صدر مؤخرًا كتاب بعنوان ” جنس العقل.. الاختلافات الحقيقية بين الرجال والنساء” لمؤلفيه “آن موير” و”ديفيد جيسل”، أثبتا فيه وجود اختلافات وظيفية بين أدمغة الرجال والنساء، وأرجعا عدم وصول النساء إلى مراكز القوى في العالم إلى هذا السبب. تقول النظرية الخاصة بجنس الدماغ، إن أدمغة النساء والرجال مبنية بطريقة مختلفة، وإن أدمغة الرجال أكبر قليلاً (وهذا يؤدي إلى اختلاف قليل)، ولكن توجد لدى النساء روابط أكثر بين نصفي الدماغ الكرويين، وهذا يعني إمكانية اعتماد أحد النصفين الكرويين على الآخر، بينما دماغ الذكر محكم أكثر ويعمل كقوة واحدة.
ويقرر المؤلفان أن كثيرًا من الأنماط الشائعة لكلا الجنسين، هي في الحقيقة ناشئة عن عوامل بيولوجية. فالإبداع الذكري في الميكانيكا، والرياضيات العالية، والتأليف الموسيقي، ولعب الشطرنج، كلها علامات على تفوق دماغ الذكر في القدرة على التخيل. بينما يعطي دماغ الأنثى للنساء حساسية متفوقة للصوت والرائحة والطعم واللمس. وتتعلم الفتيات استعمال اللغة في مرحلة أبكر من الأولاد، ويواصلن معالجة المعلومات اللفظية والحسية بصورة أسرع.
ويتحدث الكتاب عن حالات جرى فيها معاملة الدماغ الأنثوي بهرمون مذكر وبالعكس، كما يتضمن امتحانًا قصيرًا يعتمد على اختيار الإجابة الصحيحة من بين مجموعة إجابات معطاة، وذلك لمعرفة جنس دماغ القارئ؛ فإذا ظهرت قدرة مميزة على الحدس وذاكرة قوية للنغمات، فإن ذلك يعتبر علامة على دماغ أنثوي. أما القدرة على العودة بالسيارة إلى الخلف في موقف سيارات ضيق، والقدرة على تجاهل أصوات خلفية مثيرة، فهي علامة على دماغ ذكري. (المقال عن مجلة الجارديان، بقلم: لويزشن، ترجمة: خلدون عبد اللطيف).
الرجل والمرأة بنية تكاملية
يقول “ألكسيس كاريل” الحائز على جائزة نوبل للسلام في كتابه “الإنسان ذلك المجهول”: “إن الاختلافات بين الرجل والمرأة ليست في الشكل الخاص للأعضاء التناسلية وفي وجود الرحم والحمل، بل هي ذات طبيعة أكثر أهمية من ذلك، إن الاختلافات بينهما تنشأ من تكوين الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض. وقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة، إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليمًا واحدًا، وأن يمنحها سلطات واحدة ومسؤوليات متشابهة.. والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها، والأمر صحيح بالنسبة لأعضائها ولجهازها العصبي.
وقد أيده في ذلك “روبرت ولسلي” حيث قال: “إن المرأة والرجل جنسان مختلفان اختلافًا كاملاً وشاملاً، وإذا كنا نسلم في المساواة بينهما في الحقوق فإن المساواة بينهما في الجنس مستحيلة استحالة مادية”.
ومما كتبه “درفايني” في دائرة المعارف الكبيرة: “إن المجموع العضلي عند المرأة أقل منه كمالاً عند الرجل، وأضعف بمقدار الثلث، والقلب عند المرأة أصغر وأخف عشرين جرامًا في المتوسط، فالرجال أكثر ذكاءً وإدراكًا، والمرأة أكثر انفعالاً وتهيجًا”.
وهذا الانفعال السريع في الوجدان والرقة اللطيفة في العاطفة، والثورة القومية في المشاعر التي تجعل الجانب العاطفي لا الفكري، هو المسيطر عند المرأة، بسبب مستلزمات الأمومة التي تحتاج إلى عاطفة مشبوبة لا تفكر.
وكان مما قاله العقاد رحمه الله في كتابه “مطالعات في الكتب والحياة”: “إن المرأة تختلف عن الرجل في الكثير من الظواهر والبواطن.. في مادة الدم ونبضات القلب وعوارض التنفس، وفي سحنة الوجه وحجم الدماغ وهندام الجسم ونغم الصوت.. ولا يزعم أن المرأة هي الرجل والرجل هو المرأة إلا من ينكر الحس ويناقض البداهة. فالبداهة والخبرة ترسمان مجالاً للمرأة، هو القيام على النسل، وما هو بالعمل الهش ولا الحقير.. وترسمان للرجل مجالاً، هو عراك الحياة وشؤون السلطان وما هو بالعمل الكبير عليه، ولا هو بالنصيب الذي يحسد من أجله”.
