لقد زود الله تعالى الإنسان، فضلاً منه، باستعداد فطري للتعلم واكتساب العلوم والمعرفة والمهارات وغيرها مما يزيد من قدرته على تحمل مسؤولية الحياة على الأرض وعمارتها، ومما يمَكنه من تنمية قدراته ومهاراته…
يكتسب الإنسان العلم أو المعرفة من مصدرين رئيسين، هما: مصدر إلهي الذي يأتينا مباشرة عن الله تعالى عن طريق الوحي. ومصدر بشري وهو العلم الذي يتعلمه الإنسان عن طريق التربية والتعليم من المؤسسات التعليمية أو غيرها، أو عن طريق البحث العلمي.
أبرز مبادئ التعلم في القرآن.
1- توزيع عملية التعلم
لقد بينت الدراسات التجريبية التي قام بها علماء النفس المحدثون أن توزيع التعلم على فترات تفصل بينها مسافة زمنية، وتتخللها راحة، يساعد على سرعة التعلم وترسيخه في الذاكرة، وأن هذا النوع من التعلم يكون فعالاً ومجديًا من التعلم الذي يتم في فترة زمنية متصلة غير مصحوبة بفترات راحة. وقد طبق هذا المبدأ في القرآن الكريم، إذ أنه نزل على فترات متباعدة في مدة طويلة قدرها ثلاث وعشرون سنة، وقد ساعد ذلك الناس على إتقان تعلمه وحفظه وفهمه. ولو كان نزل كله دفعة واحدة لاستعصى تعلمه، وفهم ومعانيه وأغراضه: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً﴾ (الإسراء:106).
2- التدرج في تعديل السلوك
إن التخلص من بعض العادات السيئة التي استقرت في سلوكنا ليس بالأمر السهل بالنسبة لكثير من الناس، فهو يحتاج إلى إرادة قوية، وجهد كبير، ومران طويل، وهذا أمر قد لا يتحمله كثير من الناس. ولذلك فإن الطريقة المثلى للتخلص من تلك العادات أن نعمل على التخلي عنها تدريجيًّا.
أ- علاج شرب الخمر
اتبع القرآن الكريم في علاج مشكلة شرب الخمر التي كانت قد تمكنت من نفوس المسلمين منذ العصر الجاهلي، أسلوب التدرج، بدءًا من تنفير المسلمين من شرب الخمر، وتكريههم لها، دون أن يلجأ إلى تحريمها بشكل تام، ثم تدرج بهم إلى التحريم النهائي القطعي. وقد ورد ذلك في القرآن الكريم عبر مراحل على الشكل التي تشير إليه الآيات القرآنية التالية:
– المرحلة الأولى:
ذكر أن مضار الخمر أكثر من منافعها مصداقا لقوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ (البقرة:219).
– المرحلة الثانية:
الامتناع عن شرب الخمر في أوقات الصلوات الخمس: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ (النساء:43).
– المرحلة الثالثة:
الامتناع النهائي عن شرب الخمر (التحريم).
لقد جعلهم التدريب السابق مستعدين نفسيًّا للانتقال إلى المرحلة التالية وهي الامتناع نهائيًّا عن تعاطي الخمر، وذلك حينما نزلت الآية التي حرمت الخمر تحريمًا تامًّا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة:90).
إن هذا الأسلوب في التدرج في تحريم الخمر عمل على إضعاف حب المسلمين لها تدريجيًّا، وأحل محله استجابة معارضة له، هي استجابة الإعراض والمقت. وقد تمت هذه العملية تدريجيًّا، وتكللت بنجاح تام.
ب- علاج التعامل بالربا:
وقد اتبع القرآن الأسلوب ذاته في علاج الربا الذي كان شائعًا بين العرب في الجاهلية. ويمكن أن نجمل المراحل التي مرّ بها تحريم الربا في الآتي:
– المرحلة الأولى:
أبان الله تعالى عدم رضاه عن الربا، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِنْدَ اللهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ﴾ (الروم:39).
– المرحلة الثانية:
نزلت آية تحمل في طياتها وعيدًا لليهود بسبب ممارستهم للربا، وإن لم يكن نصًّا صريحًا بالتحريم: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (النساء: 160-161).
– المرحلة الثالثة:
حرّم الله تعالى الربا الفاحش الذي كان متفشيًا بين العرب في الجاهلية، وذلك بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران:130).
– المرحلة الرابعة:
حرّم الله تعالى الربا تحريمًا قاطعًا بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ (البقرة:278-279)، يتبين مما سبق أن التحريم القاطع للربا قد نزل بعد أن استقر الإيمان في قلوب المسلمين، وترسخ في أفئدتهم، واقتنعت به ألبابهم وعقولهم.
