علم أمراض النباتات: هو العلم الذي يُعنى بدراسة الأمراض التي تصيب النباتات من قبل الكائنات الحية الدقيقة مثل الفطريات والفيروسات والبكتريا والديدان الخيطية (النيماتودا)، وجميع هذه المُسببات هي مُسبباتٌ حيوية، بالإضافة للأمراض والشذوذات التي تصيب النباتات بسبب عوامل غير حيوية مثل التلوث والتغيرات المناخية والجفاف ونقص أو زيادة بعض العناصر الغذائية، أو حالات نقص التهوية الأرضية التي تُسبّب اختناق الجذور.
يشمل هذا العلم ليس فقط دراسة المُسببات المرضية وإنما أيضًا التفاعلات بينها وبين النباتات، وردة فعل النباتات تجاهها ومجموعة الأعراض التي تصيب النباتات وطرق السيطرة عليها ومكافحتها، كما يتطلب الإلمام بعددٍ من العلوم مثل علم النبات والكائنات الحية الدقيقة وعلوم التربة والوراثة والبستنة وغيرها الكثير.
تعتبر النباتات المصدر الرئيسي لغذاء الإنسان والكائنات الحية، وتتعرض للعديد من المخاطر والتحديات بما فيها الأمراض النباتية التي تشكل عاملاً مُحدّدًا لنمو النباتات، ما يُهدّد الأوساط البيئية بسبب الدور الذي تلعبه النباتات عامةً في الحفاظ على التوازن البيئي فيها، ولدورها الأساسي في السلاسل الغذائية، لذا من المهم التعرف على أمراض النباتات وعلاجها.
تُشكل الأمراض الناتجة عن المُسببات الفطرية 85% من مجموع الأمراض التي تصيب النباتات عامّةً، وتُتلف النباتات عن طريق قتل الخلايا وإجهاد النبات وأحيانًا عن طريق سدّ الأوعية الناقلة كما في الفطريات الوعائية التي تُعيق حركة المواد الغذائية في الأنسجة الخشبية واللحائية.
تتعدد مصادر العدوى من البذور المصابة أو التربة المصابة، وتنتقل أغلب المسببات الفطرية بالرياح وماء الري وعمليات نقل التربة المصابة وبقايا المحاصيل التي لا تُتلف بالشكل العلمي السليم، يمكن لبعض أنواع الفطور اختراق النباتات من خلال الفتحات الطبيعية للنبات (المسام والثغور) في حين تدخل بعضها الآخر من الجروح الناتجة عن التقليم أو بوساطة بعض الأنواع الحشرية الضارة
تظهر أعراض بعض المسببات الفطرية على الأوراق والأنسجة الخضرية للنبات مثل فطريات البياض الزغبي والدقيقي وأعفان الثمار والتبقعات والأصداء، في حين تُصيب بعض الأنواع الجذور مثل مُسببات عفن الجذور كفطر البوترايتس والبيثيوم وبعضها تصيب الأوعية الناقلة مثل مُسببات الذبول كالفيوزاريوم والفيرتسيليوم.
تساعد بعض الإجراءات الزراعية التي تُطبّق في برامج الإدارة المتكاملة للمحاصيل الزراعية على تخفيف الإصابات بالأمراض الفطرية وتقليل الضرر الناجم عن الإصابات
ومن أهم هذه الاجراءات:
– اختيار الأصناف النباتية المعروفة بمقاومتها وتحملها للأمراض الفطرية السائدة في المنطقة، والمطابقة بين موقع الزراعة ومُعطياته مع مُتطلبات النباتات واحتياجاتها البيئية والغذائية، فالإجهاد البيئي أو الغذائي يجعل النباتات أكثر عُرضةً وأقل تحملاً للإصابة بالأمراض الفطرية.