فروق جوهرية بين عقلي الرجل والمرأة
أكدت الدراسات العلمية وجود عشرة فروق بين عقلي الرجل والمرأة، وهذه الفروق تتحكم فيها طبيعة كل منهما المختلفة عن الآخر. وتتمثل هذه الفروق في عدة أشياء منها:
في الرجل:
1- تفكير الرجل ينحصر في منطقة معينة من المخ، لذا فهو أكثر تركيزًا من المرأة.
2- عندما يحكي الرجل تجربة عاطفية، فإن مخه يتحرك أقل من المرأة بنسبة ثمانية أضعاف.
3- يعتمد الرجل على المنطق، لذا فهو أقوى في الحسابات، والمسافات، وحساب الأبعاد، والزوايا.
4- مخ الرجل أبطأ من مخ المرأة في استقبال الضوء والصوت.
5- الرجل ذاكرته أضعف بالمقارنة بذاكرة المرأة، لأن الرجل يستخدم الجانب الأيسر فقط من المخ في التفكير.
6- عند الكبر في السن (سن الستين) يفوق حجم مخ المرأة حجم مخ الرجل، مما يعني استهلاك مخ الرجل لطاقة أكبر، وبالتالي يستهلك الكثير من مخزونه.
7- الرجل لديه قدرة أكبر على القيادة وارتياد المخاطر.
8- الجانب المسؤول عن النشوة الجنسية في مخ الرجل، موجود في الجانب الأيمن، ويسمى “هايبوثالاموس” (Hypothalamus).
9- الرجل أقل تعرضًا لأمراض الاكتئاب والإحباط والانفعالات العاطفية.
أما المرأة:
أ- عندما تفكر المرأة، يشغل ذلك مخها كله، لذا فهي أقل تركيزًا من الرجل.
بـ- عندما تحكي المرأة تجربة عاطفية فإن مخها يتحرك أكثر من الرجل بثمانية أضعاف، مما يعني أن المرأة أكثر عاطفية من الرجل.
جـ- المرأة أسرع في تعلم القراءة والكتابة، بينما الرجل أبطأ في تعلم الكتابة والقراءة، حيث إن الجزء الأيسر من المخ فقط هو الذي يتلقى هذه المهارة.
د- المرأة تتفوق على الرجل في وصف الأشياء والتجارب.
هـ- المرأة ذاكرتها أقوى من الرجل، لأنها تستخدم الجانبين الأيمن والأيسر من المخ في التفكير.
و- في الكبر عندما يتفوق حجم مخ المرأة على الرجل، يجعلها ذلك تتمتع بما يسمى بـ”الحاسة السادسة”.
ز- المرأة قدرتها أقل من الرجل في ارتياد المخاطر ومواجهة الصعاب.
حـ- الجانب الأيمن من مخ المرأة، هو المسؤول عن الشعور بالنشوة الجنسية في منطقة محددة منه تسمى “الفص الصدغي أو فلقة الصدغ” (Temporal lobe) لذا فإحساس المرأة بها يختلف عن الرجل.
ط- المرأة أكثر تعرضًا لأمراض الاكتئاب والإحباط والانفعالات العاطفية.
أثبتت التحاليل الكيميائية أن نسبة البروتينات والدهون في إجمالي تركيب جسم الأولاد عند سن البلوغ هي 40% بروتين، 15% دهون، بينما النسبة نفسها في جسم البنت في السن نفسه هي 23% بروتين إلى 25% دهون، ويتم توزيع هذه الدهون الزائدة في أجسام البنات في الأطراف وحول المفاصل، لتعطي الأذرع والسيقان مظهرًا خارجيًّا ناعمًا خاليًا من تضاريس العضلات التي تظهر بوضوح في أجسام الأفراد. كما تتميز البنات بتفوق ساحق في ثلاثة من الحواس الخمسة التي يتميز بها البشر، وهي السمع واللمس والشم. وتظهر هذه الاختلافات بوضوح في الأطفال حديثي الولادة، وتستمر طول العمر.
وعند دراسة حاسة البصر وجد الباحثون اختلافات غاية في الطرافة والعجب؛ فقد وجدوا أن الذكور يتمتعون بميزة تركيز قوة الإبصار والعمق بين المرئيات في بؤرة مركز الإبصار (في التوسط فقط)، بحيث إنهم لا يكادون يرون الأشياء التي تبعد عشر مربعات فقط عن مركز الإبصار. أما في النساء فقد وجد الباحثون عندهن قدرة عجيبة لا توجد في الرجال، فبالرغم من تفوق الرجال في قوة الإبصار البؤري، فإن النساء يتمتعن باستمرار وضوح الرؤية إلى عشرين وثلاثين درجة على كل جانب من البؤرة، وهو ما نسميه (Wide palpebral vision). وقد اتفق العلماء على حقيقتين لم يعد فيهما مجال للنقاش:
الحقيقة الأولى: أنه يوجد درجة تخصص عالية في وظائف الأجزاء المختلفة من المخ عند الرجال. فإذا استؤصل جزء ما منها، فإن وظيفته تفقد تمامًا ولا يمكن لباقي أجزاء المخ تعويضها. وبالعكس عند استئصال جزء من فصوص المخ في النساء، فإننا نجد المساس بوظيفة محدودة؛ لأن وظائف المخ في النساء تتوزع على نطاق أوسع في أجزاء المخ، بل على كلا الجبهتين اليمنى واليسرى.
