يُعد خفض الأصوات الصاخبة بالمنزل مطلبًا أساسيًّا للآباء والأمهات، وقد أظهرت دراسة جديدة أنّ ذلك قد يحمي أكثر من مليار شخص يتعرضون لخطر الإصابة بفقدان السمع.
حاسة السمع هي واحدة من الحواس الخمس التقليدية. وهو القدرة على الإحساس بالاهتزازات عن طريق جهاز مثل الأذن. وعدم القدرة على السمع هو ما يسمى بالصمم في البشر والفقاريات الأخرى والسمع عملية تبدأ بالصوت المنبعث الذي يعد المصدر ويمر بالأذن التي تستشعر الصوت وتلتقطه، وتنتهي بمركز السمع بالمخ، وتتألف الأذن من ثلاث وسائط هي: 1- خارج الأذن 2- وسط الأذن 3- داخل الأذن تدخل الموجات الصوتية إلى الأذن بعد أن يقوم الصيوان بتجميعها، ثم تمر عبر القناة السمعية الخارجية إلى الطبلة لتي تحولها إلى اهتزازات تنتقل إلى المطرقة فالسندان فالركاب ثم إلى القوقعة التي يؤدي إلى اهتزاز القناتين السمعية والدهليزية فيها فتؤديان إلى توليد سلسلة من الذبذبات تنتقل بواسطة العصب السمعي إلى المخ بصورة سيالات عصبية حيث تترجم هناك إلى أصوات نسمعها.
وهناك ثلاثة أنواع لفقدان السمع، هي:
– فقدان السمع التوصيلي (ويتضمن الأذن الخارجية أو الوسطى).
– فقدان السمع العصبي الحسي (ويتضمن الأذن الداخلية).
– فقدان السمع المختلط (ويجمع بين النوعين).
أما نقص السمع المفاجئ فهو حالة من نقص السمع المتوسط إلى الشديد الذي يتطور على مدى ساعات قليلة أو يلاحظ عند الاستيقاظ من النوم عادة ما يؤثر نقص السمع على أذن واحدة فقط (ما لم يكن السبب دوائيًّا).
قد يشكو المرضى من أعراضٍ أذنية أخرى وذلك بحسب سبب نقص السمع المفاجئ، ومن تلك الأعراض الرنين أو الطنين في الأذنين، أو الدوخة، أو إحساس كاذب بالدوار، أو الحركة. وتشير الإحصائيات إلى أن حَوالي 1 من أصل كل 5 آلاف إلى 10 آلاف بشخص يعاني من نقص السمع المفاجئ بالنسبة لنقص السمع الذي يتطور تدريجيًّا، وضعف السمع المفاجئ أو فقدان السمع المفاجئ من المشكلات التي تحدث لعدة أسباب.
أسباب الفقدان المفاجئ
قد يحدث ضعف السمع المفاجئ صباحًا عند الاستيقاظ أو فجأة عند استخدام سماعات الهاتف، بحيث يحدث فقدان مفاجئ للسمع مع الإحساس بضغط في الأذن مع طنين ودوار، وأبرز أسباب ضعف السمع المفاجئ، تكمن في:
- التهاب الأذن
تؤدي التهابات الأذن إلى تراكم الشمع والسوائل مما يعمل على منع الصوت من الانتشار عبر الأذن الوسطى والوصول إلى الأعصاب السمعية، وبالتالي قد يحدث ضعف السمع المفاجئ. وعادةً ما يكون فقدان أو ضعف السمع في هذه الحالة مؤقتًا لحين علاج الالتهاب باستخدام المضادات الحيوية حسب وصف الطبيب.
- ضربات أو جروح الرأس
إن تعرض الرأس لضربات من أحد أهم أسباب ضعف السمع المفاجئ فتعرض الرأس لإصابة قوية أو حدوث ارتجاج في الدماغ يمكن أن يؤثر على عملية السمع إما بالتأثير على الأذن بحد ذاتها أو على مراكز السمع في الدماغ.
- تناول بعض الأدوية
تؤثر بعض الأدوية على عملية السمع بسبب تأثيرها على القوقعة في الأذن، تبدأ علامات مشكلات السمع مع بدء تناول هذه الأدوية وتكون العلامات الأولى الدالة على ذلك هي:
– طنين في الأذن.
– دوار.
– فقدان مفاجئ للسمع، وهذا يحدث في المرحلة الأخيرة.
يعود السمع إلى الوضع الطبيعي عند التوقف عن تناول معظم الأدوية، لكن بعضها للأسف قد يسبب فقدانًا دائمًا للسمع، وخاصةً عند الاستعمال بالشكل الخاطئ.
أبرز الأدوية التي قد تكون أحد أسباب ضعف السمع المفاجئ أو فقدانه هي:
– الأسبرين بكميات كبيرة.
– الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية.
