من تضاريس الجلال

لم يَحْلُ لي من بعد وجهك منظرُ
كل الدُّنا عَرَضٌ، وأنت الجوهرُ
طال الزمانُ، فقصرت أيامُه
وأمام وجهِك كلّ طولٍ يقْصُرُ
آتي إليك يلفّني حبلُ الأسي
ومدامعي من حُرقتي تتحدّرُ
فأطوفُ حولك، أستحيلُ قصيدةً
في كل أُفْقٍ للروائعِ تبحرُ
يُطوى الزمانُ قديمُهُ، وجديدُهُ
فتلوحُ من كل الجهاتِ الأعْصُرُ
فأرى النبيَّ جلالةً، ومهابةً
وأرى المبادئ كُلّ يوم تُنْصَرُ
وبلالُ يعلنُ للبطاحِ نشيدَهُ
اللهُ من كل الخلائقِ أكبرُ
فتهشُّ مكةُ للنشيدِ يشدُّها
طُهْرُ الكلامِ ومستواه المبهرُ
وأظلُّ أقرأُ في شموخك لوحةً
أبعادُها مثلُ التُّقى لا تُحْصَرُ
شاخ الزمانُ، وأنت في حُللِ الصّبا
تزهو فلا تبلى، ولا تتغيّر
نهرُ البياض إلى يديك مصبُّهُ
بالحبِّ والشوق المغرّر يزخرُ
تعبتْ خطى الأحبابِ وهي مشوقةٌ
ووقفتَ ترقبُ ركبَهم لا تفتُرُ
تغشاك من حُلَلِ السوادِ مهابةٌ
لغةٌ من النمطِ المحككِ تسحرُ
فكأنّك العين التي تحتفُّها
أهدابُها، وجبالُ مكةَ مِحْجرُ
قِطَعُ الرُّخامِ، الصبحُ، أثوابُ الهُدى
الحِجْرُ، زمزمُ، المقامُ، المنبرُ
صوتُ المؤذِّنِ والقناديلُ التي
خشعَتْ أكُّفُهُمُ إذا ما كبَّروا
من مقلتيك يهلُّ مُزْنُ عقيدةٍ
طينُ القلوبِ به نديٌّ مثمِرُ
وعلى مآذنك الشموخُ محلِّقٌ
والمجدُ من أطرافِ ثوبِك يُظفرُ
ستظلُّ في العينين أبهى صورة
في القلبِ تورِقُ بالضياءِ وتزهِرُ
ويظلُّ يُعْذرُ بعضُ من قد قصّروا
ومتى يقصّرُ بعضُنا لا يُعْذَرُ