حواجب العين.. بطاقة هوية

العين عليها حارس”… بالفعل يوجد هذا الحارس الذي يتمثل في الحاجب، والحاجب هو منطقة من الشعر الكثيف والسميك تقع فوق العين على شكل قوس، وهو الشعر النابت على العظم المستدير فوق العينين، وهذا العظم يسمى الحجاج؛ كما جاء في لسان العرب.

جميعنا نولد بحواجب تختلف في درجة غزارتها، حيث يوجد حاجب خفيف وآخر كثيف، ونتساءل كثيرًا ما هي وظيفتها؟ هل هي جمالية أم لها أسباب أخرى لا ندركها؟ وقد كثرت الأبحاث حول أهمية هذا الموضوع ودوره مهما كان بسيطًا، فالحاجبان يعتبران من أكثر الأجزاء المعبرة في أجسادنا، بحسب ما ذكرته شبكة “بي بي سي” البريطانية، فمن خلالها يمكننا التواصل والتعبير عن مشاعرنا تجاه الآخرين سواء كنا غاضبين أو ساخرين أو غير ذلك من التعبيرات، ولكن بالتأكيد هذا ليس الهدف الوحيد من استخدام الحواجب… ولعلنا نفقد الكثير من الشعر الذي يوجد على أجسادنا، ولكن تبقى الحواجب لأنها ليست مجرد شعر زائد على الجلد ولكن حماية للعيون، فإن وظيفتها مهمة جدًّا، وقد أكد الباحثون أنهم إن لم يكونا بالوجه لكانت تعبيرات الوجه تحتاج لأمر آخر لتقوم بمهام الحواجب، وبالتالى كانت أشكالنا ستبدو غريبة بالطبع ومختلفة عن الآن.

حماية العين

تؤدي الحواجب دورًا فعَّالاً ومهمًّا في حماية العين، فحافَّة الحاجب والحاجب لديهم القدرة على إبعاد كل الأمور الغير لطيفة عن العين، مثل العرق والرطوبة والأمطار وغير ذلك من أمور عدة، كما يساعد الشكل المقوس للحاجب على تحويل السائل إلى جانب وجوهنا، مما يعني حماية العينين وجعلنا نرى بشكل جيد ونتيجة ذلك أن تتمتع العين برؤية واضحة.

كشفت الدكتورة “ستيفاني ماريونو” المتحدثة الإكلينيكية باسم الأكاديمية الأميركية لطب العيون، أن الهدف الرئيسي للحاجبين هو حماية العينين، وقالت: “هدفها هو تكوين طبقة أخرى من الحماية لمقلة العين ضد أي شيء، سواء كان سائلاً أم صلبًا أم غبارًا أم حشرات”، وفقًا لما نقله موقع “لايف ساينس”. وأضافت أن الحواجب تحمي العينين من المواد الخارجية، مثل العرق وقشرة الرأس والمطر، التي تسقط على الوجه. وقد تلتقط المادة أو تمتصها، أو قد توجه زاويتها إلى جانب الوجه بعيدًا عن العينين”. واستطردت..كما توفر الرموش حماية مماثلة للعيون: “إنها تقريبًا مثل شعيرات الوجه، طويلة وحساسة، وعندما يلمسها شيء ما، فإنه يطلق استجابة وميض كآلية دفاع”، وأكدت أنه دون الرموش، سيستغرق الأمر وقتًا أطول لتنشيط استجابة الوميض، لأن المحفز الرئيسي سيكون رؤية شيء ما قادمًا في العين، وأضافت: “لكن هذا يعطيك القليل من التحذير من أن شيئًا ما في الجوار قد يؤذي العين بالفعل”.

الحواجب ولغة الجسد

تعد الحواجب مفتاح من المفاتيح المهمة التي تستخدم للتعبير عن المفاجأة والسعادة والغضب أيضًا، كما تكشف عن الكثير مما يحتمل بداخلنا، لأنها تتأثر بنبرة الصوت وبالتالي تساعدنا على قراءة مشاعر الآخر، فكلما ارتفعت نبرة الصوت يرتفع أحد الحاجبين، إما تعبيرًا عن الاندهاش أو التعجب أو الغضب والاستنكار، وغيرها من المشاعر التي نشعر بها وقد لا نتفوه بها. ووفقاً لكتاب “قراءة الوجه” للكاتب “ماك فولر”، فإن نوع الحاجب يجعل الناس يعرفون من أنت، حيث تشير الحواجب المنحنية إلى شخص موجه نحو الناس ويحتاج إلى أمثلة واقعية في العالم لفهم المشكلة، في حين أن الحاجبين المستقيمين يعني أن الشخص أكثر واقعية ومنطقية، ولديه فضول لمعرفة التفاصيل التقنية، كما تُظهر الحواجب المتوازية أن الشخص يحب أن يكون على حق ويسعى إلى أن يكون أكثر عقلانية في مواجهة الأمور، بغض النظر عن الوضع. ويمكن للحواجب أن ترسل عدة رسائل عبر ما يُعرف بلغة الجسد، فهي تعتبر من الطرق المرئية للتواصل مع الآخرين، و قد تعبّر عند تحريكها عن الدهشة، أو الشك، أو عدم التصديق، أو السخط، أو المبالغة، أو عند إعطاء الأوامر، أو طلب شيء محدد من شخص آخر، أو عند مناقشة إحدى الأمور المهمة.

