العمل الأخلاقي

لا شك أن العالَم المعاصر بما جلبه من أدوات، أدى بنا إلى طرق مظلمة، وجعلنا نواجه عديدًا من قضايا لا نعلم كنهها. وعلى الرغم من أننا لا نزال نكِدّ ونكدح أعوامًا طويلة على هذه الشاكلة، فإننا لم نتمكن من الوصول إلى معادلات تحقق لنا قواعد المستقبل. أجل، إن احترام الروح الإنساني يواجه أخطارًا مهمة للغاية، ولا يمكن الخلاص من هذه الأخطار إلا بمحبة الإنسان وتوقيره؛ فإن محبته وتوقيره لأنه “إنسان”، تعبير عن احترام الإنسان للخالق العظيم .

إلى محبة الإنسان وتوقيره يدعو الأستاذ فتح الله كولن في مقاله الافتتاحي لهذا العدد من حراء، يدعو إلى احترام الإنسان وتوقير الحقيقة العظمى التي ينطوي عليها، يدعو إلى حب الإنسان وتوقيره من أجل خالقه؛ مؤكدًا أن المجتمع الذي سينشأ بهذه العقلية سيعود إلى وعيه في نهاية المطاف، وسيعرف كيف يستدرك ما فاته ويعوِّضه.

إذا دعا الأستاذ كولن إلى احترام الإنسان للوصول إلى معادلات تحقق لنا قواعد المستقبل، فقد تحدث “ناصر أحمد سنه” عن “أخلاقيات تحري بصمة الوجه” لهذا الإنسان، وعن المخاوف الشخصية المرتبطة بحدود الخصوصية، ومدى الالتزام باحترام بيانات بصمة الوجه هذه، في الحقل التكنولوجي.

لا شك أن القراءة هي العمل الأخلاقي الأبرز في حياة الإنسان، ليستنير ويزداد وعيًا، ويتعلم كيف يفكر، ومن ثم يوسع مداركه وقدراته ليفيد الآخرين ويستفيد منهم. فـ”القراءة حياة أخرى نعيشها” مقال أدبي أتحفنا به “محمد السقا عيد” في هذا العدد.

وعلى العلم والأدب والمعرفة والأخلاق تربعت الحضارة الإسلامية التي تركت للبشرية ذخرًا ثقافيًّا واسعًا، وقيمًا إنسانية رفيعة يجب العض عليها بالنواجذ.. هذا ما تناول “محمد فتحي فرج” جانبًا منه في مقاله المعنون بـ”المخطوطات العربية وكيفية الحفاظ عليها”.

أما عن “الفطرة ومنهج التلقي” فقد أشار “عبد الرحيم باحمو” إلى أن القلب إذا استيقظ من الغفلة وبُعثت فيه الحياة، انعكس ذلك على السلوك، فتخلق بأخلاق القرآن وتحقق بها، وخرج به صاحبه إلى الناس يحمل رسالة القرآن، وترقى إلى منازل الإيمان، وانتقل من الصلاح إلى الإصلاح.

وأما “عاطف يرولماز” فقد تحدث عن موضوع علمي دار حول “صلة النحلة بالزهرة” الوثيقة، مشيرًا إلى التعاون العجيب والتوازن التام بين هذين المخلوقين في هذا الكون الشاسع. 

هذا إلى جانب مجموعة من المقالات العلمية والفكرية والحضارية والتربوية، لا تقل أهمية عن المقالات التي أشرنا إليها، نرجو أن يجد فيها قراؤنا الأعزاء ما تشتهه عقولهم وقلوبهم، والله ولي التوفيق.