والأسلوب الذي اتبعه القرآن الكريم في علاج الخمر والربا هو التكوين التدريجي لاستجابة الإعراض والمقت لهما حتى تصل إلى درجة من القوة يمكنها أن تتغلب على استجابة النزوع إليهما.
وقد توصل بعض المعالجين النفسيين حديثًا إلى أسلوب التدرج في العلاج النفسي مستقاة من أبحاث سكنر، ويعرف هذا الأسلوب في العلاج النفسي بـــــــ(التشكيل)، وهو يشبه كثيرًا الأسلوب الذي اتبعه القرآن الكريم من قبل في علاج تعاطي الخمر والتعامل بالربا. فمثلاً، إذا أردنا أن نعلم الطفل استجابة صعبة، فإنه يمكن أن نقوم بتكوين هذه الاستجابة لديه تدريجيًّا مع تحفيزه على ذلك ببعض المحفزات، كإعطائه بعض الأشياء التي يحبها ويفضلها ويرغب في الحصول عليها.
وقد اتبع جوزف وولبه أيضًا طريقة التدرج في علاج الخوف المرتبط بأشياء معينة، وذلك عن طريق تكوين استجابة معارضة للخوف والتخلص منه، كالاسترخاء لسلسلة متدرجة من الأشياء المماثلة للشيء الأصلي المثير للخوف، ولكنها ترتب في نظام متدرج من أقلها إثارة للخوف إلى أكثرها إثارة له، وبحيث يكون الشيء الأصلي المثير للخوف والمطلوب علاج الفرد منه في أعلى السلسلة.
3- الدوافع
للدوافع أهمية كبيرة في عملية التعلم. وقد بينت دراسات كثيرة أجريت على الحيوان والإنسان أهمية الدوافع في حدوث التعلم. وقد استخدم القرآن الكريم في تربيته الروحية للمسلمين أساليب مختلفة في إثارة دوافعهم إلى التعلم. ويمكن إجمال هذه الدوافع في الآتي:
أ- إثارة الدافع بالترغيب والترهيب
لقد اهتم القرآن الكريم في دعوته إلى الإيمان بعقيدة التوحيد بإثارة دوافع الناس بترغيبهم في الثواب الذي سيحظى به المؤمنون
في نعيم الجنة، وبترهيبهم من العقاب أو العذاب الذي سيلحق بالكافرين في نار جهنم. وقد عبر القرآن عن ذلك بمجموعة من
الآيات البينات، نذكر منها يأتي:
– ﴿بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (البقرة:82- 81)
– ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ (المائدة:10-9)
– ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ، وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ (الحج:51-50)
وقد أثبتت التجارب الكثيرة التي أجراها علماء النفس المحدثون هذه الحقيقة. لأن الإنسان ميال بطبعه إلى تعلم الاستجابات أو الأفعال التي تؤدي إلى الحصول على الثواب، وإلى تجنب الاستجابات والأفعال التي تؤدي إلى الفشل والعقاب.
ب- الاستعانة بالأحداث العامة
من أبرز العوامل التي استخدمها القرآن كذلك في إثارة الدافع وقوع بعض الأحداث أو المشكلات الهامة التي تمر بالمسلمين لتعليمهم بعض العبر المفيدة لهم في حياتهم. ومن الطبيعي أن يكون المسلمون في أوقات حدوث هذه الوقائع المثيرة لوجدانهم أكثر تهيؤًا، وأكثر قبولاً لتعلم العبرة واستيعابها.
ومن أمثلة ذلك، ما حدث في غزوة حنين حينما ظن المسلمون أن قوتهم وكثرتهم ستجعلهم ينتصرون على أعدائهم فاطمأنوا لذلك، ونسوا مشيئة الله، فأراد الله تعالى أن يعلمهم أن الكثرة لا تؤدي حتمًا إلى النصر، وإنما ينصر الله من يشاء من عباده الأتقياء حتى ولو كانوا قلة. يقول الله عز وجل في هذا الشأن: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ (التوبة:26-25).
ج- إثارة الدافع بالقصص
تعتبر القصص من أهم الوسائل التي استخدمها القرآن لإثارة الدافع قصد التعلم، لما تشتمل عليه من إثارة وتشويق لدى المستمعين. وكان القرآن الكريم يبث في ثنايا القصص أغراضًا دينية عقدية، أو عبرًا وحِكمًا ذات أبعاد تربوية هادفة: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ﴾ (يوسف:111).
ومما يلاحظ في بعض قصص القرآن أنها، تارة تبدأ بذكر ملخص القصة قبل سرد تفصيلاتها كما هو واضح في قصة أصحاب الكهف، أو تبدأ بذكر عاقبة القصة ومغزاها قبل إيراد تفصيلاتها كما هو ملاحظ في قصة موسى عليه السلام، وذلك يؤدي إلى تشويق المستمعين وإثارة انتباههم لتتبع تفصيلات القصة لمعرفة كيف تحققت هذه الغاية.
