تطور تكنولوجيا البطاريات

اللفت.. لشحن الجوال والروبوت 

اتجه العلماء إلى ابتكار هاتف جوال يمكن برمجته وتزويده بأرقام للاستغاثة التلقائية عند وقوع حادث للسيارة وابتكار بطارية من نبات اللفت والنباتات الزيتـية لشحنهما وتشغيلهما طوال شهر كامل.

ولأن المرأة لا تتحمل كثيرًا وسائل النقل العامة، لذا تقتني السيارة لقضاء مشاويرها ومتنزهاتها بعكس الرجل الذي، لا يكل من ذرع الشوارع في نزهات طويلة، وقلائل هن النساء اللاتي يحبذن السير في الطرقات الوعرة أو المرتفعات الحادة والمنحدرات، فيما يعشق الرجل بطبعه القيادة في مثل هذه الأماكن، أما أجمل مشوار يمكن أن تقطعه المرأة في سيارتها فهو ذلك الذي تقوم به لزيارة صديقتها أو للتسوق، بينما يعد التسوق أبغض المهمات التي تنفر الرجال عادة، وتتسبب في مشادات أسبوعية مع زوجاتهم.

وفيما يفضل الرجال السيارات الفارهة ذات القوة الحصانية العالية فإن ما يهم المرأة في هذا الشأن سيارة صغيرة تفي بالغرض، ولا تسبب لقائدها إزعاجًا وارتباكًا عند إيقافها في المواقف العامة. والنساء بعد هذا قليلات الخبرة في ماركات السيارات وطرزها، وهن أقل اهتمامًا من الرجال في ميكانيكا السيارات، كما أن غالبيتهن يفضلن ترك السيارة -بعد أن يصاب أحد إطاراتها بعطب- واستخدام سيارة أجرة، بينما يجد الرجال الغرباء لذة كبيرة في إصلاح سيارة المرأة التي عطبت بالصدفة في مكان ما في داخل المدينة أو خارجها.

في دراسة حديثة أعدها المركز الوطني للوثائق عن مستقبل السيارات البعيد، وجد أن من الصعب التكهن بأشكال وميكانيكا السيارات لأبعد من عشر سنوات مقبلة، ويرى الخبراء أن الاهتمام المتزايد بداخل السيارة سيرفع من عدد الأدوات المستخدمة في كابينة القيادة، خاصة بعد إدخال نظم الحاسوب، وكذلك الأمر بالنسبة للأحجام، إذ أسهمت سيارات الدفع الرباعي في جذب المستهلك إلى السيارات العالمية، ويعتقد أن السنوات المقبلة ستشهد ولادة السيارة الصغيرة الجماعية التي لا يمتلكها أحد، والتي تعمل باستخدام بطاقة الائتمان المصرفية في تشغيلها، بحيث يمكن لأي شخص ركوبها وكأنه يستخدم هاتفًا عموميًّا.

هذا يعني أن السيارة ستصبح في خدمة الإنسان وليس العكس، إذ ما زال الإنسان يفكر مليًّا قبل الإقدام على شراء سيارة خاصة لارتفاع تكلفتها، وهكذا ستتيح سيارة البطاقة الائتمانية للمستهلك تجريب أكبر عدد من مختلف الموديلات، أما عن أولويات مصنعي السيارات فإن الاهتمام بوسائل الأمان واتقاء الحوادث هي أولى الأهداف التي تركز عليها شركات صناعة السيارات، وتنفق في سبيلها أموالاً طائلة.

من هنا تأتي أهمية الاعتماد على التطبيقات العملية في مجال الحاسوب، وتزويد سيارات المستقبل بالسائق الأوتوماتيكي على غرار الطيار الأوتوماتيكي في الطائرات، إلا أن أمر هذه الإضافات تعتمد على تقدم النظام التشريعي في مجال المرور، وتطور نظم المواصلات والشوارع.

روبوتات سيارات تطور ذاتها

لتحقيق أقصى درجات السلامة والأمان عند القيادة يعمل العلماء على تزويد السيارة بآخر المبتكرات من الروبوتات التي تطور نفسها حسب الحاجة عند عطل السيارة بما يساعد السائق خاصة المرأة في إصلاح أي عطب مفاجئ أثناء القيادة، فالعلماء يجرون تجاربهم وأبحاثهم لكي ينجح الروبوت في مواصلة تطوره الذاتي، كما هو الحال في الأحياء التي اتبعت أثناء تطورها مفاهيم النشوء والارتقاء.

