حلم بشري قديم متجدد بإمكانية إنجاب أطفال لهم سمات ومواصفات وقدرات مُعينة، فهل يمكن إجراء تغييرات في الذاكرة الجينية التي تحمل خصائصنا الوراثية لتنتقل إلى الأجيال المقبلة؟
كيف يتم التلقيح الاصطناعي؟
يتم علمية التلقيح الاصطناعي من خلال التحكم في عملية التبويض هرمونيًّا، وسحب البويضات من مبيض المرأة، وإخصابها بالحيوانات المنوية خارج الرحم (في المختبر)، ومن ثم يتم نقل البويضة المخصبة (غالبا بعد 5 أيام من تخصيبها) لرحم الأم لإتمام الحمل.
تجارب ناجحة للتلقيح الاصطناعي
كان أول نجاح لميلاد طفل أنابيب، للطفلة “لويز براون” عام 1978، وفي خريف عام 2010 حصل العالم البريطاني “روبرت إدواردز” الذي قام بتخصيب أول بويضة خارج رحم الأم بجائزة نوبل في الطب، ومنذ خمس سنوات تقريبًا، قام علماء في جامعة “ستانفورد”، بكاليفورنيا بتحسين طريقة التخصيب وزرع البويضة المخصبة في رحم المرأة، وذلك دون انتظار 5 أيام بعد تخصيب البويضات، واختيار أصلحها وزرعها في رحم الأم؛ لأن مرور هذه الفترة في البوتقة له مخاطره، مما قد يتسبب في تشوه ما للطفل فيما بعد، وتتضمن الطريقة الجديدة مراقبة البويضات المخصبة، وتتبعها وزرعها في رحم الأم خلال يومين اثنين بعد التخصيب.
أما “طريقة الحقن المباشر” فيتم فيها زرع الحيوان المنوي مباشرة في بويضة الزوجة، وهذه الطريقة تتيح للأطباء قدرة اختيار أفضل ما يوفره الزوج والزوجة، ويعتقد الآن أن ما يقرب من ستة ملايين طفل ولدوا في أنحاء العالم عن طريق الإخصاب الاصطناعي.
التبرع بالميتوكوندريا
يعتمد الإخصاب الاصطناعي الثلاثي على استخدام الحمض النووي (دي إن إيه) لثلاثة أشخاص، من الأم، والأب، وأنثى متبرعة.
و “المتقدرة/ الميتوكوندريا” هي أحد مكونات الخلايا الهامة، وتعمل كبطاريات دقيقة مولدة للطاقة، ويتم استبدال الحمض النووي في هذه المتقدرة المعطوبة للتخلص من أمراض وراثية متعلقة بها، ومن هذه الأمراض: اضطرابات في القلب والكبد والدماغ والعمي، وفقد تنسيق حركة العضلات، وضمور النسيج العضلي إلخ، وفي بريطانيا يولد سنوياً نحو 6500 طفل مصابون باضطرابات المتقدرة/ الميتوكوندريا التي تؤدي لمشاكل صحية خطيرة، ويعيش نحو 12 ألف شخص بهذه الاضطرابات.
أكد الباحثون ميلاد خمسة أطفال من أجنة جرى إنتاجها في مختبر، بحيث يكونون قادرين على منح خلايا جذعية للأطفال الذين يشكون من أمراض مستعصية
ولقد بات من المعلوم أن الجينات تتحكم في كل خصائص الإنسان سواء كانت في الشكل أو الوظيفة أو حتى السلوك؛ بل إنها تحدد من احتمالية حدوث الأمراض، لذا يفتح هذا الأمر ليس فقط مجال تعديل بعض الخصائص الوراثية الخاصة بالجنين فحسب، بل يتيح للوالدين الذين يحملون مرضًا وراثيًّا محددًا فرصة عدم نقله لأطفالهم. ويساهم في تصحيح كل خلل جيني يؤدي إلى تشوهات خِلقية بعد الولادة. ومن المحتمل أن هذه التغيرات الجينية في الحمض النووي للجنين البشر ستبقى في الذاكرة البنيوية، وتنتقل وراثيًّا للأجيال المقبلة. مما يؤدي لظهور أجيال جديدة خالية من الأمراض الوراثية، والعاهات المزمنة، والاضطرابات المتوقعة.
