اليوم عرفة، وغدا أضحى. العيد أيام فرح وسعادة.. ملتقى أحزان وأفراح.. أيام طهر وجمال.. أيام إخلاص وإتقان. في العيد يظهر الإنسان الفرح ولو كان حزينا. لكن هل سنكون في هذا العيد سعداء حقا؟ أو كيف يكون عيدنا سعيدا؟
العيد لا يمنحنا الفرح والسعادة فقط، بل يمنحنا القوة كذلك. يجتمع الناس في صف واحد، يصلي الجد مع الحفيد والصديق مع الصديق.
هناك فوضى، حقد، عداوة، حرب، فتنة، فساد، ظلم، وانتهاك حقوق في كل مكان. إذن كيف نعيش العيد فرحين سعداء؟ العيد هو انطلاق الحياة من جديد. لكن أين هي الأعياد القديمة؟
نحوّل وجوهنا إلى اليمين فنرى حريقا وإلى اليسار فنرى فوضى وظلاما:” احمل مطافيك كلها وسارع.. حريق حريق! سارع ولا تبطئ وإلا عمَّ في الدنيا الحريق! سارع.. فالريح هائجة تنفخ النيران تُضْرِم ألسنةَ اللهيب! سارع.. فصمت الموت يَثْوي في الضمائر والنفوس!” (1).
كيف يمكن أن نسترد السعادة من جديد حتى نعيش عيدا سعيدا؟
في العيد نشتاق إلى طفولتنا. تلك كانت أيام ابتسام وحبور. عندما يكبر جسمنا ويتقدم عمرنا ويكبر عقلنا تصغر عواطفُنا.
مع مرور الوقت نتبنى عادات جديدة كالحسد، والكذب، وسلوكيات سيئة أخرى.
هل يسترعي انتباهنا أن أهل الصحبة والمحبة يهجروننا بسرعة، ويملأ الفراغ الذي يتركونه سياسيون، ومعلنون، ومولات كبيرة، وشبكات اجتماعية، حتى الأدعية تتغير؛ اللهم لا تسلط علينا ظالمين. في السابق كانت علاقات الناس فيما بينهم أقوى.
إن الظروف القاسية تجعل الإنسان يملّ الحياة. لكن في نفس الوقت هذه الظروف تربي الإنسان.
إن الصلاة في الليل تداوي جروح قلب الإنسان. وهكذا الطفولة تداوي جروح الإنسان. العيد طفولة الأمة، قلب الزمان بل أجمل ساعة في الزمان.
يزول التعب الجسدي بسهولة، لكن التعب الروحي ليس كذلك. لا يزول التعب الروحي بسهولة، وإن زال فإنه يترك وراءه آثارًا وجروحًا.
إن الصلاة في الليل تداوي جروح قلب الإنسان. وهكذا الطفولة تداوي جروح الإنسان. العيد طفولة الأمة، قلب الزمان بل أجمل ساعة في الزمان.
العيد لا يمنحنا الفرح والسعادة فقط، بل يمنحنا القوة كذلك. يجتمع الناس في صف واحد، يصلي الجد مع الحفيد والصديق مع الصديق.
الصور التي تصلنا عبر شبكة التواصل الاجتماعي من أنحاء العالم تكون بصيص الأمل لنا فنقول: “ما أكثر الأحبة في العالم”. يا لها من بركة ورحمة تعم كل مكان.
إذا أردنا أن نعيش عيدًا سعيدًا أو إذا أردنا أن نسترد سعادة العيد من جديد، علينا أن نؤسس سلاما بيننا. علينا أن نهتم بقيم الإنسان وتربية الإنسان، وألا نحيد عن العدالة، وأن نتجنب انتهاك حقوق الناس، وأهم من ذلك كما قال الحسن البصري رحمه الله: كل يوم لا تعصي الله فيه فهو عيد.
(1) مجلة حراء العدد 61 – ألوان وظلال – فتح الله كولن
*كاتب وباحث تركي