فقد كان علم التطور الذي استلهمت أهم مفاهيمه من نظرية دارون، يقوم على مفهوم التحدي والاستجابة والانتخاب الطبيعي، بمعنى أن الكائن الحي ينتقل إلى حالة متطورة كما في حالة الطيور والبحريات بعد أن تطورت زعانف أسلافها البحرية والطيور التي استطاعت تكييف عظامها وريشها لمقاومة الجاذبية واستخدام ديناميكا الهواء.

هذه السياقات التطورية تجد حضورها في أذهان صانعي الروبوتات والعقول الإلكترونية الذين كانوا يحلمون منذ نصف قرن بالتوصل إلى صيغة تسمح للعقل الإلكتروني بتطوير ذاته بنفسه، أي وضعه على الدرب ذاته الذى سارت به الأحياء خلال عملية تطورها وارتقائها، ومع أن هذه الصيرورة عند الأحياء تطلبت ملايين السنين من مسلسل الحذف والإضافة والتطوير لأجهزتها، فإن الروبوتات، وعالم التقنيات لا يمكنه طبعًا الانتظار لفترة مشابهة.

بهذا المعنى أوضح اثنان من الباحثين الأمريكيين في جامعة برانديس ماساشوسيتس، بأن هذه الروبوتات ستتمكن قريبًا من السير في طريق التطور بالمفهوم الداروني، بمعنى أنها ستستطيع تطوير نفسها بنفسها عبر أجيالها المتعاقبة، ويقول “هوليسون”، و”جوردان بولاك”، اللذان يعملان على هذا البرنامج إن حلم الانسيابية بظهور آلات قادرة على تطوير ذاتها سيجد تطبيقاته الواقعية في فترة زمنية قريبة.

لقد كان هدف الباحثين ينصب على بناء روبوت قادر على المشي باتجاه مستقيم، الأمر الذي حققه لهما برنامج معلوماتي معقد، خال من أي فكرة مسبقة، أو لنقل أنه برنامج بكر يحتمل سلسلة من الإضافات الجديدة كلما تقدم تطوره، الجهاز عبارة عن حاسوب فائق القدر سيتولى تجريب وتطوير ومقارنة عدة أشكال من الروبوتات ليتولى الاحتفاظ فقط بأكثرها تقدمًا تكون قادرة على فهم وتحديد مكان العطل في السيارة، والاتجاه مباشرة لإصلاحه دونما أي عناء للسائق.

هذه الروبوتات التي أنجبها جهاز الحاسوب ستكون الأرضية التي ينطلق منها تكوين جيل جديد من الروبوتات تستطيع مواءمة نفسها مع المهمات المطلوبة منها، وهكذا دواليك، وعملية الانتخاب الصناعي ستجري بمعدل بسيط لكنه يعادل 15 ألف سنة من التطور الذي مرت به الأحياء على الأرض، بمعنى أن الأجيال الأولى من الروبوتات الافتراضية ستخضع لتطور متسارع حتى الوصول إلى أجيال من العقول الإلكترونية الأكثر تكيفًا مع المهام التي تقع على عاتقها.

الأجيال الأولى من هذه الروبوتات ستكون افتراضية، بمعنى أنها ستكون عبارة عن برنامج معلوماتي محمل على حاسوب السيارة يفضي إلى روبوت واقعي مطور، على أن تنطلق العملية من خلال برنامج معلوماتي له القدرة على خلق أجزاء الروبوت المطلوب تكليفه بإصلاح نوع العطب حسب مواصفات ومكان وحجم العطب في السيارة، وسيتم تحديد خلق أجزاء الروبوت المقبل بثلاثة أبعاد، وسيكون مصنوعًا من مواد بلاستيكية.

المهندس المعلوماتي

لكن ما فحوى تدخل الإنسان في هذه العملية؟  سينحصر دور المهندس المعلوماتي بتزويد البرنامج بالنماذج الأولية التي سيخضعها العقل الإلكتروني للتطور لاحقًا، وهكذا سيقوم هذا العقل بتصميم أطراف الروبوتات وتجميعها من دون تدخل المهندس الذي سينحصر دوره في تأمين الطاقة اللازمة لعمل العقل الإلكتروني، وهناك اثنان من أولى الروبوتات الثلاثة سيتنقلان بالتزلج من السيارة فيما سيأخذ الثالث شكل هرم يتحرك حول محور مركزي داخل ميكانيكا السيارة.

