رمضان شهر الخيرات والبركات

ابنُ غَسَّـانَ اللَّوَّاحُ:

سالمُ بنُ غَسَّانَ بنِ راشدِ بنِ عبدِالله بنِ عليِّ اللَّوَّاحُ الخَرُوصِيُّ، ولد عامَ اثنينِ وستينَ وثمانِمئةٍ للهجرة (862هـ/ 1457م) في قريةِ ثَقْبٍ من وادي بَنِي خَرُوصٍ على سَفْحِ الجَبلِ الأَخْضَرِ، قَرَأَ القرآنَ، ثم رحلَ في طلبِ العلمِ إلى نَزْوَى، وأَخَذَ الفِقْهَ والأَدَبَ… وَماتَ سنة عشرينَ وتسعِمئةٍ للهجرةِ (920هـ/ 1514م).

(1) له قصيدة يستذكر فيها الخيرات والبركات التي كانت في شهر الصيام، ويبين أن الفراق سنة الحياة، وأن الجديد يبلى، والجموع تفترق وتتلاشى، فكذلك يجيء الفطر لينقضي الصوم المفروض، فيقول من البحر الكامل:

هذا الفراقُ، وهكذا التَّوْديعُ  مِمَّا يُقَدُّ بهِ حَشًا وَضُلوعُ
نَجِدُ اللَّهيبَ عَلى مُتونِ خُدودِنا  عندَ الوَداعِ، وَهُنَّ سِلْنَ دُمُوعُ
شَمْلٌ تَصَدَّعَ عندَ باكِرَةِ النَّوَى  لَوْلا النَّوى ما كانَ فيهِ صُدوعُ
شِيَمُ اللَّيالي هكَذا بِصُرُوفِها  يَبْلَى الجَديدُ، وَيَفْرُقُ المَجْمُوعُ
قَدْ تَرْفَعُ المَخْفُوضُ جِدًّا تارَةً  مِنَّا، وَطَوْرًا يُخْفَضُ المَرْفوعُ
كَمْ مُدْقَعٍ تَلْقاهُ دَهْقانًا، وَكَمْ  دَهْقانِها بِصُروفِها مَدْفُوعُ
تَلْقَى وَضيعَ القَوْمِ في دَرَجِ العُلا  وَرَفيعُها دونَ العَلاءِ وَضِيعُ
كُنَّا بِشَهْرِ الصومِ نَنْجَحُ عندَنا  ألَّا يَلُمَّ بِرُكْنِهِ تَصْديعُ
آهًا لَها مِنْ وَقْفَةٍ لِوَداعِهِ  فَكَأنَّها حِينٌ أُحينَ ذَرِيعُ
هذا الفِراقُ مَتى يَكونُ لَنا، أبا  فِطْرٍ لِقاكَ، ونحْنُ ثَمَّ جَميعُ
فَرَّقْتَنا مِنْ بَعْدِ ما جَمَّعْتَنا  بِسواكَ لا يُرْجَى بِهِ التجميعُ
مَحْشُوَّةٌ مِنكَ المساجِدُ بالثَّنا  للهِ؛ حيثُ بِكَ الثَّنا مَرْفوعُ
وَبِكَ الملائِكَةُ الكِرامُ بِأَرْضِنا  نَزَلَتْ، وَهُمْ بِدُعا الإِلهِ نُزُوعُ
والليلةُ المقدورُ فيها، فيكَ ما  للعامِ، فيها الضُّرُّ وَالمَنْفوعُ
فَكَأَلْفِ شَهْرٍ، يا لَها مِنْ لَيْلَةٍ  وَلَها أُتِيحَ الفائِزُ المَسْموعُ
وَلَكَمْ بِكَ البَرَكاتُ تَحْدُثُ عِنْدنا  ما دُمْتَ فِينا، فالزَّمانُ رَبيعُ
إِنَّا نُوَدِّعُكَ العَشِيَّةَ وَالحَشا  فيها الأَسَى، بعدَ الوَداعِ وَديعُ
أنتَ الشَّفيعُ لنا، فَلَيْتَ عليكَ يا  شهرَ الصيامِ عنِ الفِراقِ شَفيعُ
شهرَ الصيامِ، عليكَ أَلْفُ تَحِيَّةٍ  مِنَّا، وَحَمْدٍ مُذْ رَحَلْتَ يَضوعُ
اللهَ نَسْأَلُهُ رُجوعَكَ سالِمًا  فَعَنِ الذُّنوبِ إِذا رَجَعْتَ رُجوعُ
وَعَسى الذُّنوبُ تَفَرَّقَتْ كَفِراقِكُمْ  بِكُمُ، وَعَنَّا ثِقْلُها مَوْضوعُ
عُتِقَتْ رِجالٌ فيكَ مِنْ آصَارِها  فَأَظَلَّهُمْ بَعْدَ الجَفاءِ رَبيعُ
فَهُمُ أَطاعُوا اللهَ إِخْلاصًا لَهُ  وَلَقَدْ يَرى حُسْنَ الجَزاءِ مُطيعُ
اللهُ وَفَّقَها لِحُسْنِ صِيامِهِ  وَقِيامِهِ، لا مَغْلَثٌ وَهُجُوعُ
وَلَرُبَّ صائِمِهِ وقائِمِ لَيْلِهِ  إلا السُّهادَ جَزاؤهُ والجُوعُ
يا ليتَ شِعْري، كيفَ؟ ما حالي؟ وما  إِنِّي عليه مُوَفَّقٌ مَطْبوعُ
يا ربِّ، عَفْوَكَ، إِنَّ عَفْوَكَ واسِعٌ  إِنَّ الكريمَ لِمَنْ دَعاه سميعُ
أَدْعوكَ دَعْوَةَ خائِفٍ راجِي الرِّضَى  بِحِماكَ أَلْجَأُ، إِنَّهُ لَوَسِيعُ
فاقْبَلْ صِيامِي، لَوْ أَسَأْتُ، فأَنْتَ يا  اللهُ غَفَّارُ الذُّنوبِ بديعُ