“هلمّوا نتب من كلِّ آثامنا، مستغلِّين بركة هذه الأيام التي أحاطت بنا”؛ “دعونا نضع يدًا بيد مرة أخرى، ونتكلم بقلوبنا، ونُسمع النجومَ ما يدور في صدورنا، ولا سيما في هذه الأيام التي تتزين فيها الآفاق بالرحمة الإلهية، وتحتضن الأنوار الآتية من وراء الآفاق قلوبَنا”…
هي نداءات مدوّية، وصرخات مُجلجِلة، تهزُّ أركان الكون جميعه، وتهدُّ عتبات كلِّ قلب نابض بالحياة، طافح بحبِّ الخير.
إنَّ القارئ المتأني لَيتساءل مرَّة أخرى: هل هذا المقال كُتب اليوم، بنبرات واقع الأمَّة في مرحلتها الراهنة؟ وهل خُطَّ ليعالج حالنا الحاضرة، حرفًا حرفًا، ومعنىً معنى؟ أم أنَّ مؤلِّفه الأستاذ “فتح الله” تجاوز الزمان والمكان بما يصلُح لكلِّ زمان ومكان؟
لا ريب أنَّ زخارف منسوجات المقال الرئيس نسجت في نقطة اجتمعت فيها الحقيقة مع الصدق، والحكمة مع الهمَّة، بنفَس قرآني، وروح نبوي، وبُعد عُقبوي…
ولقد جاءت المقالات الأخرى على ظلِّ المقال الرئيس تعالج جوانب، وتسلط الضوء على جوانب أخرى؛ من ذلك “وجوب فقه واقع الأمة”، وضرورة “العناية الصادقة بمستقبل الثقافة الإسلامية” أصالةً وانفتاحًا؛ ثم كان الحرص على “ثقافة الحوار” ترياقا للفرقة التي كالبوم عشَّشت في أحشائنا؛ ولا شكَّ أنَّ “عسكرة الحياة”، و”الأحكام النمطية”، هي من أبرز الأسباب في إقصاء القريب وظلم الحبيب؛ ولا يملك المفتاحَ السحريَّ إلاَّ القرآن الكريم، فهو الذي يَرشَح “بنداء الإيمان باليوم الآخر”، ويدعو حثيثًا إلى “القراءة وإعادة القراءة” بمدلولها الحضاري الغائر في الوجود… لكن شريطة أنْ يحمل الخطاب إلى هذا العلو السامق سمات “الأدب الإسلامي”، ويتحلى أبطاله بصفات “فرسان الأمل”.
ولم يغب العلم ودلائل القدرة من هذا العدد، ما بين “الأسماك المضيئة” في قيعان البحار، و”الخفافيش” الطائرة بخصائص الرادار…
ما بين “فكر وفعل”، وما بين “روح ومادة”، يولد الأمل الخافق، ويبزغ الفجر الصادق، ويرشُح المعنى من جديد، مُؤْذنًا بقدوم عهد عتيد وليد…
وحراء اليوم “أُذُن خيرٍ” لكلِّ من يحوم حول هذا العمق ويسبح في هذا التيار؛ تلقي بقُبلة حرى على جبين قرائها الأفاضل: سلامًا وتحية، حبًّا وشوقًا.