القمر الأسود ما هو ولماذا لا يمكنك رؤيته؟

(حراء أونلاين) بعين شبه مغلقة من أثر النوم سألت نفسي وأنا أتذكر اسمي وماذا أفعل في الحياة: ما كل هذه الضجة؟ هل اكتشفوا قمرًا جديدًا بينما كنت نائمًا؟! وماذا عن القمر الأزرق؟ ما كل هذا الاهتمام بالقمر الأسود تحديدًا؟ وكما سنعرف لاحقًا، هي مشكلة لغوية وثقافية في المقام الأول!

في البداية، ماذا عن إلقاء نظرة خاطفة على الطريقة التي تناولت بها وسائل الإعلام العربية، ومنها وكالات أنباء عالمية شهيرة، ظاهرة “القمر الأسود”؟

والقمر الأسود هو قمر جديد ثان لكنه غير مرئي، يظهر في الشهر ذاته مع القمر المضيء، في ظاهرة تتكرر كل عامين ونصف العام، وتشكل فرصة للكثيرين لمتابعتها، وكذلك مجالا للفلكين لدراستها.

هل فهمتم شيئًا؟ قمر جديد ثان لكنه غير مرئي! هل لهذا الأمر علاقة بكويكب “2016 НО3” الذي أصبح تابعا لكوكبنا منذ 100 عام وسيبقى يدور حوله لمدة مئات الأعوام القادمة؟ وسيظهر في الشهر ذاته مع القمر المضيء! صياغة الحديث تجعلك تعتقد أن هناك قمران بالفعل، أحدهما سيكون مظلم والآخر مضيء! ما الذي يحدث هنا بالضبط؟

القمر الأسود والقمر الأزرق!

فلنركز سويًا لدقائق قليلة في طبيعة أطوار القمر…

الآن، السنة القمرية تتماشى تقريبًا مع السنة الأرضية، لذا نجد أنه وبشكل نموذجي هناك بدر كامل ومحاق كامل كل شهر ميلادي. لكن يحدث أحيانًا أن يتكرر كل من البدر والمحاق في الشهر الميلادي الواحد! هكذا يطلق على البدر المكتمل الثاني في شهر واحد اسم “القمر الأزرق Blue Moon” ويطلق على المحاق الثاني في شهر ميلادي واحد اسم “القمر الأسود Black Moon”! لذا، وبما أن البدر هو نقيض المحاق، فالقمر الأزرق هو نقيض القمر الأسود؛ والقمر الأسود إذن ما هو إلا محاق آخر في نفس الشهر، فقط هذه الظاهرة لا تحدث إلا كل 32 شهرًا تقريبًا.

إذن، ما الذي سبب كل هذا اللغط في شرح القمر الأسود؟ الترجمة بالطبع! هناك من ترجم New Moon ترجمة حرفية تحت اسم “القمر الجديد” فصار لدينا عبارة غريبة بأن “القمر الأسود هو قمر جديد ثان لكنه غير مرئي” بينما لو قيل “القمر الأسود هو محاق ثان” لكان الأمر واضحًا بلا لبس! والأغرب أنه قد تم وصفه بأنه “غير مرئي” مع أن هذه هي صفة المحاق أصلًا!

القمر الأسود 2016

أجل، هذا العام هو عام القمر الأسود الموعود بعد آخر ظهور له في مارس 2014، حيث سيبزغ المحاق الثاني تحديدًا اليوم الجمعة 30 سبتمبر 2016، لكن في نصف الكرة الأرضية الغربي فقط! هناك سيبزغ القمر الأسود حوالي الساعة الخامسة مساءًا بتوقيت الباسيفيكي القياسي PST، الساعة الثالثة صباحًا تقريبًا بتوقيت القاهرة.

أما سكان نصف الكرة الشرقي الذي يضم أوروبا، إفريقيا، آسيا، وأستراليا، فلن يستطيعوا رؤية القمر الأسود. لماذا؟ لأنه لن يكون قمرًا أسود! ألم تلاحظ الأمر بعد؟!

 

سيحصل سكان نصف الكرة الغربي على قمر أسود، لأن هناك محاق ثاني سيحدث في نفس الشهر سبتمبر وتحديدًا في نهايته في اليوم الثلاثين. أما بالنسبة لنصف الكرة الشرقي، سيحدث المحاق في الأول من أكتوبر 2016، وساعتها سيكون المحاق “الأول” في الشهر الجديد ولن يستوفي شرط القمر الأسود “محاقان في الشهر نفسه”! حظًا أوفر سكان النصف الشرقي في المرات القادمة!

لكن مهلًا؟ هل هناك ما يميز القمر الأسود؟ هل سيستمتع الناظرين إليه، بالتليسكوبات بالطبع، بأي شيء نادر أو فريد؟

الإجابة لا! كما اتفقنا هذا مجرد محاق عادي للغاية، فقط هو محاق مكرر، ولو نظرت إلى المحاق الأول الذي سيحدث في بلدك في الأول من أكتوبر فأنت تنظر للمحاق نفسه الذي أطلقوا عليه في نصف الكرة الغربي “قمرًا أسود”! لسبب لهذا لا تهتم ناسا بهذه الظاهرة ولا تعترف بها كحدث فضائي مهم. إنه القمر الممل نفسه، فقط هو يحاول لفت الانتباه له قليلًا!

فقط أخبركم في النهاية أننا سنحدّث هذا المقال منتصف عام 2019 إن شاء الله، عندما تتكرر هذه الظاهرة مجددًا كما يتوقع العلماء. نرجو أن نظل أحياء إلى هذا التاريخ وأن تطالع عيناك قارئنا العزيز السطور نفسها … لكن بعد 32 شهرًا من الآن!.

بقلم: محمد فكري طلعت

المصدر: موقع إبداع