وتفسر هذه الدرجة العالية من التخصص أيضًا، ما نلاحظه جميعًا عندما يلعب الأطفال معًا؛ فالولد يمكنه التركيز على الشيء الذي يعمله لفترات أطول دون انقطاع، بينما يمكننا أن نصرف انتباه البنت بمنتهي السهولة عن الشيء الذي تعمله، ونجد أفكارها تقفز من فكرة إلى فكرة أخرى ومن عمل إلى عمل دون تركيز شديد، فإدراكها يحيط بما حولها بصورة أشمل وأوسع، بعكس مخ الرجل الذي لا يحيط إلا بجزء واحد من الصورة التي حوله ثم يركز عليها، وعليها فقط.
الحقيقة الثانية: التي اتفق عليها العلماء، هي أن الكوبري الكبير الذي يصل بين فصي المخ (Corpus collosum) هو أكبر حجمًا وسمكًا في النساء عنه في الرجال، وهو دليل مادي لا يمكن إنكاره على وجود اختلاف عضوي أساسي في توصيلات المخ بين الرجل والمرأة. وتتوافق هذه الحقيقة أيضًا مع ما ذكرناه عن تعاون أجزاء متعددة على الجانبين في مخ الأنثى لتأدية الوظيفة نفسها التي يؤديها جزء واحد محدد في مخ الرجال.
علاقة الرجل والمرأة علاقة تكاملية
خلاصة القول، إن حقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة في الإسلام، علاقة تكاملية وليست علاقة تنافسية، بمعنى أن كلاًّ منهما يكمل الآخر. فالإسلام ينظر إلى الرجل والمرأة على أنهما شيء واحد هو الإنسان، وأن هذا الإنسان جنسان أو جزءان متكاملان هما الرجل والمرأة، وأنهما ليسا متساويين في التكوين والقدرات، وبالتالي فيستحيل أن يتساويا في الحقوق والواجبات.
وإن من حكمة الله الخالق عز وجل أنه لم يجعل الاختلاف بين الرجل والمرأة في التكوين الجسمي والنفسي اختلاف تضاد، بل جعله اختلاف تكامل. فطبيعة الرجل الجسمانية مكملة لطبيعة المرأة، وكل منهما لا يستغني عن أن يكمّل نفسه بالآخر. ولذلك أصبح الزواج ضرورة إنسانية، نظرًا لأن الجنسين لا يمكن أن يستقل أحدهما عن الآخر. كذلك فإن بقاء الجنسين في هذه الحياة، لا يكون إلا عن طريق هذا التكامل، ولو استقل كل منهما عن الآخر ليكون منافسًا له، لفنيَ بنو الإنسان وانتهت الحياة.
إن قوة الرجل الجسمانية والنفسانية، تناسب مواجهة ظروف الحياة الخارجية للأسرة لحمايتها وتموينها، وإن ضعف المرأة الجسماني والنفساني، يناسب الطمأنينة والسكينة التي تحتاجها الأسرة في جوها الأسري الداخلي. إن المرأة ليست أقل ولا أكثر من الرجل في قيمتها الإنسانية، ولا منزلتها الإيمانية، فهما سواء في القيمة، ولكنهما مختلفان في الدور والوظيفة.
لقد اقتضت الفطرة الإنسانية أن يكون هناك تفريق بين الرجل والمرأة يتلاءم مع طبيعة المهمة الموكولة إلى كل منهما، من أجل تحقيق سعادة المجتمع وخيره، فمهمتهما بناء الأسرة وتنشئة الأجيال.. وما لذلك من أثر كبير على المجتمع بأسره قد يفوق أثر الرجل في هذا المجال، فكان البناء العضوي (الفيزيولوجي) المختلف عنه عند الرجل ولا يكابر في ذلك إلا معاند.. فلا يمكن أن تعمل المرأة مثل ما يعمل الرجل، تحت أي ظرف وفي أي مجال، دونما النظر لما يتناسب مع طبيعتها الأنثوية وتكوينها الجسمي والنفسي.. فمثلاً لا يتناسب مع المرأة أن تشتغل في بناء المنازل أو نقل البضائع أو تهيئة الطرقات أو غير ذلك، لأن ذلك لا يتناسب مع طبيعتها كأنثى.. وكذلك الرجل لا يستطيع مزاولة بعض الأعمال التي هي من اختصاصات المرأة.
(*) استشاري في طب وجراحة العيون / مصر.