علي الرغم من أننا قطعنا شوطًا كبيرًا في فهمنا لحقيقة أجسامنا وكيفية عملها، لكننا في الحقيقة مازال أمامنا الكثير والكثير الذي لم نعرفه عنها، فهناك أجهزة تحويها أجسامنا، ولا نعلم عنها الكثير، وتطلعنا الأبحاث التي لا تتوقف في هذا المجال ليل نهار عما يستجد من معلومات عنها، لكن مازال بداخلنا الكثير والكثير من الأسرار التي لم تكتشف بعد، ومن هذه الألغاز:
الدماغ البشري
يتباهى البشر في هذا العصر بما حققوه من إنجازات علمية وتقنية في شتى المجالات وخاصة في مجال أنظمة الاتصالات وأجهزة الحاسوب وشبكات المعلومات وشبكات الطاقة الكهربائية. ولكن إذا ما شرحت لمن يتباهى بهذه الإنجازات تركيب وطريقة عمل الدماغ أو أي عضو من أعضاء جسمه فإن مباهاته سرعان ما تتلاشى ويرتد إليه طرفه وهو حسير.
ولقد اعترف العلماء بأن التعقيد الموجود في تركيب الدماغ لا يوجد ولن يوجد في أعقد الأجهزة الإلكترونية التي اخترعها الإنسان، بل إن أحدهم قد قال إنه لو تم جمع جميع الحواسيب في العالم وتم ضغطها لتكون بحجم دماغ الإنسان فلن يصل تعقيد مكوناتها تعقيد مكونات الدماغ.
أما الوظائف التي يقوم بها الدماغ فإن البشر لا زالوا يقفون عاجزين عن اختراع أجهزة تقوم بمثل هذه الوظائف، وعلى القارئ أن يقارن بين الحركات التي يمكن أن يقوم بها جسم الإنسان مع تلك التي يقوم بها الإنسان الآلي أو الروبوت وبين قدرة الدماغ على التعرف على ملايين الأشياء التي شاهدها لمرة واحدة وبين فشل الحواسيب الجبارة على التعرف على أبسط الأشياء.
أما قدرة الدماغ على تمكين الإنسان من الإحساس بوجوده وبمشاعره وعواطفه فلا أعتقد أن العلماء سيفكرون يوما من الأيام في تصنيع أجهزة تقلده في فعل ذلك.
فالدماغ أكبر وأعقد ألغاز الجسم البشري علي الإطلاق هو الدماغ، فهو عبارة عن شبكة واسعة في غاية التعقيد مكونة من مليارات الروابط العصبية تقوم بإدارة وتنظيم أجسامنا بشكل يعجز عنه أي تقدم تكنولوجي وصل إليه العالم، وحتى يومنا الحالي وربما إلى نهاية العالم مازال المدي الكامل للعقل البشري وطريقة عمله غير مفهومه بالكامل، ولا زلنا في رحلة ليس لها نهاية في الكشف عن أسراره.
ذاكرة الانسان
أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، من هذه النعم نعمة الذاكرة، تلك النعمة التي لا يكاد يستغني عنها الإنسان في أيّة لحظة من لحظات عمره، بل يحتاجها في كل شأن من شئون حياته. فبالذاكرة يستطيع الإنسان تذكر ما مرّ به من أسماء الأشياء، وبالذاكرة يستطيع كذلك أن يتذكر ما مرّ به من أمور وحوادث، وبالتالي فالذاكرة ضروريّة جدّا لكل قرار يتخذه الإنسان لحاضره أو لمستقبله، فالإنسان بدون ذاكرة كالطفل الوليد لا يدري ما يدور حوله من أمور يجهل وسطه المحيط.