وللحواجب أهمية كبرى في عملية التواصل غير اللفظي، وتوضح دراسة أجراها باحثون من جامعة “يورك”، إلى أن الحواجب البارزة أعطت الأسلاف القدرة على إيصال نطاق أوسع من المشاعر، مما ساعدهم على تكوين روابط اجتماعية حيوية، كما تتميز الحواجب أيضًا بأنها بمثابة بطاقة تحديد هُوِيَّة، يتم من خلالها معرفة وتحديد الأشخاص، وتشكل أحد أهم الأدوات الأساسية للغة الإشارة.

كثيرًا ما يشار إلى الأعين بأنها “مرآة الروح”، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن حاجبي الإنسان يرمزان إلى شخصيته، ويستطيع الشخص المتابع لنتائج الأبحاث التي تناولت أشكال الحواجب ودلالاتها، أن يحدد شخصية من يقف أمامه بسهولة. إن شكل الحاجب يفضح بعض جوانب الشخصية، فالحواجب المقوسة مثلاً تشير إلى شخص اجتماعي ومقبل على الحياة، في حين أن الحواجب المستقيمة تشير إلى شخص مباشر، عفوي ومنطقي يزن الأمور بالعقل. أما الحواجب المنحنية، فتعكس صورة شخص يحب أن يكون دائمًا على حق، كما يحب أن يفرض سيطرته على الآخرين.

رفع الحاجب أثناء الحديث

ويخبرنا علماء النفس أن رفع الحاجب عند الحديث مؤشر على عدم الارتياح.. حاول أن ترفع حاجبيك عندما تجري حديثًا سلسًا مع صديق، ستجد صعوبة في ذلك، أليس كذلك؟ فإذا حاول شخص رفع حاجبيه أثناء الحديث في حين أن الموضع لا يستوجب ذلك فإن ثمة أمرًا ما يجري. وعديدة هي المواقف التي تستدعي رفع الحاجب من هذه المواقف: المفاجأة أو القلق أو الخوف، عادة يتم رفع الحاجب عند الشعور بالمفاجأة، وذلك يرتبط بفتح العينين عند الاندهاش، وكلما زاد هول المفاجأة زاد ارتفاع الحاجبين لدى الشخص، كما قد يعبر عن الارتباك، أو كإشارة غير لفظية إلى عدم فهم الشخص لما يقوله الشخص الآخر، أو التعبير عن الصدمة، أو عدم التصديق لما تم سماعه للتو. وقد يدل رفع الحاجبين على طلب الانتباه من الآخرين والتركيز منهم، وقد يُشير رفع الحاجبين من قبل الشخص المستمع إلى اهتمامه بما تقول ومحاولة تركيزه على الكلام المنطلق منك، وفهمه بشكل أفضل.كما قد يشير إلى إعجاب الشخص بك، وانجذابه إليك ولما تقول خاصة عند توجيه نظره إليه.

العين لا تعلو على الحاجب

هناك استحالة لأن تعلو العين على الحاجب، فالله خلقها هكذا يعلوها الحاجب لحمايتها، وفي هذا المثل إنزال الأمور منازلها، فلا يتعدى هذا على ذاك أخلاقًا وتقديرًا واحترامًا وأحقية، سواء كان في العمل أو في السلوك، فكل له المكان الذي يستحقه، مثلما رُتبت الأعضاء في الجسد، فجاء هذا المثل مقتبسًا من خلق الله سبحانه وتعالى في الترتيب والتنظيم وفي أداء الوظيفة، فالعين لها وظيفتها ولكن الحاجب وظيفته في حمايتها حتى لا تكون مكشوفة، وهذا ينسحب على كل أمور الحياة من حيث ترتيبها وتنظيمها وأولوياتها، بحيث لا يتطاول الصغير على الكبير، ولا يتطاول من عليه الفضل على من له الفضل، هذا المثل يضع الأمور في نصابها، وينزل الناس منازلهم وهذه مسألة أخلاقية وعقلية وتحث على حسن  التدبير والترتيب.

فالعين لا يمكن أن تعلو على الحاجب، كما يقول أحمد مطر: 

وذلك عن تواضع           وليس عن واجب

لأنه مهما علا فهو        على أبوابها ليس سوى حاجب

   لكنها تعلو على اللِّحية والشَّارِب.