أجُورُ السُّنَن:
لما كانت حركة الدنيا تسير وفق نواميس منضبطة وسنن ثابتة، فإن الله قد جعل لكل سبب نتيجة حسنة أو سيئة، والنتائج الحسنة هي أجور يعطيها الله لمن أحسن استثمار الأسباب وتوظيف السُّنن، سواء كان مؤمناً أو غير مؤمن، ولهذا قال تعالى عن إبراهيم:(وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين).
أما الآخرة فهي دار جزاء وثواب، حيث تُضاعف الأجور بلا حساب، بينما في الدنيا هناك قدر من التكافؤ بين العمل والجزاء أو بين المقدمات والنتائج، ولذلك أطلق الله على الجزاء مصطلح (أجر) !
استيفاءُ الأسباب:
في عالم الشهادة ينبغي للمؤمن أن يملأ كافة المساحات بالأسباب المطلوبة لتحقيق النتائج المنشودة، ولا ينبغي أن يدفعه إيمانه لترك فراغات للغيب دون تسبب، فهذا خليل الله إبراهيم بعدما عرف أن الملائكة ذاهبون إلى قوم لوط لإهلاكهم قال لهم: (إنّ فيها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فيها)، فحرصُه على استيفاء ما عليه؛ دفعه إلى قول ذلك، مع علمه أنهم مرسلون من قبل الله وأن الله بكل شيء عليم.
أقدارُ الأسباب:
إن مراعاة الأنبياء للأسباب تأتي بسبب إدراكهم أنها من قدر الله.
ونرى مدى التزام الخليل إبراهيم بالأسباب في حواره مع الملائكة:
( قالوا: لا تَوْجَل إنّا نبشرك بغلام عليم. قال: أبَشّرتموني على أن مسّنيَ الكِبَر فبِمَ تُبشرون)، (الحجر: 53-) ولم يكن إبراهيم يائساً كما تشير الآيتان التاليتان للآية السابقة، لكنه أبان عن معرفة عميقة بطبيعة عمل الأسباب.
مراعاةُ الأسباب:
لم يكن التوكل عند الأنبياء والعلماء ينتقص من أخذهم بالأسباب، وحتى عندما دعوا الله سبحانه وتعالى بأن يهبهم أشياء هي من المعجزات والكرامات الخارقة للأسباب والقوانين والعادات، فإنهم يستغربون عندما تحدث، كما قال زكريا: (قال ربِّ أنّى يكون لي غلامٌ وقد بلغنيَ الكِبَر وامرأتي عاقر).