– الأمينوجلايكوزي، وهو نوع من المضادات الحيوية.
– مدرات البول عند استعمالها بجرعات عالية.
– بعض الأدوية المضادة للسرطان.
4 – ضعف الدورة الدموية:
إن ضعف الدورة الدموية وقلة تدفق الدم إلى الأذن من أسباب ضعف السمع المفاجئ أيضًا إذ إن قوقعة الأذن هي جزء رئيس في عملية السمع وهي مزودة بالكثير من الشرايين التي تزودها بالدم، وبالتالي ضعف الدورة الدموية يؤثر على عمل القوقعة والتأثير بشكل سلبي على السمع.
5- الإصابة بالتصلب اللويحي
وهو أحد الأمراض النادرة التي تؤثر على الجهاز العصبي، وبالتالي التأثير على وظائف الجسم المختلفة. ويمكن أن يسبب التصلب اللويحي في حالات نادرة مشكلات في السمع.
قد يؤثر التصلب اللويحي على العصب السمعي أو بشكل غير مباشر بالتأثير على جذع الدماغ المسؤول عن عملية السمع والتوازن.
6- مرض مينير
مرض مينيير هو مرض يصيب الأذن الداخلية، ويؤدي إلى:
– الدوار.
– طنين الأذن.
– فقدان السمع.
– الإحساس باحتقان الأذن.
وتنشأ جميع هذه الأعراض بسبب تجمع السوائل في منطقة معينة من الأذن الداخلية المسؤولة عن التوازن والسمع، وبالتالي التأثير على عملية السمع والتواصل بين الأذن والدماغ.
ضعف السمع المفاجئ عند الشباب
بعد التعرف على أسباب ضعف السمع المفاجئ يجدر ذكر طرق العلاج، والتي تتم وفقا للمُسبب، حيث يقوم الطبيب بتشخيص الحالة والسبب من ورائها ليقترح بعدها أحد العلاجات الآتية:
– العلاج بالكورتيزون.
– العلاج بالأكسجين.
– العلاج بتناول مكملات مجموعة الفيتامينات ب.
وتكمن الوقاية من الإصابة بضعف السمع المفاجئ باتباع النصائح والإرشادات الآتية:
– الابتعاد عن الضوضاء العالية جدا، والأصوات الصاخبة.
– اتباع نظام صحي غني بالعناصر الغذائية الهامة لصحة الأذن، مثل: الأطعمة الغنية بمجموعة الفيتامينات ب.
– معرفة الأعراض الجانبية المحتملة لبعض الأدوية قبل تناولها، أو مراجعة الطبيب فور ظهور عرض جانبي منها، مثل: ضعف السمع المفاجئ.
أبرز أسباب الإصابة بآلام الأذن عند الشباب
1- نتيجة ثقب طبلة الأذن أو تراكم شمع بخارج الأذن أو تآكل الثلاث عظمات المتواجدة بجوار الطبلة الأمر الذي يمنع وصول الصوت للأذن الداخلية.
2- إصابة الشخص بمرض التهاب مزمن بالأنف.
3- معاناة الشخص من بعض الأمراض التي تمنع تحرك عظمة الأذن الوسطى التي توصل الصوت للأذن الداخلية.
كل هذه الأسباب علاجها إجراء عملية جراحية.
إن ضعف السمع عند الشباب يعود للأذن الداخلية، وهذا ليس له علاج سوى تركيب سماعات للأذن، لافتًا إلى أن ضعف السمع يحدث أيضًا نتيجة الإصابة بمرض ورم العصب السمعي، وهذا يحتاج لعلاج وتدخل جراحي.
ومن أهم الأسباب المباشرة لفقدان السمع خاصة لدى الشباب الضوضاء الصاخبة في الأماكن الترفيهية. ويُمكن أن يَتسبب التعرض للأصوات المتفجرة، مثل الأسلحة النارية والمحركات النفاثة، في فقدان فوري ودائم للسمع. وتَشمل الأنشطة الترفيهية الأخرى ذات مستويات الضجيج الصاخبة والخطيرة على التزلج على الجليد، أو ركوب الدراجات النارية، أو القفز بين الأشجار أو الاستماع إلى الموسيقي الصاخبة.
وعندما يتعلّق الأمر بمقاطع الفيديو والموسيقى والأفلام، فمن الشائع أن يستمع المراهقون والشباب لها بصوت مرتفع للغاية ولفترة طويلة، وفقًا لدراسة نُشرت في الدورية العلمية “BMJ Global Health“التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
أوضحت مؤلفة الدراسة الرئيسية، لورين ديلارد، _وهي أيضًا مستشارة لمنظمة الصحة العالمية، وزميلة ما بعد الدكتوراه في الجامعة الطبية في ولاية كارولينا الجنوبية في أمريكا_ أنّهم قدّروا أنّ 0.67 إلى 1.35 مليار فرد، تتراوح أعمارهم بين 12 و34 عامًا حول العالم، من المحتمل أن ينخرطوا في ممارسات استماع غير آمنة”، وبالتالي يتعرضون لخطر فقدان السمع.
