كم عَذَّبَ الحُبُّ روحًا في الهوى وسَـبَا | وشتَّتَ القلبَ حيرانًا ومضطربا |
إنْ يَذْكُر الحُبَّ، من فرطِ الجنونِ هفا | أو يَذْكُر الحِبَّ، من فرطِ الجوى وثَبَا |
فالعقلُ في حُجُـبٍ، والفكرُ في دَلَهٍ | والروحُ في سَقَمٍ، والقلبُ قيلَ كَبَا |
للحبِّ منـزلةٌ، فيك الهوى صَـبَبا | أعلى مقاصِدِها بين الورى رُتَبَا |
يا مصطفى الله، يا قصدي، ومعتمدي | يا أحمدَ الحبِّ، يا من حبُّه وجبا |
حبٌّ لأجمل مَنْ رأى الخيالُ، ومن | هوى الفؤادُ، ومن للعقل قد سلبا |
حبٌّ تملَّكني في كلِّ خاطرةٍ | أنَّى ذهبتُ فقلبي فيه قد ذهبا |
حبٌّ عرفتُ به معنى الحياةِ إذا | معنى المماتِ ومعنى الغيبِ قد حُجِبا |
يا قبلةَ الناسِ حين الناسُ زلزلَهم | رعبُ القيامةِ: مِنْ هَوْلِ اللظى رَهَبَا |
يا مَفْزِعَ الخلق إن ضاقت بهم سُبُل | إذا الرفيقُ تولى ثَمَّ أو هربا |
يا روضةَ الصحبِ عند الحوضِ تجمعُهم | يا ملتقى مَن رجا أو تاب أو طلبا |
لي في هواك تراتيلٌ شُغِفْتُ بها | قيَّدتُ روحي لها في الله مُحتسِبا |
إن دلَّه القلبُ في حـبِّ النبي فما | أحْرَاهُ، أو هامَ مجنونـًا به وصَبَا |
ما ضَرَّ عاشقَهُ أنْ يرتمي شَغَفا | في سَكْرةِ الحبِّ مأخوذًا ومنسكبا |
من علَّم الحـبَّ والإيمانَ مجتهدًا | ما واهبٌ وَهَبَ الحُبَّ الذي وهبا |
المصطفى خُلُقا، المصطفى وَرَعا | المصطفى حَسَبا، المصطفى نَسَبا |
قد أُعلن الحقُّ في كل الرُّبا فرحًا | قد اصطفى اللهُ طه، واصطفى العربا |
يا سيدي يا رسول الله، أيُّ هوىً | يجري بروحي، فيسري ملأها طربا |
أنتَ الأخُ الناصحُ، الوافي، وأنت أبٌ | أحببتُ فيك أخًا، أحببت فيك أبا |
أنتَ الذي أخلص المولى محبَّـتَهُ | أنتَ الذي صَدَقَ التقوى وما كَذَبَا |
جَهِدْتَ أن يبلغَ الإنسانُ مبلغَه | في صحةِ الدينِ والدنيا كما وَجَبَا |
جاهدتَ في الله طاغوتًا وطاغيةً | حطَّمـتَ بالحق جبارًا ومغتصبا |
بَـيَّنْتَ للناسِ هَوْلَ الأمرِ عاقبةً | كلّ امرئ نائلٌ ما اختار ما اكتسبا |
فالمقسطون لهم في الله مأملُهم | والقاسطون فكانوا للظى حطبا |
والخائنون لهم في النار أسفلها | من لّم يمعرْ لِحَقٍّ وجهَهُ غضبا |
ما قدوتي في الملا إلاك يا مثلي | إذ كنتَ لي في هوى دينِ الهدى سببا |
يا رَبّ وَجِّهْ فؤادي في العُلا مثلاً | واجعلْ نبيَّك والقرآنَ لي أدبا |
ربيعَ قلبٍ وصدرٍ بالَغَا زللاً | ورَوْحَ حزنٍ وهمٍّ في الأسى ذهبا |
هذي البساتين من شِعْري لكم | زَهَرًا أسعى بها سائلاً صبًّا ومُطَّلِبا |
قربى إلى الله، لو يعفو بها زللي | أدعوه، إن رغبًا أرجو وإن رهبا |