(مسرحية تربوية للأطفال في مشهدين)

المشهد الأول:

دخول مجموعة من التلاميذ وهم يطاردون تلميذًا يمثل محمولاً ليقبضوا عليه في الأخير ويحملونه إلى خارج خشبة المسرح.

يعود الطفل الممثل للهاتف المحمول مقهقهًا يقول لقد سخرت منهم، مسرحت الفرار منهم، فظنوا أنهم قبضوا علي وأنا القابض عليهم بلجامي السحري…هههههه، رائع رائع… سأستمتع وهم يتلهون بي ليل نهار… أليس هذا ما تريدون منهم يا أصدقائي الشياطين؟ (يسمع الجواب بأصوات جماعية مصحوبة بقهقهات: بلى، بلى، بلى…هههههه… شكرًا لك، شكرًا، أنت وسيلتنا المنتظرة من زمان…)

يخرج الطفل الممثل للهاتف المحمول، وهو يقول: وأنا فرحان نشوان وقد رضيتم عني..

يدخل التلاميذ الخمسة وهو يرددون منشدين راقصين:

محمولنا محمولنا

أجمل ما في بيتنا

محمولنا محمولنا

أحلى ما في حوزتنا

محمولنا محمولنا

أروع ما يسلينا

محمولنا محمولنا

أنت المزيلُ همّنا.

يرددون الكلمات بصوت مرتفع ثم يخفضون من أصواتهم حتى يجلسوا واحدًا واحدًا، يظهر عليهم التعب ثم ينامون.

يدخل الطفل الممثل للهاتف، وهو ينظر ويتأمل في وضعهم، ثم يبدأ في الضحك الذي يتحول شيئًا فشيئًا إلى قهقهات تملأ المكان… ثم يقول: عجبًا لبني البشر، يحبون الشر يحبون ما يتعبهم، ما يجر عليهم الويلات… يتعب أبصارهم، يشتت أفكارهم، ويوهمهم بالتواصل الإيجابي… كذب، كذب، كذب…. هههههه.

يتجول الممثل للهاتف على الخشبة ثم يقول منصفًا نفسه موجهًا خطابه إلى الجمهور: أيها الناس، أيها الحاضرون، والحاضرات، أبلغوا الغائبين والغائبات أني لست الشر كله، ولست الخير كله، أنا كالسكين، بعضكم يستعمله في الجرائم، وبعضكم يستعمله في الخير… ثم يشير إلى النائمين قائلاً: لكن هؤلاء… ههههه… هؤلاء… ههههه… اختاروا الجانب السلبي المؤدي إلى المهالك… ههههه.

أيها الناس أنا بريء، بريء، بريء… أنا كالحياة فيها الجميل والقبيح وأنتم الذين تختارون… [يخرج من خشبة المسرح] موسيقى هادئة على إثرها ينهض الممثلون النائمين ببطء وبحركات مسرحيات مثيرة… وحين يستيقظون وهم يحكون أعينهم ويتثاءبون… كل واحد يلجأ من جديد إلى محموله… ينشغلون بها، بعضهم يُظهر التذمر، بعضهم يظهر الفرح، بعضهم يظهر أنه بصدد لعبة إليكترونية ممتعة، بعضهم يرسل رسائل… وبعضهم يضع في أذنيه سماعة وهو يرقص.

يجلسون واحدًا واحدًا… يُظهرون التعب بحركاتهم وملامحهم… يجلسون، ينامون واحدًا واحدًا.. يسدل الستار.

المشهد الثاني:

يدخلون واحدًا واحدًا وبحركات تدل على تألمهم ثم يتحدثون:

الأول: ظهري يؤلمني لم أعد أستطيع أن أقف مستقيمًا… ما الذي أصابني… ما هذا المرض المفاجئ؟؟؟

الثاني: ويْحي لم أعد أرى جيدًا، أرى نصف الشيء أو ربعه فقط… أصِرْتُ أعمى؟ … ما هذا العمى المفاجئ؟ … أمر فظيع أن تصير أعمى لا ترى الربيع بجماله والأم ببسمتها والأفق بروعته…لا.. لا.. لا.. لا أريد أن أصير أعمى…

(يجلس باكيًا بهدوء)

