يلعب التواصل دورًا حاسمًا في حياة الحيوانات، كما هو الحال في الكائنات الحية الأخرى، لأن فقدان التواصل يؤثر على قدرتها على إيجاد الغذاء والتكاثر. ونتيجة لحكمة الخالق اللامتناهية، تلعب الروائح دورًا خاصًّا في تواصل الحشرات. وتستخدم الحشرات مستقبلات على قرون الاستشعار لديها للكشف عن الروائح من أجل تحديد مكان الطعام أو الشريك المناسب.
وتُظهر الأبحاث الجديدة أن لتلوث الهواء تأثيرًا سلبيًّا على الحشرات.. تحتوي الجسيمات المنبعثة في الغلاف الجوي -التي عادة ما تكون ناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري- على معادن ثقيلة سامة ومواد عضوية. ويالتالي يمكن للجسيمات الأكبر من 10 ميكرون، أن تهيج العينين والأنف، كما يمكن للجسيمات التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون، أن تنتقل إلى أعماق رئتي الإنسان وتتراكم في هوائيات الحشرات.
قام الباحثون بتحليل الحشرات التي تم جمعها من مدينة بكين وريف أستراليا، فوجدوا بشكل مفاجئ جزيئات صغيرة تترسب على قرون استشعار الحشرات المختلفة، بما في ذلك نحل العسل، والدبابير، والعث، والذباب في كلا المجموعتين. وكشفت تحليلات الفحص المجهري الإلكتروني أن هوائيات الحشرات هذه، تحمل مواد خطرة مثل السيليكات، والرماد المتطاير، والجسيمات المعدنية.
وفي بعض التجارب وجد الباحثون أن التعرض لتلوث الهواء لمدة 12 ساعة، قلل بشكل كبير من قوة الإشارات الكهربائية المتعلقة بالرائحة في أدمغة الذباب، وأضعف حاسة الشم لديها. أظهرت هذه النتائج أيضًا، أنه عند انسداد هوائيات الحشرات بالجزيئات الضارة، تواجه الحشرات صعوبة في البحث عن الطعام أو الرفقاء أو مكان لوضع البيض، وبالتالي تنخفض أعدادها.
ومن المثير للدهشة أن الحشرات من الموائل النائية والريفية، حملت ملوثات مماثلة، مما يشير إلى أن الجسيمات ربما تحملها التيارات الهوائية لآلاف الكيلومترات.
تلعب الحشرات دورًا مهمًّا في نظامنا البيئي من خلال التلقيح وتدوير المغذيات، وقد يكون تلوث الهواء أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض أعداد الحشرات على مستوى العالم.
يقول الله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)(الأنعام:٣٨)، ولعل في هذه الآية الكريمة، إشارة واضحة إلى التوازن البيئي الذي يجب على البشرية حمايته ورعايته بحرص شديد. لذا يجب العمل الجماعي لمنع التلوث والمحافظة على توازن الطبيعة؛ لأن الطبيعة في الحقيقة جزء من الإنسان، وبالحفاظ عليها يكون قد حافظ الإنسان على نفسه ونسله من الأمراض.