مَضى شهرُ الصيامِ

الشِّهابُ الحَلَبِيُّ:

أبو الثناءِ شِهابُ الدينِ محمودُ بنُ سلمانَ بنِ فهدِ بن محمودِ الحنبليُّ الحَلَبِيُّ، أديب شاعر، ولد بحلب عام أربعةٍ وأربعين وستِّمئةٍ للهجرة (644هـ – 1247م)، وَلِيَ الإنشاءَ في دِمِشْقَ، وعَمِلَ في دواوين الإنشاءِ بالشام ومصر أكثرَ من خمسين عامًا، فلم يكُنْ بعد القاضي الفاضلِ مثلُهُ، ومات سنة خمسٍ وعشرين وسبعِمئةٍ للهجرة (725هـ – 1325م). من تصانيفه: ذيلٌ على الكاملِ لابن الأثير، أَهْنَى المَنائِحِ في أَسْنى المَدائِحِ، مَنازلُ الأحبابِ ومَنازِهُ الألبابِ، حُسْنُ التوسُّلِ إلى صناعة التَّرَسُّلِ… إلخ… قال من البحر الوافر:

مَضى شهرُ الصيامِ، فليتَ شعري  غَدا في الحَشْرِ يَشْهَدُ لي بِماذا
فأَعْمالي إذا صَحَّتْ لغيري  غَدا أعمالُه، وَجَدَتْ جُذاذا
لقد ضَيَّعْتُ آناءً حِسانًا  بتقصيري، وأسحارًا لذاذا
إذا ما قُمْتُ تَثْقُلُني ذُنوبي  وهَلْ يَنجو سِوى مَنْ خَفَّ حاذا
فهل لي نافعٌ أنْ باتَ دَمْعي  عَلى ما فاتَني – يَحْكِي الرَّذاذا
وَها أنا لم يَدَعْ لي فَرْطُ ذَنْبي  سِوى عَفْوِ الإلهِ، غَدا مَلاذا
أعوذُ بفضلِهِ مِن سوءِ فِعْلي   وَما خابَ امْرِؤٌ باللهِ عَاذا
وأرجُو حُسْنَ توحيدي وحُبِّي النَّبِيَّ، فَعُدَّتِي هَذا، وهذا
وأَنِّي لا أزالُ أَزيدُ، مَهْما   تَمادَتْ مُدَّتِي بِهما الْتِذاذا
تَدارَكْنِي بِعَفْوِكَ – يا إِلهِي   فَسَهْمُ خَطايَ قَدْ بَلَغَ القِذَاذا
وَإِلَّا، لم أَجِدْ – وَالذَّنْبُ سُورٌ  إِلى نَحْوِ الشَّفيعِ غَدًا مَلاذا