يتميز البشر ببصمة أصابع فريدة؛ فلكلٍّ منا بصمته المنفردة التي تُعبر بشكل لا نظير له عن هويته، ولطالما استخدمت السلطات القانونية تلك البصمات للمساعدة في القبض على المشتبه بهم من الجناة، إلا أنه يبدو أن البصمات لها وظائف أخرى مفيدة لا تتعلق إطلاقًا بالقبض على المتهمين أو التعرُّف على هوية الجثث المجهولة.
تُشير دراسة نشرتها دورية “جورنال أوف نيوروساينس” (JNeurosci) إلى أن الخلايا العصبية الحسية في الإصبع ترتبط حساسيتها بشكل الخطوط المتعرجة المُكونة للبصمات، هذا يعني أن لكل إصبع بصمة عصبية خاصة بها، وأن شكل البصمة يُمكن أن يُعزز من حاسة اللمس التي تعتمد اعتمادًا كُليًّا على شكل التعرجات الموجودة على حواف أطرافنا.
تحتوي اليد على عشرات الآلاف من الخلايا العصبية الحسية، وتتموضع كل خلية عصبية على منطقة سطحية صغيرة من الجلد، تُسمى تلك المنطقة بـ”المجال الاستقبالي” حيث توجد المستقبلات الميكانيكية الجلدية ذات المجالات الاستقبالية في المناطق التي تحتاج إلى حس لمسي دقيق، وتكتشف اللمس والاهتزاز والضغط والمحفزات اللمسية الأخرى، لليد البشرية إحساسٌ دقيقٌ باللمس، لكن لم تجر دراسة الحساسية الدقيقة لمجموعة واحدة من الخلايا العصبية الحسية من قبل، وهو الأمر الذي مثَّل فجوة معرفية سعى فريق من جامعة “أوميو” السويدية لتقليلها.
في تلك الدراسة، أجرى الباحثون قياسات دقيقة للنشاط الكهربائي الخاص بالخلايا العصبية الحسية في أطراف أصابع الإنسان عندما يتم تحفيزها بنقاط بارزة لمست الجلد، ثم قام الباحثون بعمل خريطة لمناطق الإحساس، وطابقوها على خريطة بصمة الأصابع، ليجدوا مفاجأة.
تقول “إيوا جاروكا”، الباحثة في قسم الفسيولوجيا بجامعة أوميو، والمؤلفة الأولى لتلك الدراسة: إن الخلايا العصبية الخاصة بالإحساس باللمس “مثبتة على حواف بصمات الأصابع”، مشيرةً -في تصريحات خاصة لـ”للعلم”- إلى أن الدراسة تُثبت وجود تداخلات بين شكل بصمة الأصبع وحساسية حاسة اللمس.
تقدم الدراسة أيضًا شرحًا مستفيضًا لعلاقة الخلايا العصبية ببصمات الأصابع، من المعروف أن الألياف العصبية تنقسم إلى فروع أصغر قبل أن تصل إلى نهايات أصابعنا، تُمثل كل نهاية عصبية “مستقبلًا نهائيًّا” هو المسؤول عن الإحساس باللمس أو الحرارة أو غيرها من المثيرات البيئية.
تُثبت تلك الدراسة أن المستقبلات الموجودة في نهايات الخلايا العصبية “تتأثر بالتضاريس الخطية للبصمات”، وهذا يعني أن شكل الخطوط المتعرجة للبصمات -والتي يُمكنك النظر إليها الآن وأنت تقرأ ذلك التقرير- تؤثر بشكلٍ ما على جودة المُستقبل، ومن ثم تُثير استجابةً عصبيةً تختلف باختلاف شكل الخطوط.. أو شكل البصمات.
تضيف “جاروكا” أن النتائج تُظهر أن بصمات الأصابع قد تزيد من حدة حساسية مستقبلات جلد اليد البشرية، مؤكدةً أن الدراسة قدمت شرحًا مباشرًا للحساسية العالية جدًّا للتفاصيل الدقيقة للأسطح التي نلمسها.
تُظهر الدراسة أيضًا أن المعلومات المتعلقة بالمحفز الملامس للجلد الذي تنقله الخلايا العصبية اللمسية تظل متطابقة بشكل كامل حتى لو تم تكرار التحفيز عدة مرات، وحتى لو لمسنا السطح بسرعات أو اتجاهات مختلفة.
ووفق “جاروكا”، توضح هذه الدراسة مدى أهمية النتوءات الحليمية (خطوط بصمات الأصابع)، فهي تضيف دورًا جديدًا لحواف بصمات الأصابع، وتؤكد أنها قد توفر حساسيةً أعلى بكثير لمستقبلات الجلد العصبية.