ممارسات الاستماع غير الآمنة
شرحت ديلارد أنّ التعرض للصوت بمستوى مرتفع للغاية، يمكن أن يرهق الخلايا والتراكيب الحسية في الأذن.
وإذا استمر ذلك لفترة طويلة، يمكن أن تتضرر الخلايا والتراكيب الحسية في الأذن بشكل دائم، ما يؤدي إلى فقدان السمع، أو طنين الأذن، أو كليهما.
وبحسب الدراسة، أجرى الباحثون تحليلاً إحصائيًّا للمقالات العلمية المتعلقة بممارسات الاستماع غير الآمنة التي نُشرت بين عامي 2000 و2021، عبر ثلاث قواعد بيانات.
وتم تتبع ممارسات الاستماع غير الآمنة وفقًا لاستخدام سماعات الرأس وكذلك حضور فعاليات ترفيهية، مثل الحفلات الموسيقية، والذهاب إلى الحانات والنوادي، وفقًا لما ذكرته الدراسة.
وتحد المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها مستويات الضوضاء الآمنة عند حوالي 85 ديسيبل على مدى 40 ساعة في الأسبوع.
وإذا كنت تستمع لمدة ساعتين ونصف الساعة فقط على مدار اليوم، فإن هذا يعادل حوالي 92 ديسيبل، حسبما تذكر الدراسة.
قالت ديلارد إنّه لحسن الحظ، يمكن للسياسات والشركات والأفراد وضع تدابير لتشجيع الاستماع الآمن وحماية السمع من الضرر مع مرور الوقت.
من جهته، قال دي ويت سوانبويل، -وهو أستاذ علم السمع في جامعة بريتوريا بجنوب أفريقيا، ولم يشارك في الدراسة-: إنّ تحليل الدراسة كان صارمًا، والأدلة مقنعة لتجعل فقدان السمع من أولويات الصحة العامة.
وأضاف سوانبويل، وهو رئيس تحرير المجلة الدولية لعلم السمع: “الموسيقى تعد بمثابة هدية يجب الاستمتاع بها مدى الحياة، والرسالة تتمثل في الاستمتاع بالموسيقى، ولكن بأمان”.
ماذا تفعل بجهازك؟
وسواء كنت تستمع إلى جهازك الخاص أو تحضر حفلة موسيقية، فقد حذّرت ديلارد من أن رنين الأذنين يُعد مؤشرًا جيدًا على أن الموسيقى كانت مرتفعة للغاية.
ومع ذلك، هناك طرق لمنع الضرر قبل ملاحظة التأثيرات.
وأشارت إلى أن بعض الأجهزة تسمح للأشخاص بمراقبة مستويات الاستماع الخاصة بهم من خلال خاصية إعدادات الجهاز، حتى إن بعضها سيقوم بتنبيهك عندما تستمع بصوت مرتفع لفترة طويلة.
وقالت ديلارد: “إذا حذّرك جهازك من أنك تستمع بمستويات غير آمنة، فقم بخفض مستوى الصوت، واستمع إلى الموسيقى لفترات زمنية أقصر”.
ورغم أن الخبراء لا يمكنهم تحديد بشكل قاطع أي نوع من السماعات هي الأكثر أمانًا للاستماع، فقد أوصت ديلارد باستخدام تلك التي تقلل ضوضاء الخلفية، ما قد يساعد في الحفاظ على مستوى الصوت عند مستويات منخفضة نظرًا لأنك لست بحاجة إلى التخلص من الضوضاء من حولك.
ومع ذلك لا يمكنك التحكم دومًا في مستوى الصوت، وإذا كنت تحضر حفلاً موسيقيًّا صاخبًا أو تواجدت بمكان صاخب، فيمكنك حماية سمعك من خلال الوقوف بعيدًا عن مكبرات الصوت، وأخذ فترات راحة بعيدًا عن الضوضاء، إن أمكن، حسبما ذكرته ديلارد.
وأضافت أن استخدام بعض وسائل حماية الأذن قد تكون مفيدة، مثل وضع سدادات الأذن الرغوية.
ويقول سوانبويل: “السمع هو الإحساس الذي يربطنا بالأشخاص الذين نحبهم”.
وتابع: “العناية بسمعنا تعد مفتاح الحفاظ على العلاقات الصحية، والصحة العامة، والرفاهية”.
وأضاف: “تعتبر الوقاية الأولية عند البالغين في عمر مبكر أمرًا بالغ الأهمية لتجنب الإصابة المبكرة بفقدان السمع المرتبط بالعمر”.