من الصعب الحديث عنهم فهم فئة نبذها المجتمع؛ لأنه طبيب فاشلٌ في تشخيص الدواء، فعن ضحايا المجتمع والأسرة والأصدقاء والمدرسة أحدثكم، أحدثكم عن المدمنين مدمني الخمر أو المخدرات أو الدخان أو غيرها من الأمور التي لا تستقيم مع الأخلاق والمبادئ، ربما يقول قائل “جَنَت على نَفْسِهَا بَرَاقِش” فَهُم من اختاروا هذا الطريق، وهم من عليهم إرادة التغيير، هم من استسلموا ولم يتكبدوا عناء المحاولة.
اعذروني يا سادة، لكنهم يَبْقَوْنَ ضحايا، حتى وإن لم يكونوا ضحايا مجتمعٍ بلا أخلاق وأُسَرٍ بلا أساس، ومدارس بلا مبادئ وأصدقاء بلا وفاء، هم يا سادة ضحايا أنفسهم التي ضعفت، جنت عليهم أنفسهم فأوردتهم المهالك.
الإنسان خلق ضعيفًا فليس من الغرابة أن يضعف، لكن الغرابة أن لا يجد الضعيف من يقويه، من يشد عضده من يكون عصاه التي يَتَوَكّؤ عليها ويَهُشُّ بها على مخاوفه وأحزانه، إنهم يتألمون حتى وإن أبدوا تلك السعادة المزيفة، إنهم يائسون حتى وإن ملأت وجوههم تلك الضحكات المصطنعة، هم يجلدون ذواتهم كل يوم حسرة أنهم لا يتغيرون، فهل من حقنا باسم الأخوة والدين، باسم الإنسانية التي تربطنا والكوكب الذي يجمعنا أن نعين الشيطان عليهم؟ أن نعين أنفسهم الأمارة بالسوء عليهم؟ أن نسمح للجانب المظلم أن يبتلعهم؟
لن أقول إن الإدمان حقهم، لن أقول إنه لم يكن هناك حل آخر أمامهم أو أنه كان ملاذًا دافئًا آواهم واحتضنهم، فقد اختاروا الحل الأسوء والأسود لمشاكلهم، لقد استجاروا من رمضاء الحياة بنار الإدمان، كانوا كالفراش قد أحب ضوء النار لكنه تناسى أنها تحرقه ما إن يقترب.
لكن لا يحق للطبيب لوم مريضه، ولا الشماتة فيه ولا أن يقول أو حتى أن يتبادر إلى ذهنه أن مريضه يستحق ما هو فيه، فكل ما أستطيع أن أقوله مثلاً للمدخن: “أرجوك سيدي توقف عن التدخين يكفي ما أحدثه من خسائر في جسدك، لا يمكن أن نلعب دور المتفرج أمام من رمى نفسه في البحر وهو لا يجيد السباحة، إنه يغرق كل ما علينا أن نمد له طوق النجاة”.
يا أهلهم، يا أصدقاءهم، يا زملاءهم، أخبروهم أنكم إلى جانبهم، أنكم ستقاتلون في صفهم ضد الضعف واليأس والإدمان، أخبروهم أنهم سيبقون منكم وستبقون منهم، أرجوكم لا تنبذوهم، أخبروهم أنكم تحبونهم ولكن تكرهون وتمقتون ما يدمرهم أو يهلكهم، لا تيأسوا منهم إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ادعوا لهم تصدقوا عنهم، تحسسوا يقظاتهم وعظوهم وعظًا جميلاً أيها الناس إنهم غرقى فارموا طوق النجاة، مدوا لهم يد الخلاص.
أيها القارئ الطيب، إن كنت من المدمنين أقول لك يا عزيزي لا زال أمامك الوقت لتتغير وتتبدل لا زلت تستطيع أن ترسم مستقبلاً أفضل كيفما كان عمرك ومهما كانت سوابقك، ما دمت تتنفس فأنت تستطيع الحصول على الأجمل والأرقى تستطيع بعون الله ثم بعزيمتك الصادقة أن تترك عاداتك السيئة، فقط لا تستسلم لوساوس الشياطين إنسهم وجنّهم.
لا تعتقد أن الأوان قد فات، ففي حربكم ضد الإدمان ستقعون مرات ومرات فلتقفوا إذن من جديد مرات ومرات، قد تعودون لكن تأكدوا أن الله جل وعلا لا يَمَلُّ حتى تَمَلّوا، فلتكن أوبتكم سريعة، ولا تتبعوا الشياطين التي لا تمل من إخباركم أنكم خاسرون مهما فعلتم وأن عليكم أن تستسلموا لأخطائكم، لا تحصدوا الشوك حتى وإن كان حرثكم فإنه يضركم ولا ينفعكم.
لا تنسحبوا من ساحة المعركة فعدوكم جبان، وستخسرون حياتكم عندما تسمحون له بهزيمتكم، فلا تستسلموا.. لا تستسلموا.