لا تتم الصلة الحقيقية بين العبد وربه إلا بالصلاة، فبها ينطلق العبد في عروجه ويصل إلى ربه، وبها ترتقي الروح إلى مدارج عالية من السكينة والطمأنينة، والتقوى والخشوع. في مقاله “لبُّ العبادات” المتصدر لهذا العدد من “حراء”، يُطوِّف الأستاذ “فتح الله كولن” حول الصلاة معراجِ الروح فيقول: “كل صلاة بالنسبة للمؤمن هي بمنزلة وسيلة إلى المعراج، لذا يتوجب عليه أن يحقق المعراج في كل صلاة وإن اختلفت الأبعاد. ولا بد لأوتار القلب أن تكون حساسةً كالوتر الحساس، تصدر الأنغام مثله تمامًا بتمام”.. ومن ثم يدعو إلى عدم التقليل من أهميتها، وتأديتها معنًى ومضمونًا إلى جانب الشكل.
وفي فضاء مفتوح يسوده واقع اتصالي ومعلوماتي، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي الآخذة في التزايد دورًا كبيرًا، وأثارت في الوقت نفسه جدلاً كبيرًا حول حسابات الجدوى والضرر؛ حيث وصفها بعضهم بمواقع الانفصال الاجتماعي أو المخدرات الرقمية التي تحطّم هوية الأفراد والمجتمعات، ودعا آخرون إلى الاستفادة منها مع مراعاة الضوابط والاعتبارات عند التعامل معها، للحفاظ على سلامة الفرد والمجتمع ككل. وهذا ما يدور حوله مقال “خالد صلاح حنفي محمود” الموسوم بـ”مواقع التواصل الاجتماعي بين الإيجابيات والسلبيات”.
وإذا كان “زواج الأقارب واليوجينيا” -ولا يزال- ممارسة شائعة في بعض المجتمعات، وله جوانب إيجابية مثل تقوية الروابط العائلية، فإن “محمد فتحي فرج” يشير إلى أن هذا النوع من الزواج يؤدي إلى مخاطر صحية بسبب انخفاض التنوع الجيني، ومخاطر أخرى أشار إليها في مقاله وربط بينها وبين التوجيهات النبوية في هذا الشأن.
وعن ظاهرة الطلاق العاطفي وأسبابه، التي تشهد انتشارًا مجتمعيًّا مؤخرًا، تكتب “سريعة سليم حديد” عن تأثيراته السلبية على الأسرة وعلى الأطفال بشكل خاص، وتشرح طريقة التغلب عليه، وكيفية ترميم العلاقة الزوجية المتصدعة.. وذلك من خلال أسس علم النفس ومبادئ الشريعة الإسلامية.
أما “محمد السقا عيد” فيكشف لنا عن الأسرار الربانية المخفية في عيون الحشرات، مبينًا أن هذه العيون المذهلة والمعقدة، تتكون من آلاف العدسات الصغيرة التي تسمح لها برؤية مجموعة واسعة من الألوان والحركة، كما تساعد هذه العيون الحشرات على البقاء على قيد الحياة والتكيف مع بيئاتها.
والشيخوخة مرحلة حرجة في حياة الإنسان حيث تشهد ضعف الإنسان بعد قوته، فهل تستحق التحسُّر عليها حد البكاء؟ وهل يستطيع الإنسان أن يجد حلولاً عملية لمواجهتها، أو على الأقل يستعد لها بضعفها ومراراتها؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها “صابر عبد الفتاح المشرفي” من خلال دراسات علمية في مقاله المعنون بـ”الاستعداد للشيخوخة”.
أما “نور الدين صواش” فقد رأى في ظاهرة “ثبات رأس الدجاجة وتقنية التحكم السحر” ما كان سببًا ألهم العلماء في أن يطوروا تقنيات وأجهزة في مجالات مختلفة للتحكم في الحركة والاستقرار، حلت كثيرًا من المشكلات التي نواجهها في حياتنا اليومية.
هذا إلى جانب مقالات علمية وفكرية وتربوية ازدان بها هذا العدد من حراء، نرجو أن تحث قراءنا الأفاضل إلى التنقيب في أغوار الكون والإنسان، والله من وراه القصد.