هل فكرت من قبل في رمشة العين، وكم رمشة يمكن أن ترمشها في الدقيقة الواحدة، ومافائدة هذه الرمشة أو الومضة التي تحدث في أقل من الثانية؟

رمشة العين هي أسرع حركة يمكن أن يقوم بها جسم الإنسان، ويقوم الإنسان بنحو 13 ألفًا و500 رمشة في اليوم، وهو ما يعادل 10 مرات في الدقيقة الواحدة، والبشر لا يرمشون بمعدل ثابت طوال حياتهم، فعندما كنا صغارًا نرمش بشكل قليل، لكن مع تقدمنا ​​فى العمر، تتسارع وتيرة رمشة العين إلى أن تصل إلى 13500 مرة في اليوم. ويزداد معدل رمشات العين مع كثرة التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وكذلك عندما يتم تحفيز الإنسان عقليًّا، وكذلك يرمش أكثر أثناء المحادثة وجهًا لوجه.

وقد وجدت الأبحاث أيضًا أن الناس لا يرمشون بشكل عشوائي أثناء المحادثة، فعلى الرغم من أنك ترمش بشكل لا شعوري، إلا أنك تميل إلى فعل ذلك بعد أن ينتهي مَن أمامك من الحديث، ويعتقد الباحثون أنه جزء من مجموعة من الإيماءات، مثل الإيماءة التي تستخدمها للإشارة إلى فهمك لما يقوله لك شخص ما، فهو من طرق التواصل غير اللفظى كأنك تقول لمن أمامك “حسنًا”.

ورمش العين، هذه الحركة المألوفة والغامضة في الوقت نفسه، ليست كما كان يُعتقد سابقًا، مجرد نشاط شبه تلقائي وغير واعٍ لترطيب قرنية العين. فالمرء يرمش كما قلنا سابقا في المتوسط أكثر من 13,000 مرة في اليوم، مما يجعل هذه الحركة تتعدى الوظيفة البيولوجية البحتة للحفاظ على رطوبة العين.

وبعدما كانت الدراسات العلمية الهادفة إلى فهم طبيعة رمش العين قليلة نسبيًّا، إذ لم تكن تثير اهتمام كثير من العلماء، يأتي الربط ما بين العين ورمشها من جهة والتقنيات الحديثة وبعض تطبيقاتها الذكية من جهة أخرى، ليعزِّز الأبحاث العلمية في هذا المجال، والتي رغم كثرتها، لا تزال هذه الأبحاث غير حاسمة في ما توصلت إليه حتى الآن.
فالرمش لا يزال لغزًا فسيولوجيًّا لمعظم علماء اليوم، فقد تكثفت الأبحاث العلمية حول رمش العين في الآونة الأخيرة نتيجة أهميتها في تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها، وعلى سبيل المثال، أدخلت برمجيات “أدوبي فوتوشوب” في عام 2017م، ميزة “عيون مفتوحة مغلقة” إلى عناصرها الأخرى لتتناسب مع رمش العين.

ويدرس مهندسو “فيسبوك” إدخال هذه التقنية أيضًا في المستقبل. كما أن ازدياد استخدام لغة الصور على نطاقٍ واسع في مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم، مثل الإيموجي وغيرها، دفع في الاتجاه نفسه. ويعتقد كثير من الباحثين أن الربط ما بين رمش العين وبعض التطبيقات الذكيـة سيتعزز أكثر فأكثر في المستقبل.

الوظيفة البيولوجية لرمش العين

يرمش الشخص العادي حوالي 15-20 مرة في الدقيقة بشكل متكرر، لدرجة أن العين تغلق لمدة %10 تقريبًا من ساعات استيقاظ الشخص العادي، فالجهاز العصبي يمكّن الشخص من الرمش لمنع دخول المواد الضارة إلى العينين بواسطة سائل تفرزه الغدة الدمعية، وينقله الجفن إلى سائر العين. وإذا ما تهيجت العين نتيجة دخول الغبار أو جسيمات متطايرة، تفرز الغدد الدمعية دموعًا إضافية لغسل الشوائب، أما السائل الزائد فيتصرف عبر القنوات الدمعية إلى التجويف الأنفي، يتم ذلك عن طريق ارتخاء عضلة الجفن العلوية وتنشيط عمل العضلة التي تلف العين لنشر السائل الدمعي على سطح القرنية والشبكية، وتتأثر هذه العملية بعدة عوامل مثل الأمراض والأدوية والإرهاق والكدمات، مما يزيد أو ينقص من سرعتها.

ويتغير هذا المعدل من الرمش في حالات الانتباه الشديد والإجهاد والإثارة وتهيج العين ومقدار النوم. وبشكل عام، عندما ينام المرء أكثر، يحتاج إلى أن يرمش أقل. كما أن هناك تباينًا واسعًا في معدل الرمش بين الأفراد، وقد يكون السبب مكوّنًا وراثيًّا، وقد يكون هناك أيضًا مكون ثقافي وراء ذلك.

أما بالنسبة لغير البشر، فمن المعروف أن جميع المخلوقات الكبيرة والصغيرة ترمش، باستثناء الأسماك والثعابين وغيرها من الحيوانات التي ليس لها جفون، أيضًا هناك بعض الحيوانات مثل السلاحف البرية والقداد أو الهامستر ترمش بعين واحدة دون الأخرى وتشبه الغمز عند الإنسان.

الرمش هل هو استراحة ذهنية؟

قبل بضع سنوات، لاحظ الدكتور “جون ستيرن”، رائد أبحاث رمش العين والأستاذ الفخري في علم النفس بجامعة واشنطن في سانت لويس، أننا “عندما نحمل في ذهننا معلومات مهمة، أو نكون في حالة انتباه شديد، فإننا نرمش أقل. فالطيارون (الحربيون) الذين يحلقون فوق منطقة صديقة -على سبيل المثال- يرمشون أكثر مما لو كانوا يطيرون فوق أرض العدو، لأن هناك معلومات أقل أهمية يجب التنبه لها”.

لذلك خمّن الباحثون أننا قـد نرمـش من دون وعي للحصول على نوع من استراحة ذهنية، وذلك بإغلاق المنبهات البصرية في الدماغ لفترة قصيرة لنتمكن من التركيز بشكل أفضل في اللحظة التالية.