إن ما يمتاز به القصص القرآني من جمال فني يجعل ورود الأغراض الدينية إلى النفس أيسر، وتأثيرها في وجدانهم أعمق.
4- عملية التكرار
مما يلاحظ من خلال كثير من الآيات القرآنية الكريمة تكرار بعض الحقائق المتعلقة بالعقيدة والأمور الغيبية كعقيدة التوحيد
والإيمان بالبعث ويوم القيامة والحساب والثواب والعقاب في الحياة الآخرة، والغرض من ذلك تثبيت تلك الحقائق في أذهان الناس. ومن أمثلة تكرار عقيدة التوحيد ما جاء في سورة النمل من تكرار عبارة: (أإله مع الله) خمس مرات حتى تثبت هذه العقيدة في الأذهان.
كما تكررت الدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد أربع مرات في سورة هود. وفي القرآن الكريم أيضًا تكرار آيات تتحدث عن
الأمور الغيبية السالفة الذكر، ويهدف من تكرارها إلى تثبيت الإيمان بها في النفوس، وإلى ترسيخها في الأفئدة.
والتكرار، عادة، يثبت التعلم سواء ما كان يتعلمه الإنسان عادة حسنة أم سيئة. وقد أشار القرآن الكريم في آيات كثيرة إلى ما عاناه الأنبياء عبر جميع الأحقاب والعصور من صعوبة في إقناع المشركين بعقيدة التوحيد بسبب تمسكهم بعبادتهم القديمة التي ترعرعوا وشبّوا عليها.
5- المشاركة الناجعة
يتضح هذا المبدأ من خلال الأسلوب الذي اتبعه القرآن الكريم في تعليم المسلمين الخصال النفسية الحميدة، والأخلاق الفاضلة عن طريق تدريبهم العملي عليها بما كلفهم القيام به من عبادات مختلفة. وقد عني القرآن الكريم عناية فائقة، إلى جانب تعليم المسلمين الإيمان والعقائد الدينية، توجيههم إلى العمل الصالح. وقد ورد الإيمان في آيات كثيرة مصحوبًا بالعمل الصالح، ومن أمثلة ذلك:
– ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (البقرة:277).
– ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (المائدة:9).
– ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ (طه:82).
وليست الممارسة العملية مهمة فقط في تعلم المهارات الحركية، بل إنها مهمة أيضًا في تعلم العلوم النظرية، وفي تعلم السلوك الخلقي والقيم وآداب السلوك الاجتماعي. وقد بينت نتائج إحدى الدراسات التجريبية أهمية المشاركة الفعالة في عملية التعلم.
6- إثارة الانتباه
يعتبر الانتباه عاملاً مهمًّا في عملية التعلم، ولذلك فإن المعلمين والمربين يحرصون دائمًا على إثارة انتباه تلاميذهم حتى يمكنهم استيعاب الدروس وفهمها وتعلمها. وقد نوه القرآن الكريم بأهمية الانتباه في استيعاب المعلومات وذلك في قوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق:37).
ويشير القرآن الكريم كذلك إلى أهمية الانتباه حينما ذكر أن القيام بعد النوم يجعل الإنسان أكثر انتباهًا لمعاني القرآن، وأكثر تفهما لها. يقول تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾ (المزمل:6).
وفي موضع آخر أشار القرآن إلى أهمية الانتباه في التعلم بقوله: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (الأعراف:204).
ومما يشد الانتباه ويسهل عملية التعلم عرض المعاني المجردة بطريقة مبسطة وموضحة وذلك بتمثيلها بأمور محسوسة حتى يمكن إدراكها وفهمها.
والقصص والأمثال في القرآن الكريم إنما هي أساليب استخدمها القرآن لتجسيد المعاني العقدية للدعوة الإسلامية وتقريبها إلى الأذهان.
إن الأسلوب القرآني الذي يتميز بالإعجاز البلاغي، والإيقاع الموسيقي إنما يهز الوجدان، ويشد إليه الانتباه. ولا شك أن ذلك يخلق في الإنسان إحساسًا بالموقف الذي يصوره القرآن مما يؤدي إلى دقة الاستيعاب والفهم.
كانت تلك، أهم المبادئ التعلمية التي أشار إليها القرآن الكريم، وهي كما لاحظ الدارسون والباحثون في القضايا التربوية أنها تنطوي على أهمية قصوى في إنجاح عملية التعلم والاكتساب العلمي والمعرفي.
حبذا لو تنبه لها علماؤنا ومدرسونا والمشتغلون في الحقل التعليمي والتربوي، وعملوا على الإفادة منها وتفعيلها في ميدان التربية والتعليم.