عز الدين عناية في حوار “أرفض الترجمة للمتربّصين بحضارتي”

(حراء أونلاين) أجرى الصحفي شوقي بن حسين حوارًا مع الدكتور عز الدين عناية أجاب فيه عن بعض الأسئلة منها العقبات التي تواجه المترجم وكيف تكون الترجمة صحيحة لغويا، وعلاقة المترجم بالكاتب الذي يترجم له.

– نبذة عن الدكتور عز الدين عناية

عزالدين عناية تونسي من مواليد 1966 بسوسة، أستاذ بجامعة روما، صدر تحت إشرافه أكثر من خمسين عملا من الإيطالية. له جملة من الترجمات المنشورة منها: “المنمنمات الإسلامية” لماريا فونتانا، 2015؛ “السوق الدينية في الغرب”، لمجموعة من المؤلفين، 2012؛ “علم الاجتماع الديني” لسابينو آكوافيفا، 2011؛ “علم الأديان” لميشال مسلان، 2009.

– كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟

راعني النقص الفادح في مراجع الأديان لمّا كنت طالبًا في “جامعة الزيتونة”، فانهمكت حينها في ترجمة كتاب “علم الأديان” للفرنسي ميشال مسلان وأهديته قصدًا إلى الزيتونة والقرويين والنجف والأزهر، ومازلت إلى اليوم أتابع تشعبّات الملل والنِّحل، طورًا في علم الاجتماع الديني وتارة في الاستهواد (علم اليهوديات) وأخرى في أصناف المسيحيات.

– ما هي آخر الترجمات التي نشرتها وماذا تترجم الآن؟

آخر ترجمة نشرتها كتاب “تخيّل بابل” للإيطالي ماريو ليفِراني، وهو مؤلف تاريخي ضخم أتممته في مدة وجيزة، حتى أني من فرط ما انغمست فيه أن روحي غدت وكأنها طلَل من أطلال تلك العاديات. وما أعكف عليه في الراهن كتاب في سوسيولوجيا الأديان، يعالج قضايا تفجرات المقدس، وما أحوجنا إلى نبراس في هذا الليل البهيم.

– ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟

أن يتسرّب الوهن إليه جراء الخراب الذي يجتاح بلاد العرب فيموت التحفز فيه أو يتلاشى.

– هناك قول بأن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟

قمتُ بتحرير أكثر من خمسين كتابًا مترجمًا من الإيطالية، ومع ذلك ترجماتي يتكفّل بتحريرها محرّر.

– كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟

نشرت ترجماتي لدى دور مختلفة، تربطني بأصحابها علاقات مودة، لعلّ ذلك لأني متطهر من أوهام الكتّاب وراض بما كتب الله لي. فقد نشرت دُزّينة أو أكثر من الترجمات الإيطالية وهي من اختياري ولا دخل للناشر فيها.

– هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟

ربما المحدد السياسي لاختياراتي في الترجمة أن يكون النص تنويريًّا إنسانيًّا وألاّ ينخرط في ترويج الخرافة واللامعقول والزيف. كما أن موقف الكاتب الذي أترجم له يهمّني وأرفض أن أترجِم للمتربّصين بحضارتي.

– كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟

بعضهم رفقاء درب، لأن بيننا شبَهاً في التفكير والمسار ورؤية العالم.

-كثيرًا ما يكون المترجم العربي كاتبًا، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟

قياسًا على المثل الإيطالي “يولد المرء شهمًا ولا يصير” كذلك “يولد المرء مترجمًا ولا يصبح”، فالمترجم الآتي من خارج دائرة الإبداع هو كالعاشق بدون معشوقة. وعلاقة الترجمة بالبحث والكتابة هي علاقة تكامل، كلّما أوغلتُ في براري البحث إلاّ واختزلت الطريق بالترجمات.

-كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟

لا تعنيني البتّة، ليس يأسا منها كما يئس الكفار من أصحاب القبور، ولكن لأني حين أترجم تتملّكني لوثة شبيهة بما عبّر عنه إبراهيم بن أدهم في ذلك القول المأثور: “لو علم الملوك ما نحن فيه لقاتلونا عليه”.

– الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟

بعض مؤسسات الترجمة في بلاد العرب هي مؤسسات جادة وحازمة على غرار “مشروع كلمة” في أبوظبي، و”المركز القومي للترجمة” في مصر، و”المنظمة العربية للترجمة” في لبنان، في حين ثمة غيرها هي هدْرٌ للمال العام وأكذوبة كبيرة باسم الترجمة.

– ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟

ليس لدي قواعد سوى ما تعارف عليه التراجمة؛ ولكن من عادتي حين أترجم أن أصغي بإمعان إلى الذكر الحكيم.

– كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟

لم أندم على نص ترجمته ولكن حزنت على نص أنجزته ثم فقدته، صادره البوليس السياسي من محل سكناي في تونس، وهو نص لغوستاف مونشينغ حول “تاريخ علم الأديان”، وذلك في زمن سيئ الذكر المخلوع (ز.ع.ب.ع).

– ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟

أن نُشفع الترجمة بنقد الترجمة وبذلك يمكن الحديث عن توطين منجز الترجمة، أمّا حلمي فأن أساهم في ردم الهوة التي تفصل الثقافة العربية عن الثقافة الإيطالية، فلم نترجم من إنتاج تلك الثقافة سوى 400 عمل لا غير طيلة تاريخ اللغتين.