ويمكن للذاكرة البشرية تذكر أكثر من 20 – 100 ألف كلمة بالإضافة إلى تعلم اللغات المختلفة والعادات اليومية والهوايات وأصول العمل وأداء الواجبات وغيرها من الأحداث والأعمال اليومية التي يقوم بها الإنسان بصورة دورية. إن الذاكرة ليست سوى شجرة متواصلة النمو تتغذى بالمعلومات الجديدة، فقط علينا أن نحاول من وقت لآخر أن نشذب فروعها، وأن نزيل بعض أغصانها الجافة والهشة التي لا داعي لها… ما هي الذاكرة؟ أين مركزها؟ وكيف تتم عملية التذكر؟ ما هي آليتها؟ أسئلة أخرى محيرة لا نهاية لها تجعل الإنسان يقول إن العقل يعجز عن إدراك كيف يدرك وعن فهم كيف يفهم؟
لماذا نحتاج إلى النوم؟
لقد أجرى العلماء محاولات عديدة لمعرفة السبب الحقيقي لحاجة الناس للنوم، لكن لا يزال العلماء عاجزين عن تقديم إجابة نهائية واحدة، فقد ألقت نتائج علم النوم بعض الضوء على تعقيدات مراحل النوم ونشاط الدماغ، لكن يبقى ما عرضته هو مجرد قطعة واحدة من حل للغز متزايد النمو. وهذا الأمر لا يساعدنا لأننا لا نمتلك الكثير للمقارنة بيننا وبين الحيوانات التي لها أنماط نوم ونشاطات دماغ مختلفة عن الانسان، وهو ما يزيد غموض فهمنا للنوم. أيضا لفهم النوم بشكل كامل، يحتاج علماء النوم إلى معرفة أعمق للعمليات العصبية الحيوية في الدماغ أثناء دورات اليقظة والنوم. لماذا نحتاج إلى النوم؟ قد يبدو سؤالًا بسيطًا، لكن الجواب أكثر تعقيدًا مما نعتقد.
الأحلام
إن ما يراه الإنسان النائم من مرائي، وما يأتيه من أخبار وأوامر، تعتبر من الألغاز القديمة والتحديات الباقية للعقل البشري، ولكل ما أوتي الإنسان من وسائل المعرفة والبحث..، لا تزال الأحلام خافية حتى على العلماء ذوي الاختصاص، وقد شرق المحللون وغربوا بحثًا عن أسبابها وماهيتها، و رغم أن الإنسان يقضي ساعتين في الأحلام كل ليلة، أي ما يعادل حوالي ستة أعوام خلال حياته، إلا أن عالم الأحلام ما زال من أكثر الأمور غموضاً بالنسبة له..، إنه عالم كان وما زال مثار اهتمام الإنسان على مر العصور والأزمان ، ويستمر التحدي.
دموع الانسان
لم تكن الدموع في يوم من الأيام دليل ضعف ولا استكانة ولكنها دائما وأبدا تظل رمزا للنبل الإنساني في أرقى مشاعره والتعبير عنه. فالدموع تحمي القرنية وتعالج الاكتئاب وتجعل العين جميلة، ومن لا تدمع عيونه يصاب بجفاف العين وبالتالي يحتاج إلى العلاج. والدموع أنواع.. ودموع الرجل غير دموع المرأة.
تأمل هذه السوائل التى تخرج من مآقينا حينما تُلم بنا الأفراح والأتراح؟ ما كنهها وما حقيقتها؟ إنها ليست إلا سائلاً غامضاً يجعل البريق في عيوننا يستمر، إنها الدموع … وما أدراك ما الدموع؟ لقد أجريت الأبحاث الحديثة على هذا السائل لفهم تركيبه ومحتوياته ومازال العلم يخبئ في جعبته الكثير والكثير عنه مما لا نعرفه.
هذه القطرات المتلألئة التى تترقرق في العين عندما تجيش النفس بشتى الانفعالات، هل خلقت عبثاً؟ لماذا نبكي ومتى نبكي؟ أمور لا نعرفها عن الدموع.
بصمات الأصابع
تعرف “البصمة” بصفة عامة بأنها ذلك الخاتم الإلهي الذي ميز الله تعالى به كل إنسان عن غيره بحيث أصبح لكل إنسان خاتمه (بصمته) المميزة له في الصوت والرائحة والعينين والأذن والشعر.. الخ. ولست أقصد بالبصمة “بصمة الإبهام” فقط تلك التى تحدى الله تعالى بها البشر كافة حيث لا يمكن لبصمة الإبهام أن تتشابه أو تتماثل في شخصين في العالم حتى التوائم المتماثلة التي أصلها من بويضة واحدة، لكن أقصد كل أنواع البصمات الأخرى مثل “البصمة الجينية” و”بصمة العين” و”بصمة العرق” و”بصمة الصوت” و”بصمة الشفاه” المخ، الأذن، الشعر…الخ. إن ما يحدث بالنسبة لتكوين البصمات شيء عجيب، إذ كيف تتنوع وتتشكل البصمات، بل كيف تتنوع وتتشكل الوجوه والأجسام، وكيف تتباين الألوان والصفات، فكلها آيات لله في خلقه … آيات أذن الله سبحانه وتعالى لنا أن ندرك بعض مظاهرها مسبحين بحمده، مؤمنين بقدرته وعظمته وكماله سبحانه وتعالى.