أما الروبوتان المتزلجان سيمتلكان (محور تناسق) وهي الخاصية التي ارتكز عليها تطور الأحياء الطبيعية، ففي حالة الإنسان أصبح محور التناسق الظهري هو القاعدة التي تتجمع حولها جميع أعضاء الجسم سواء الأحشاء الداخلية أو الأطراف العليا والسفلية، والأمر ذاته سيجري تطبيقه على الروبوت الذي سيقوم بإيجاد أعضائه انطلاقًا من محور التناسق ليكمل بعد ذلك ذاتيًّا بناء نفسه حسب متطلبات إصلاح العطل وبيئته داخل السيارة. فهل نحن على مشارف العصر الذي تسيطر فيه الآلة على الإنسان؟

من ناحية أخرى نجح العلماء في تصميم هاتف جوال يستشعر وجود أو حدوث أي حادث لسائق السيارة، فيبدأ من تلقاء نفسه إرسال استغاثات لعدة أشخاص أو هيئات من خلال برنامج معلوماتي يتم خلاله تخزين أرقام هواتف الأشخاص المقربين، وهيئات الإنقاذ لسرعة التحرك لنجدة السائق أو قائد السيارة، ومن خلال تخزين خط سير السيارة – اسم المنطقة أو الشوارع – على الجوال يمكن تحديد مكان السيارة والحادث، مثلما يتم في الصندوق الأسود بالطائرات، ولكن بشكل مختلف في التطبيق.

ولأن هذا النوع من الهواتف الجوالة تحتاج لشحن طويل المدى والمدة، فإن العلماء في القريب العاجل سيمكنهم شحن الهاتف الجوال ببطارية أو خرطوش من الميثانول، يكفي لمدة شهر من دون الحاجة لإعادة شحن الجهاز بالكهرباء، ومن المعروف أنه يوجد في العالم اليوم حوالي أربعمائة مليون هاتف جوال تستهلك طاقة تقدر بـ 5ر2 ميجاوات / ساعة، أي ما يعادل قوة كهربائية تكفي لإنارة برج إيفل ليلاً ونهارًا لمدة ربع قرن. وتقوم فكرة البطارية الجديدة على تحويل طاقة الوقود إلى كهرباء بشكل مباشر، من خلال استخدام طاقة جديدة تمامًا.

صحيح أن تكنولوجيا البطاريات استطاعت الوصول إلى مراحل متطورة منذ أن حققت إنجاز بطارية النيكل – الكادميوم، وحتى بطارية الليثيوم – الأيونات، إلا أن العلاقة بين الطاقة المختزنة، وكتلة البطارية ظلت دائمًا عبارة عن معادلة متواضعة لم تحظ بتطوير ثوري يقلل من حجم البطارية أو يزيد في عمرها، وحول هذه النقطة بالذات أقدمت مختبرات لوس ألاموس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية على تحقيق إنجاز جديد لا يقوم مبدئيًّا على البحث عن قوة إضافية للبطارية، بل على تصغير حجمها وتبسيط استخدامه، والهدف هو تصنيع خراطيش يمكن أن يحملها الإنسان أينما ذهب تؤمن لأجهزته الاستمرار في العمل لفترات طويلة نسبيًّا، ما يعني أن أجهزة الحاسوب المحمولة، وكذلك أجهزة الراديو والفيديو سيمكن تشغيلها من دون الحاجة لوجود تيار كهربائي، أو أجهزة تقليدية، بل يكفي حشوها بخراطيش صغيرة من مادة الميثانول.

ها نحن إزاء سوق جديدة ستعني ازدهارًا اقتصاديًّا للشركات المصنعة، خاصة وأن الخراطيش الكهربائية المطروحة لن يزيد سعرها عن سعر خراطيش الحبر التي تستخدم في الكتابة، ولها القدرة على تأمين اشتغال الأجهزة المحولة أو الجوالة لمدة شهر كامل بعد أن يتم تركيبها بشكل مباشر في الجهاز، سواء كان هاتفًا جوالاً أو كمبيوترًا شخصيًّا، ويعد الميثانول الذي سيستخدم في صناعة هذه الخراطيش من المواد الرخيصة الثمن، ولا يشكل أي مصدر لتلوث البيئة، ويمكن الحصول عليه من الخضراوات كاللفت أو المزروعات الزيتية، وهي مصادر متجددة للطاقة، كما أن مخلفاتها لا تعدو أن تكون عبارة عن غاز كربوني وماء ولن تشكل أي تلوث للأجواء، فيما تشكل التقنيات الأخرى المعتمدة في إنتاج البطاريات مصدر تلوث مفزع، ومع أن التجارب الأولى تبدو واعدة، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً كي تجد الخراطيش طريقها إلى رفوف المخازن الكبرى ومن ثم إلى محلات بيعها.

 

مراجع

1- سيارات المستقبل – جوردان بولاك، و هو ليسون – ترجمة شارل شميل – دار بعلبك للنشر – لبنان.

2-جديد عالم الروبوت – دافيد كارمينكان – ترجمة د. عماد الأطرش – مكتبة بيروت للطباعة والنشر – لبنان.