يتم علمية التلقيح الاصطناعي من خلال التحكم في عملية التبويض هرمونيًّا، وسحب البويضات من مبيض المرأة، وإخصابها بالحيوانات المنوية خارج الرحم (في المختبر)، ومن ثم يتم نقل البويضة المخصبة (غالبا بعد 5 أيام من تخصيبها) لرحم الأم لإتمام الحمل.
بينما يقول منتقدو تقنية الاخصاب الاصطناعي الثلاثي أنها تمس جوانب أخلاقية، وهي خطوة نحو إنجاب “أطفال حسب الطلب”، ومُعدلين وراثيًا. أو “أطفال تصاميم” يختار الوالدان لطفلهم الجينات ذات الصفات المتميزة، تركيزها في ذريتهم، والتحكم في شكلهم الخارجي، وحتى سلوكهم، وثمة خشية من أن يأتي وقت “يكون فيه الأثرياء قادرين على تغطية التكاليف المترتبة على تحسين الصفات الوراثية لأطفالهم في حين أن غيرهم يعجز عنها.
فمن الناحية النظرية تسمح هذه التقنية للعلماء بتعديل الجينات المرتبطة بالذكاء والشكل بالإضافة إلى سمات أخرى. ولقد بدأ أحد مراكز الخصوبة في كاليفورنيا بتقديم خدمة تحديد صفات المولود القادم من حيث لون العين، ودرجة لون الجلد، وطول القامة.
وبالمقابل هناك من يدافع بالقول: “إن الآباء لا يريدون تحسين الصفات الوراثية لأطفالهم، ويمنع ذلك أغلب القوانين حتى إذا كان ممكنًا من الناحية التقنية، وأن غالبية الأزواج الذين لديهم مشكلة في الخصوبة يتلهفون فقط، على إنجاب طفل وليس على إنجاب طفل ذي صفات وراثية محدَّدة.
كان أول نجاح لميلاد طفل أنابيب، للطفلة “لويز براون” عام 1978، وفي خريف عام 2010 حصل العالم البريطاني “روبرت إدواردز” الذي قام بتخصيب أول بويضة خارج رحم الأم بجائزة نوبل في الطب.
وعلى صعيد حكومات الدول تقف أغلبها ضد إجراء أي تغيرات أو تعديلات على الأجنة البشرية، وتعتبر ذلك مسألة غير قانونية، لكن يُمكن في الصين والولايات المتحدة إجراء هذه التعديلات بصورة علنية، وأصبحت بريطانيا أول دولة تسمح بتقنية التلقيح الاصطناعي الثلاثي العلاجية، حيث ووافق برلمانها بالإجماع على هذا الموضوع.
هندسة الأجنة
تهدف “هندسة الأجنة” إلى التحكم بالصفات الوراثية للحصول (قبل مرحلة الحمل) على أطفال أصحاء. وهذا المطلب يمكن تحقيقه بعدة مستويات تبدأ بانتقاء أفضل بويضة وحيوان منوي يمكن تخيرهما في المعمل، ثم العمل على عزل الجينات الوراثية السيئة، واصطفاء الجينات الوراثية الجيدة من الوالدين، وفي “بالتيمور” بالولايات المتحدة الأمريكية، وأكد المختصون أن التقنيات الحديثة سهلت للأزواج اختيار أطفالهم وجنسهم. وبالتالي سهولة مسح أجسادهم للتأكد من خلوهم من أي خلل وراثي.
وأكد الباحثون ميلاد خمسة أطفال من أجنة جرى إنتاجها في مختبر، بحيث يكونون قادرين على منح خلايا جذعية للأطفال الذين يشكون من أمراض مستعصية، وذكر العلماء في معهد “شيكاغو لعلوم المورثات الخاصة بالتكاثر” أنها المرة الأولى التي جرى فيها مسح الأجنة لضمان أنها بعدما تطورت ونمت إلى أطفال فعليين ستكون قادرة على منح خلايا جذعية قادرة على إنقاذ حياة أخت أو شقيق بحاجة إلى زرعها، أو زرع أعضاء معينة لهم، وأن جميع الأطفال الذين ولدوا بهذا الأسلوب كانوا يتمتعون بصحة جيدة، وأن عملية الزرع الوحيدة التي جرت كانت ناجحة تماما، ومن شأن ذلك الأمر أن يزيد من تعقيد الجدال القائم حول “أخلاقية إنتاج أطفال لأغراض منح الخلايا”، أي إنتاج “أطفال مصممين حسب الطلب” عن طريق الفحص الوراثي.