– تحتاج أغلب المُسببات الفطرية لأمراض النبات إلى الرطوبة الزائدة لتنمو وتتطور باستثناء عددٍ قليلٍ من الأنواع مثل فطريات البياض الدقيقي، بالتالي فإن الري بالطرق الخاطئة يزيد من احتمال ازدهار المُسببات الفطرية الممرضة للنبات وانتشارها.
– التقليم المناسب وزراعة النباتات على مسافاتٍ متناسبةٍ بما يزيد من التهوية والإضاءة في النباتات، وهو بدوره ما يُعزز النمو ويُخفّض الرطوبة ويزيد من مقاومة النباتات للأمراض الفطرية.
– إزالة الأجزاء النباتية المصابة مع أجزاء من الأنسجة السليمة والتخلص منها مباشرةً من خلال حرقها.
– تعقيم أدوات التقليم والخدمة عند استخدامها بين كلّ نباتٍ وآخر.
المجموعات الحيوانية غير الحشرية على وجه الأرض، وتشكل 15% من أنواعها آفاتٍ للنباتات، تعيش أغلبها في الترب الرطبة وتُسبّب العديد من الأضرار على مستوى الجذور، فيما يسبب البعض القليل منها أضرارًا على مستوى المجموع الخضري، وهي بغالبها ديدانٌ خيطية الشكل صغيرة الحجم لا تُرى إلا باستخدام المُكبرة أو المجهر، تتغذى على عصارة الأنسجة النباتية التي تتطفل عليها بوساطة أجزائها الفموية المتحورة بما يتناسب مع طبيعة تطفلها للنبات، فأغلبها ذات أجزاء فمويةٍ رُمحيّةٍ تُساعدها في اختراق الأنسجة الحية للنباتات العائلة.
تقضي بعض أنواع النيماتودا كلّ دورة حياتها داخل أنسجة النبات العائل وتُسمى بالطفيليات الداخلية وتكون في معزلٍ عن الكائنات الحية التي تفترسها وتتطفل عليها، في حين يعيش بعضها الآخر حياته في الوسط المحيط بالنبات ليتطفل عليها باستخدام أجزائه الفموية ما يجعلها عُرضةً للتطفل والافتراس.
مكافحة الديدان الخيطية
توجد عدة استراتيجيات للمكافحة كالتالي:
– المكافحة الحيوية باستخدام الأنواع المفترسة من النيماتودا أو الكائنات الأخرى التي تتطفل وتفترس النيماتودا من خلال إكثارها مخبريًا وإطلاقها في الترب المصابة، ولكن لم تثبت الفعالية العملية لهذه الكائنات حتى الآن.
– يمكن تقليل عدد بعض مجتمعات الديدان الخيطية الطفيلية باستخدام برامج الدورة الزراعية التي تتضمن وجود محاصيل ليست عائلةً لهذه الأنواع لكن أغلبها يتميز بالمدى العوائلي الواسع وقدرتها على التحوصل في التربة دون موتها لحين عودة النبات العائل، حيث تعود للتكاثر وتسبب الأضرار.
– تمكن المكافحة الكيميائية بالمواد المبخّرة ومبيدات الديدان الخيطية من ضبط مجتمعات الآفة لما دون عتبة الضرر الاقتصادي، لكن أغلب هذه المبيدات لها آثارٌ سلبيةٌ على البيئة وتسبب التلوث لذلك حُظرت في أغلب دول العالم.
– أفضل استراتيجيةٍ لمكافحة النيماتودا هي التعقيم بالأشعة الشمسية للمساحات المحصورة بعد تغطيتها بالبولي إيتيلين الشفاف، بحيث يتبخر الماء في التربة خلال أشهر الصيف وتقوم طبقة البولي إيتيلين بحجز البخار في بيئة النيماتودا ما يرفع من درجة حرارتها إلى الدرجة الكافية لقتل أغلب المسببات المرضية بما فيها النيماتودا وفطريات الذبول الوعائي صعبة المكافحة.