الـقبر مـعبرُ راحلٍ من عمره لغد بديل
من طينه الكاسي إلى عشّ الثرى يفِد النـزيل
في برزخ يقف الزما ن بـبابه عجزا ذليل
هو فاصل الغيب البهيـ ـم وخاتم السعي الطويل
هو آخر المضمار في خَبب البرايا والذميل
هو صبحنا ينشق عن فـجرٍ إلـهيّ كحيل
هو عرسنا للناسجيـ ـن صلاحهم خلْداً جزيل
هو بؤسنا للحاطبيـ ـن شقاءهم تعساً وبيل
هو بسمة هو دمعة خطان في ترب مهيل
والقبر هو خلاص دنـ ـيانا من الظلم الثقيل
هو بسمة المستضعفيـ ـن تحيط بالبغي النّكول
في ليلنا المسفوح يسـ ـكر من شقانا والذبول
هو كِـلْمة الصدق المؤ مَّل في تخاليط تهول
يقد المنار من الثرى صوب الشعيلة للضليل
هو -ظاهرا- زمن الفظيـ ـعة يرتدي البصر الكلي
مزقا وتقطيعا لأجـ ـساد وأوصال تزول
فـتًّا ودكًّـا للـجـما جم قد غدت ذَرّاً ذلول
محوا لأزمان الـهـنـا ء بعالم خرب أكول
هو -باطنا- زمن الوصو ل إلى الهناءة والحلول
زمن المـجادة والعزا زة والـمباءة للـقـفول
زمن اخضرار الأفق يو رق في الجنان وفي السهول
زمن الشروق من الأفو ل يزف أعراس الوصول
والـقبـر فـزعة بـاطش نسجت على قرع الطبول
كتبت على لوح الثرى وخطابها يضني العقول
فـشـتيـتـها سطـر علـى طرس الوجود بلا مثيل
وجواره سطـر الـحـيا ة معانقا مثل الخليل
نـهران من أزل إلـى أبد على ثبج السيول
يتساوقـان وفـي ضفا ف الغيب لقيا للمسيل
ووراء دولاب الــوجـــو د أصابع خلف السدول
فـي قبضة الـقيوم تنـ ـداح العوالم للرحيل
نـشوى تسير بطـاعة سكرى ترقّصها الشمول
حب يعرّش في المسا لك والممالك لا يدول
فاقبس من الحب العظيـ ـم شفاعة تذكي الفتيل
فالحب قبس من جوى الـ ـأكوان والفيض الأثيل
والحب كشف للمسيـ ـر وللمصير إلى الجليل
والـحب لـحن تـوافق في معزف الكون الجميل
والـحب نـفي للـنفا يات الدخيلة والوحول
فاكرع من الكأس الرويـ ـة والتفع فرحا أصيل
طيـرا يـجاوب جذبه الـ ـعلوي نحو المستحيل