آثار الرسول في جناح الأمانات المقدسة في متحف قصر طوب قابي بإسطنبول

عوّدتنا “دار النيل للطباعة والنشر” التركية على إنجاز كثير من الأعمال المتميزة في شتى شؤون المعرفة. ولعل من أهمها وأعظمها أثرا وقربا إلى قلوب شعوب العالم الإسلامي قاطبة هو هذا السجل الحافل بمحتويات جناح الأمانات المقدسة في متحف قصر طوب قابي بإسطنبول الزاخر بآثار عظماء الإسلام وما تركوه من إرث للأجيال اللاحقة على مر التاريخ، وعلى رأس هذا الإرث ما تركه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن نافلة القول أن نذكر أن إسطنبول بعراقتها التاريخية، وبكونها ظلّت عاصمة للعالم الإسلامي ما يقرب من خمسة قرون، كانت تسعى بجدية منقطعة النظير للبحث عن هذه الآثار واقتنائها وجلبها من أي مكان في الأرض لحفظها والعناية بها في قصر هو من أشهر قصور العالم في غناه بالآثار الإسلامية، وهو قصر طوب قابي. لقد وجدت إسطنبول في هذه الآثار ولا سيما ما يخص منها آثار سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قداسةً تحرص عليها كما تحرص على ماء عينيها. لذلك فقد أودعتْ هذه الآثار محفظاتٍ غاية في الإتقان لكي تصون هذه اللآلئ سليمة من عاديات الزمن وتقلبات الأجواء.
وقد بلغ من احترام الملوك المسلمين والسلاطين العثمانيين لهذه الكنوز التي تخص العالم الإسلامي برمته أنهم كانوا يجمعون ما يتناثر عليها من أغبرة في قارورة زجاجية ثم يودعونها أعماق بئر داخل قصر طوب قابي خصص لهذا الغرض، خوفاً من أن تصبح مداسَ أقدام عن طريق السهو والخطأ مِمَّا يخدش الاحترام الذي تكنه الصدور لهذه الأمانات.
ومن أهم ما يفخر به متحف طوب قابي على متاحف الدنيا احتواؤه على بعض من أثار سيدنا الرسول عليه السلام ومنها بردته الشريفة، وبعض سيوفه، ورايته العقابية الشريفة؛ وتيمناً بشكل المحفظة التي كان لها شرف الحفاظ على البردة الشريفة فقد صُمّمَ غلاف الكتاب بفنية عالية على منوالها وبالشكل نفسه. ولأهمية هذا الكتاب لدى المؤرخين والباحثين والكتّاب فقد ترجم من اللغة التركية إلى العربية والإنجليزية.