بقلم: أ. د. علي محمد الأحمر
لرمضان سيرة ونظرة خاصة عند النيجيريين، فنيجيريا التي تعد أكبر دولة إسلامية من حيث العدد في أفريقيا جمعاء، لها طابعها الخاص بها عندما يأذن شهر رمضان بالاقتراب.
ويعتمد المسلمون في نيجيريا في ثبوت شهر رمضان على رؤيتهم الخاصة لهلال رمضان، فهم لا يتبعون أو يقلدون أي دولة أخرى ثبت لديها شهر رمضان ما لم يثبت رؤية الهلال عندهم.
ولذلك يجدر بي إعدادها لرمضان وفق النقط الأربعة:
أولا: على مستوى الإعداد الغذائي
النيجيريون لهم عرفهم المعتاد في الوجبات الغذائية عند الإفطار، والعذاء والسحور، ومن ثم فكل واحد منهم يعد زاده بما تجود به الحال، فيشتري المواد الخام التي في تلك الوجبات المذكورة، فتجدهم يشترون الذرة أو القمح أو الأرز الذي يستعملونه في المديد، ويشترون الفستق والرائب (وهو اللبن المحمض) الذي يخلطونه في المديد، كما يشترون كميات من السكر، هذا من ناحية السائل الذي يعتبر بمثابة اللبن المخلوط بالماء الذي صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعماله.
ومن أشهر الأكلات الرمضانية في هذا البلد المسلم أكلة ( العصيدة ) وهي أكلة تصنع مع ( اللحم ) وتعد من أفخر الأكلات التي تعد خلال هذا الشهر الكريم. وأيضًا هناك أكلة تسمى ( الدويا ) وهي تحضر من ( اللحم ) و( الأرز ) و( القمح ) وإلى جانب هذه الأكلات الشهيات توجد سلطة الخضار، ويسمونها ( أذنجي ) مع ( اللوبيا ).
ومن العادات الشائعة عند مسلمي نيجيريا أن تتناول الأسر المتجاورة وجبة الإفطار معًا؛ فتجمع الصواني والأواني من البيوت وتوضع في أماكن قريبة من المساجد، وبعد أن يؤدي الجميع صلاة المغرب جماعة، يجلس الرجال يتناولون طعام إفطارهم معًا، وأيضًا تجلس النساء معًا في المكان الذي خصص لهن لتناول طعام إفطارهن.
وثمة من يستعمل الشوربة العربية المتعارف عليها في العالم العربي، وهي عبارة عن طبيخ خفيف يستعمل فيه غلي البصل مع بعض من البهارات (التوابل) ويوضع عليه لحم وقد يوضع فيه بعض التوابل والخضروات ليعطي نكهة لذيذة، ويعرف هذا النوع من الطبيخ عند قبيلة عرب الشوا القاطنة في أقصى شمالي نيجيريا.
وبعد الإفطار يذهب الرجال والنساء إلى المساجد لتأدية صلاة العشاء والتراويح، ولسماع دروس الوعظ، ويعودون إلى منازلهم حوالي منتصف الليل.
ثانيا: على المستوى الروحي
الاستعداد الروحي لرمضان مطلب قرآني دأب عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وربى عليه صحابته الكرام، ولذلك فإن للنيجيريين إعداهم الروحي الخاص بهم، ويتمثل في تزيين المساجد وإعدادها الإعداد اللازم الذي يمكنها من تأدية أنشطة الدعوة المتمثلة في تفسير كتاب الله القرآن، والمواعظ الدينية، وقراءة القرآن على نحو تميز به النيجيريون، ويعرف عندهم بــ”مصافاة” وأظنها اشتقت من كلمة مصافحة القرآن، أي تصفحه من خلال المرور عليه صفحة صفحة حتى الختم في ليلة واحدة.
ومن العادات عند مسلمي نيجيريا في صلاة التراويح تخصيص كل ليلة من ليالي رمضان بصلوات خاصة، وأذكار معينة، إضافة إلى الاجتماع لقراءة أذكار فضائل كل ليلة من ليالي الشهر المبارك.
ثالثا: على مستوى التواصل
دأب النيجيريون على تقديم وجبات الإفطار بعضهم على بعض، فتجد الواحد منهم تكون له قائمة ثابتة من الأقارب والأصدقاء والجيران ليقدم لهم مائدة متكاملة من الإفطار، والذي قدم له يقدم هو بدوره الذي قدم له في عملية شبه دورية، أو سمها تكافلية لتصل جميع أفراد المجتمع، ومن ثم فإن المعدم أيضا يكون له نصيب من هذا التبادل السائد كل حسب طاقته ووسعه.
رابعا: ليالي رمضان
مما تميزت به نيجيريا في ليلي رمضان أن صلاة التهجد تبدأ منذ الليلة الأولى من رمضان، فترى المساجد عامرة منذ الساعة الثانية عشرة، وتستمر حتى الثالثة ليلا، فتجد المعنويات الإيمانية مرفوعة من لدن اليوم الأول لرمضان، وحتى آخر ليلة فيه.