إن الإنسان كله بصمات، فبصماته توجد في اليد والقدم والشفتين والأذنين والدم واللعاب والشعر والعيون … وغيرها. لقد كانت البصمة ولا تزال سراً من أسرار عظمة الله عز وجل في خلقه.
صوت الانسان
الأصوات كالبصمات لا تتطابق، فكل منا يولد بصوت فريد مختلف عن الآخر وإلا كيف سيكون شكل الحياة إن كانت أصوات البشر متطابقة بلا أي اختلاف؟ فلا تميّز بين من يناديك باسمك، وسيكون الأمر غريبًا، فالكل له ذات الصوت! لهذا السبب خلق الله لكل منا صوته الفريد. والأغرب من ذلك أن التوائم على الرغم من تطابقهم في كل شيء ليس فقط على الصعيد المادي المحسوس، ولكن أيضا في الشكل والطول ولون الشعر والعينين، والصعيد المعنوي أيضا إلا انه تختلف أصواتهم. فكما يستحيل تطابق بصمتي إصبعين لإنسانين مختلفين فإنه من المستحيل تطابق بصمتي صوت لشخصين مختلفين. ولولا أنَّ الله عزَّ وجلَّ أودع فينا القدرة على التفريق بين النبرات في الأصوات لما كان لهذا الاختلاف معنى، لو تشابهت الصور والنبرات لالتبس الأمر على الناس، ولو اختلفت الصور والنبرات ولم نملك القدرة على التفريق لالتبس الأمر على الناس، فلا بدَّ من الاختلاف في الصور والنبرات، ولا بدَّ من القدرة على التفريق… إنه إعجاز رباني يفوق تخيل العقل البشرى المحدود! وسيظل عالم الصوت المثير هذا ميدان بحث دائم لكثير من المجالات والتي تظهر كل يوم الجديد والغريب في هذا المجال..، وهذا ما ستكشفه لنا الأيام المقبلة بإذن الله تعالي.
حاسة الشم
إن أنف الإنسان مليئة بالعجائب والقدرات، ولعل أكثر الأنوف التي تلفت الانتباه هي أنوف خبراء الروائح والعطور حيث اكتسب بعض هؤلاء الخبراء القدرة على تمييز حوالي عشرة آلاف رائحة. فهؤلاء الخبراء يمكنهم تمييز أنواع زيت اللافندر من بعضها بل والبلد الذي زرع فيه والمعمل الذي وقد أوضحت الدراسات التشريحية المقارنة أن المساحة الشمية في التجويف الأنفي في الإنسان تبلغ حوالي 3سم2على كل من الجانبين. كل جانب من تجويفي الأنف يحتوي على 5 مليون خلية حسية شمية لكن مساحة هذه المنطقة في الكلاب تبلغ 18 سم2 وفى القطط 21سم2.
إن حاسة الشم هي الحاسة الوحيدة التي لا زال العلماء يجهلون الطريقة التي تعمل من خلالها واقترحوا نظريات كثيرة حول طريقة عملها. فبعض النظريات تقول إنه يوجد ما يقرب من ألف نوع من خلايا الشم الحساسة لمختلف أنواع المواد الكيميائية وهي قادرة على تمييز ما يزيد عن عشرة آلاف رائحة مختلفة. بينما يقول علماء آخرون أن هناك سبعة أنواع من مستقبلات الشم تستجيب لسبعة أنواع من الروائح الأولية. وتعتبر حاسة الشم أكثر غموضاً من الحواس البشرية الأخرى، كما أن المعلومات المتعلقة بها أقل بكثير عما هو معروف عن تلك الحواس، ومازال العلماء يبحثون للوصول إلى حل هذا الغموض.
وبعد، فهذه بعض الألغاز والأسرار العلمية التي مازالت تقض مضجع العلماء، والتي يجهد العلماء أنفسهم ليل نهار للكشف عما خفي منها في أجسامنا.