الثالث: مشكلكما سهل، أما أنا فلم أعد أستطيع التركيز… أنسى بسرعة، أفكر في شيء وأجد نفسي أفكر في شيء آخر…

(يجلس باكيًا)

الرابع: مشكلي أني لم أعد أطيق مفارقة المحمول، صار جزءًا مني، ينام معي، يصاحبني إلى الحقل، إلى المدرسة، هو ذاكرتي وعالمي، وأمي وأبي وإخواني وكل عائلتي ومجتمعي…

(يجلس باكيًا)

الخامس: كل مشاكلكم مجتمعة في جسمي…لا أركز، أشكو من ألم في رأسي، لا أرى جيدًا، أنسى بسرعة، لا أقدر على مواصلة العمل، ولا أنام جيدًا…

(يجلس باكيًا)

[يقفون، وهم يبكون بصوت خافت ثم يتعانقون… يفترقون ثم يتألفون في صف واحد في مواجهة الجمهور قائلين: أيها الناس، أيها الناس، نحن في ورطة فهل من منقذ… هل تسمعون، نحن في مشكل كبير، فهل من حل، هل من منقذ؟ … يختلطون ويجْرُون على المنصة قائلين: النجدة، النجدة، النجدة…

يسمعون صوتًا يمثل وقع صخرة كبيرة (بَّامممم)… يتوقفون عن الحركة مندهشين:

يدخل شاب يرتدي بذلة جميلة وبيده كتاب قائلاً:

أنتم الذين تبحثون عن الحل؟ لقد وصلتني استغاثاتكم وأنا في مكتبي أبحث عن تأثير المحمولات على عقول الكبار والصغار.

يقول الجميع: مرحبًا بك، لا شك أنك أتيت بالحلول، الحلول، نحن أحوج الناس اليوم إلى الحلول… هات الحلول… نريد التخلص من أمراضنا… يقول أحدهم: آه صدري، والآخر: آه عيني، والآخر: آه ذاكرتي، والآخر: آه رأسي يؤلمني…

يتدخل الشاب: كفى، اصمتوا… إليكم الحل.

الجميع: الحل؟؟؟؟

الشاب: الحل هو أنتم

نحن الحل؟؟، الحل نحن؟؟؟ ماذا تقول؟ لا نفهم شيئًا مما تقول… أفدنا بسرعة.

يتدخل الشاب: لا تتسرعوا… انتظرونا سأعود بعد قليل…

يعود وبيده يومية، ومحمول، وكتاب، وكرة، وأقلام…

الجميع: ما هذه الأشياء، ماذا تريد أن تعلمنا؟

الشاب: يرفع في وجههم اليومية قائلاً هذه رمز لأعماركم، فيها جزء من زمن ينتظركم… فإما أن تتحملوا مسؤوليتاكم وإلا صار لعنة عليكم… نظموا أوقاتكم وفق أنشطة تفيدكم الآن وغدًا.

يرفع الكتاب فيقول هذا معلمكم الجميل فيه الفائدة والمتعة والجمال… يجعلكم تتواصلون بينكم متبادلين المعارف النافعة.

يرفع الأقلام ويقول: بالكتاب والقلم تقدم العالم

يرفع الكرة ويقول: هذه وسيلة لتقوية أبدانكم.

الجميع: وهل هذا حل لمشكلنا؟

الشاب: نعم، قسموا أوقاتكم وفق أنشطة متنوعة مفيدة فتَسلموا وتسعدوا…

الجميع يخرجون هواتفهم المحمولة ويقولون وماذا نفعل بهذه؟؟؟

يقول: الأمر سهل واجهوها بذكاء.

الجميع: كيف؟ كيف؟؟؟

الشاب: حددوا وقتًا وهدفًا نبيلاً تريدونه منه فإذا أنجزتموه… فلتتركوه إلى حين.

الممثلون يتبادلون نظرات الموافقة قائلين: فَهِمنا… ثم يحومون حوله منشدين:

شكرًا، شكرًا يا معلم

شكرًا شكرًا يا حكيم

هديتنا إلى الصواب

أنت هو خير الصحاب

حذرتنا من الأغراب

خلصتنا من العذاب

يصطفون والشاب وسطهم ويلتقط أحدهم صورة تذكارية للجميع وينتهي المشهد.