| أدرى به البيتُ أمْ أدرى به الفُقَرَا | فكمْ أضاءَ المدى من جوده مطَرا |
| محمّدٌ لو أردتَ الوصف مختصرًا | وفي كساء عَليٍّ كان مُدّخرا |
| ابنُ النبيِّ شبيهًا في مهابته | ونفسُه في سبيل الله محضُ قرى |
| لجدّه في سعير الحشر قُبّتُه | مَنْ يستظلُّ بها لا يعرف الخطرا |
| زيْنُ العبادِ وسجّادٌ ومعتكفٌ | وخالصُ الوحيِ في مرآته انكسرا |
| ومن تكن كرسول الله مهجتُه | لا يُسبلِ الثوبَ إعجابًا ولا بطرا |
| ولا ينامُ على غلٍّ لمبغضهِ | ولا يدسُ سمومَ الغدر مستترا |
| يبدو لمن بطشوا من سيفه شَرَرٌ | إن تلهثِ الحربُ لا يترك لهم أثرا |
| ويستحثُّ براقَ الليل مجتهدًا | لكي يطوفَ بمعراج الدموع سُرَى |
| إنَّ الرقاب التي بالحبِّ يملِكُها | كانت مُقلّدةً في أسره دُررا |
| لأنَّ من نهلوا من نور غرَّتِه | تعلَّقوا في عروج الطهر خيرَ عُرى |
| هو امتدادٌ لمن تنجي شفاعتُه | ودفترٌ من مِداد الوحي قد سُطِرَا |
| له الوساطةُ في بيت الهُدى نسبًا | وأيُّ منتسبٍ في دربه عَبَرَا |
| وكلُّ من سبقوا في نفسه جمعوا | فكان مثل غمامٍ بالرياح جرى |
| فأنبتَ الطهرَ في أرجاء خطوته | وبارك الناس أمنًا حيثما ظهرا |
| يوم البلاء تسجَّى رغم محنته | نوط الشجاعةِ لم يجزع وما ضجرا |
| رأى الدماءَ مدىً والموت مُغتسلاً | والحقد يصرخ في الآفاق مُنفجرا |
| مثالُه في تَحَدِّي الكفر حيدرةٌ | يجادل القومَ عزًّا بعدما أُسِرَا |
| ولا ينالون من إذلالهِ سببًا | لأنَّ عِزَّتَهُ كالماء في الصحرا |
| يا كربلاء مجازي غاصَ في دمه | من شِدَّةِ الحزن وارتاع الأسى صُورا |
| قضى الإلهُ قضاءً ليس في يدنا | وكل شِرْبٍ من الأحزان قد حُضِرا |
| حبُّ النبي شفاءٌ من مواجعنا | وقِبلةٌ تجمع العبّادَ والشعرا |
| تُسقى القلوبُ حياةً من منابعه | ولا يزالُ على إجلاله بشرا |
| لا يلمس الكبرُ طبعًا من شمائِلهِ | ولا يخيطُ ثياب العُجْب مفتخرا |
| وآلُــه من ضياء العرش طينَتُـهم | وحبُّهم جامعٌ في اللوح قد قُدرا |
| وفي القلوب لهم مُلْكٌ وسلطنةٌ | وهيبةٌ رُفِعَتْ عن هيبةِ الأُمَرَا |
| لا يقبل الله عبدًا ليس يحمدُهُم | عند الصلاة ولا يقضي لهم وطَرا |
| فلو تكونُ صلاتي في الهوى قصرت | فرخصةٌ في سبيل الشوق ما قُصِرا |
| وقد ترجّل قلبي واستقى ولهًا | وقرر النبضُ في عليائهم سَفرا |
| فأطعم الله روحي من محبتهم | وأسكن القلبَ بالإيمان خير ذُرَا |
| لقد سريتُ بروحي نحوَ سدرتهم | ومن إليهم سرى لن يحرم الثمرا |


