدر شاكر السياب:
ولدَ السيَّابُ في البصرةِ جنوبَ العراقِ في الخامسِ والعشرين من ديسمبر عامَ ستَّةٍ وعشرينَ وتسعِمئةٍ وألفٍ للميلادٍ (1926م)، من أشهرِ الشعراءِ المعاصرين، وأحدِ مؤسسي الشعرِ الحرِّ، مات في الرابعِ والعشرين من ديسمبر سنةَ أربعٍ وستينَ وتسعِمئةٍ وألفٍ للميلادٍ (1964م).
يقول بِمناسبةِ ليلة القدْر، ويستنصِرُ أمَّتَه، ويَحثُّها على الخروج ممَّا بِها من الذُّلِّ والهوانِ من البحر البسيط:
يا ليلةً تَفْضُلُ الأَعْوامَ والحِقَبا | هَيَّجْتِ للقلبِ ذِكْرى، فاغْتَدا لَهِبا |
وَكيفَ لا يغتدي نارًا تطيحُ به | قَلْبٌ يَرى هَرَمَ الإسلامِ مُنْقَلِبا |
يَرى شَعائِرَ دِينِ اللهِ هارِبَةً | يَسِفُّها النُّوءُ، تَمْضِي حيثُما ذَهبا |
أينَ العَنانُ الذي تَلويهِ عاصفةٌ | ما، فاتحين يرونَ الموتَ مُطَّلَبا |
للرَّغْوِ حولَ شدوقِ الخيلِ وَسْوسَةٌ | والنَّقْعُ يذري لثامًا قَانِعَ السُّحُبا |
من كلِّ محتسِبٍ باللهِ متكلٍ | عليه، يَفْري ضلوعَ البَغْيِ إِنْ ضَرَبا |
كأنَّ أسيافَهُم في كلِّ مَعْمَعَةٍ | جِسْرٌ إِلى جَنَّةِ الفردوسِ قَدْ نُصِبا |
يا ليلةَ القَدْرِ يا ظِلًّا نَلوذُ بِهِ | إِنْ مَسَّنا جَاحِمُ الرَّمْضاءِ مُلْتَهِبا |
يا ليلةَ القَدْرِ أَعْلِي قَدْرَ أُمَّتِنَا | شَهْمٌ تَعالَى عَلى الشَّيطانِ، وَانْتَصَبا |
يا ليلةَ القدرِ نورًا قَدْ أضاءَ لَنا | قاعَ السماءِ، فَأَبْصَرْنا مَدًى عَجَبا |
تَنَزَّلُ الروحُ رَفَّافًا بِأجنحةٍ | بيضٍ على الكَونِ، أَرْخاهُنَّ أَوْ سَحَبا |